بناءً على توجيهات ولي العهد..دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض    مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمذنب ينظم مبادرة تنظيف وادي مظيفير    المملكة والبيئة.. من الوعي إلى الإنجاز في خدمة كوكب الأرض    الطيران المدني تُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر مارس الماضي    الموارد البشرية: مخالفة 15 مكتب استقدام في الربع الأول لعام 2025م    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى مجددًا    صدور موافقة خادم الحرمين على منح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية ل 102 مواطنٍ ومقيمٍ لتبرعهم بالدم 50 مرة    أوقية الذهب ترتفع الى 3335.39 دولارًا    جامعة بيشة تدخل لأول مرة تصنيف التايمز الآسيوي 2025    رياح سطحية تحد من مدى الرؤية الأفقية على أجزاء من عدة مناطق بالمملكة    رالي جميل 2025 ينطلق رسمياً من الأردن    1024 فعالية في مهرجان الشارقة القرائي    ختام مسابقة القرآن الوزارية بالمسجد الحرام    الشرع: لا تهديد من أراضينا وواشنطن مطالبة برفع العقوبات    خارطة طموحة للاستدامة.."أرامكو": صفقات محلية وعالمية في صناعة وتسويق الطاقة    أعادت الإثارة إلى منافسات الجولف العالمي: أرامكو.. شراكة إستراتيجية مع فريق آستون مارتن للسباقات    ولي العهد وملك الأردن يناقشان مستجدات أوضاع المنطقة    في ختام الجولة 29 من دوري روشن.. القادسية يرفض الخسارة.. والأخدود يتقدم    الجدعان مؤكداً خلال "الطاولة المستديرة" بواشنطن: المملكة بيئة محفزة للمستثمرين وشراكة القطاع الخاص    الرجيب يحتفل بزواج «إبراهيم وعبدالعزيز»    المالكي يحصد الماجستير    تكريم متقاعدي المختبر في جدة    ملك الأردن يصل جدة    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    جامعة الفيصل تحتفي بتخريج طلاب "الدراسات العليا"    ناقش مع الدوسري تعزيز الخطاب الإعلامي المسؤول .. أمير المدينة: مهتمون بتبني مشاريع إعلامية تنموية تبرز تطور المنطقة    فصول مبكرة من الثقافة والترفيه.. قصة راديو وتلفزيون أرامكو    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    منصة توفّر خدمات الإبلاغ عن الأوقاف المجهولة والنظار المخالفين    وادي حنيفة.. تنمية مستدامة    إطلاق 33 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد    جائزة محمد بن صالح بن سلطان تنظم ملتقى خدمات ذوي الإعاقة    غرامة (50,000) ريال والسجن للمتأخرين عن الإبلاغ عمن انتهت تأشيرتهم    إيران تندد بالعقوبات الأميركية قبيل جولة المحادثات الثالثة    من يلو إلى روشن.. نيوم يكتب التاريخ    انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة    الدمام تستضيف تصفيات غرب آسيا لكرة الطاولة    كأس الاتحاد للكرة الطائرة.. النصر يواجه الاتحاد .. والهلال يقابل الفائز من الابتسام والصفا    «الأدب» تدشن جناح الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الجائزة تحمل رسالة عظيمة    حماية العلامات التجارية في السعودية    كشمير: هجوم مسلح على سياح يردي 26 قتيلاً    منجزاتنا ضد النسيان    تَذكُّرُ النِّعم    لا مواقع لأئمة الحرمين والخطباء في التواصل الاجتماعي    التصلب الحدبي.. فهم واحتواء    نحو فتاة واعية بدينها، معتزة بوطنها: لقاء تربوي وطني لفرع الإفتاء بجازان في مؤسسة رعاية الفتيات    "واعي جازان" يحتفي بروّاد العطاء ويُكرّم شركاء النجاح        كشمير: تعزيزات أمنية واسعة ومطاردة منفذي هجوم بيساران    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال55 من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسل عمر.. الدراما والسياسة
نشر في الوكاد يوم 28 - 07 - 2012

جدل جديد سبق رمضان ومسلسلاته كالعادة، وهذه السنة كان محور هذا الجدل - وما زال - هو مسلسل عمر، هذا المسلسل الذي يشكل نقلة في تاريخ الدراما العربية من جرأة الموضوع إلى ضخامة الإنتاج وصولا إلى سعة انتشار غير مسبوق لعمل درامي حيث يعرض العمل الآن على عدد من القنوات العربية في قطر ولبنان وتونس والجزائر، ومدبلجا أو مترجما في إندونيسيا وتركيا وبعض وسائل الإعلام الفرنسية الخاصة الموجهة للعرب والمسلمين، وبعد رمضان في ماليزيا، ثم في الولايات المتحدة الأميركية لاحقا، وأحسب أنه أول مسلسل عربي تتم ترجمته أو دبلجته للغات أخرى.
من الواضح أن جدل الحل والحرمة محل اختلاف في كافة تفاصيله الكبرى والصغرى، وطروحات بعض المانعين حين تتجه للتهويل والتضخيم لا تبين إلا عن مدى ضعف موقفها الفقهي، ولهذا تتجه للتصعيد الوعظي، وأوضح من هذا أن مسلسل عمر ليس بحثا تاريخيا ولا سيرة نبوية ولا دراسة تراثية إنه عمل درامي فيه شيء من كل ما مضى، وفيه رؤية للكاتب تنتقل فيها الشخوص والنصوص ويمارس فيها الإسقاط ونحوه لخدمة تلك الرؤية.
جلي لأي متابع لهذا الجدل، الذي يدور منذ سنوات أن بعض الوعاظ يستهدف قنوات ال«إم بي سي» تحديدا، فهم يخرجون في قنوات تعرض بعض ما تعتذر ال«إم بي سي» عن عرضه ثم يصدرون من هناك فتاوى ضد ال«إم بي سي» ولا ينبسون ببنت شفة على القنوات التي يظهرون فيها، وللنفوس حاجات وأغراض يمكن فهمها، فالبعض يهاجمها دينيا لأنه يتمنى الحصول على برنامج فيها، ولا يقدر. والبعض حاقد على قوة تأثيرها وسعة انتشارها وهو يعتقد أنه يجب أن يكون مصدر التوجيه الجماعي الوحيد.
إن الدراما التي عبر عنها المسرح بتاريخه العتيق تحولت مع بدايات القرن العشرين لصناعة أبلغ تأثيرا وأوسع انتشارا عبر السينما، ولئن كان «اعتبار السينما مجرد سلعة مخاطرة كبرى» فذلك لأنها، قبل كل شيء أثر فكري وأثر ترفيهي وثقافي، وأكثر من هذا لقد بات أثرها السياسي بالغا ومهما.
لقد كانت قيادات الثورة البلشفية الروسية واعية بتلك الأهمية السياسية لتأثير الدراما عبر السينما وذلك من لينين إلى ستالين، ففي 1922 قال لينين إن «السينما، بين كل الفنون، هي الأهم بالنسبة لروسيا» وفي 1924 حذر ستالين بقوله: «السينما أكبر وسيلة للتحريك الجماهيري»، وقد كانت هذه المواقف قبل اختراع التلفزيون الذي أدخل الأعمال السينمائية والدرامية لكل بيت.
تعيش المنطقة منذ عقود صراعا سياسيا بين الثورة الإسلامية في إيران، ودول الخليج وعلى رأسها السعودية وهو صراع تداخلت فيه عوامل الدين والسياسة، والطائفة والمذهب، وطموحات النفوذ ومدافعات السيادة، واتسعت رقعته لتنتشر مكانا وزمانا حيثما وجدت المصلحة واختلفت الغايات، وبما للدراما من مكانة مؤثرة فهي حين تدخل الصراع السياسي يكون توظيفها واستخدامها سياسيا عبر التوجيه والترويج لهذه الرواية أو تلك الرؤية، وهي بطبيعتها تبلغ ما لا يبلغه كتاب، ولا يصل إليه بحث أو مقال، فجمهورها العريض فيه شرائح غير معنية بمتابعة الأخبار والتحليلات فضلا عن قراءة تحتاج جهدا ووقتا.
في خلفية هذا الصراع يكمن المعطى الطائفي بين السنة والشيعة الذي له حضور سياسي وديني كبيرين في المشهد الإقليمي، ولكن هذا السياق يوجب التركيز على فارق مهم، هو أن المذهب الشيعي الذي تعتمد عليه إيران هو مذهب في الأصل يبجل الصور ويصنع منها لوحات خالدة، كما يعتمد طقوسا دينية تمثيلية درامية لاستحضار التاريخ في المناسبات التي يقدسها مثل مقتل علي والحسين، وإذا كان مدار المذهب السني هو الشرع وما يجب وما لا يجب فعله في الإسلام، فإن «مناط المذهب الشيعي هو الشعائر والعاطفة والدراما».. (صحوة الشيعة ص54).
لقد مهد عمق التجربة الدرامية لدى المذهب الشيعي وانعدام الممانعة لإيران الطريق للقيام بتطوير صناعة درامية متميزة في شكلها العام، وخطيرة حين تتناول الجانب الديني، فإيران تنتج منذ سنوات دراما دينية تؤرخ للديانات عبر وجهة نظرها المذهبية، فأنتجت أعمالا تتناول عددا من الأنبياء والشخصيات الدينية الإبراهيمية، وهي متجهة بالتأكيد لإنتاج عمل يصل للإسلام ورواية تاريخه الأول والأساس عبر رؤيتها وقراءتها، وذلك بغرض توظيفه أيديولجيا والأهم سياسيا.
فكريا وثقافيا لسنا بحاجة لتأكيد أن الطائفية مرفوضة جملة وتفصيلا، ومن حق كل مذهب سرد رؤيته، وروايته الدينية كما يشاء ولكن سياسيا يختلف الأمر وبخاصة حين يصبح ذلك السرد سلاحا في معركة النفوذ وحرب الهيمنة التي لم تترك إيران سهما منها في كنانتها إلا استخدمته حتى وصلت أخيرا للدراما، فرض الطائفية لا يوجب سذاجة سياسية.
في التاريخ الحديث تخوف الاتحاد السوفياتي من السينما ولكن الولايات المتحدة الأميركية حولتها إلى قوة جديدة تضاف لعناصر القوة التي تمتلكها، فبثت من خلالها قيمها الحضارية ومبادئها وأفكارها، والأهم سياساتها، وروايتها للتاريخ الحديث وطبيعة الصراعات الدولية منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية، ثم الحرب الباردة وصولا إلى صراعات اليوم كبيرها وصغيرها.
مع نسب الأمية العالية والقراءة المتدنية التي لم تزل الإحصائيات الموثقة تؤكدها في العالم العربي يثور سؤال هام هو: هل ثمة تأثير سياسي لمن يروي تاريخ الإسلام في هذه المرحلة لأكبر شريحة يمكن استهدافها عبر الدراما؟ وهل يمكن لمن يفعل ذلك أن يصنع فارقا سياسيا يخدم مصالحه على الأرض اليوم؟ أم أنّ الأمر لا يعدو مجرد صراع لاهوتي ليس له أثر على الواقع؟
الأثر السياسي للدراما لا يمكن إنكاره، وصناعة الفارق تكون في الوصول لأكبر شريحة لترسيخ الرؤية والمنطلق، وكم تم تحويل الصراعات اللاهوتية إلى عوامل سياسية كبرى في التاريخ القديم والحديث.
تقود إيران منذ عقود عمليات تشييع طائفي ومذهبي مع عمليات تشييع سياسي، في الأولى يمكن رصد صراع المرجعيات والولاءات بين ولاية الفقيه وأتباعها، وبعض مراجع الشيعة الرافضين لها والمتمسكين بالتشيع القديم، وكذلك الترويج لمزيد من التقارب مع المذهب الزيدي، وفي الثانية برعت إيران في جذب كثير من جماعات الإسلام السياسي ورموزه لخدمة مشروعها تحت شعارات الجهاد والمقاومة والممانعة، رغم مكافحة المؤسسات الدينية التقليدية لهذا المد مثل الأزهر وغيره.
عرض مسلسل عمر، وذهبت الاحتجاجات الوعظية أدراج الرياح، ولكن صراعات السياسة باقية ما بقي البشر وتناقضت مصالحهم.
نقلا عن الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.