من الواضح أن هناك خلطا لدى كثير من المسلمين بين الإنسان المتدين، والآخر الذي يستخدم الدين لأهداف ومنافع شخصية، وهذا الخلط هو النافذة التي دلف منها «تنظيم الإخوان»، وتغلغل في كل مناحي الحياة، وأنصار الإسلام السياسي، والذين يمثلهم تنظيم الإخوان المسلمين خير تمثيل، يعملون بشكل منظم، وغالبا ما تكون قاعدتهم العريضة من البسطاء، والذين يوجهونهم كيفما شاؤوا لتحقيق أجنداتهم الخاصة، ويسلطونهم على خصومهم، لأنهم غالبا أجبن من أن يدخلوا في حوار، وهم، ومريدوهم أفجر الناس في الخصومة، ولا يتورعون عن ارتكاب الموبقات ضد من يختلف معهم، ويكشف زيفهم، وحتى عندما وصلوا إلى كرسي الحكم في مصر بمساعدة أمريكية، لم يستطيعوا التخلص من عاداتهم الأزلية، كالاستحواذ، والتمكين، والفجور في الخصومة، وهو ما أدى بهم إلى المصير الذي نشهده الآن. كتبت قبل أكثر من عام ونصف عن الحلف الوثيق بين أمريكا، والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، والذي بدأ منذ عام 2006، وقلت، حتى قبل أن يتم انتخاب الرئيس مرسي، إن وصول الإخوان للحكم هو رغبة أمريكية، وقيل حينها إن أمريكا ركبت موجة الثورة «العفوية»!، وكأن الإمبراطورية الأمريكية دولة من دول العالم الثالث تتخذ القرارات العاجلة دون تدبر، ثم اتضح مقدار الدعم الكامل من إدارة الرئيس اوباما للتنظيم، وكان هذا واضحا خلال أزمة الإعلان الدستوري، وما سبقه، وما تبعه من قرارات كارثية أعادت مصر قرونا إلى الوراء، وثبت حينها أن أمريكا تقف قلبا وقالبا مع التنظيم، ولم لا، فقد اتخذ الرئيس مرسي من القرارات في أشهر، ما لم يفعله الرئيس السابق مبارك في عقود، وليس هدم معابر غزة عنا ببعيد، وهاهي أمريكا تحاول كل جهدها دعم الرئيس مرسي، مع أن معظم أطياف الشعب المصري خرجت إلى الميادين مطالبة برحيله. في عام 2011، استبقت أمريكا ثورة حقيقية على نظام مبارك، والذي ورط نفسه في قضايا كثيرة أغضبت الشارع المصري، كان أهمها قضية التوريث، فدعمت ثورة يناير بكل قوة، وطالبت مبارك بالرحيل، وذلك لعلمها أن تنظيم الإخوان كان الحزب الوحيد، المنظم، والقادر على الفوز، ولنتذكر المحادثات التي سبقت ذلك بسنوات!، بين الإدارة الأمريكية، والتنظيم، ولم تدرك في أسوأ كوابيسها أن التنظيم الذي ترتكز مبادئه على الإقصاء، والتمكين، سيخفق في حكم بلد كمصر، اشتهر بالتسامح، والتعددية، والتعايش السلمي، ولذا حصل ما كانت تخشاه أمريكا، فقد ثار الشعب بكل أطيافه، عدا أعضاء تنظيم الإخوان، ضد الرئيس مرسي، ومرشده، وجماعته، ومن يتابع أحداث ثورة 30 يونيو يدرك أن ما يحصل ليس مجرد معارضة، بل كراهية لتنظيم، اعتقد أن الدعم الأمريكي وحده سيكون ضمانة كافية له، ليمكن نفسه في الحكم إلى ما لا نهاية، دون إدراك منه أن الشعب الذي ثار مرة، سيثور مرات حتى يحصل على ما يريد، ويثبت مرة، بعد مرة أن «السذاجة السياسية» هي العنوان البارز لتنظيم الإخوان المسلمين. نقلا عن الجزيرة