استبق الرئيس اوباما نتنياهو بخطاب استعرض فيه السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط , والصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين فيما يخص استحقاق الدولة الفلسطينية القادمة ,وأراد اوباما عبر هذا الخطاب أن يطمئن الفلسطينيين قليلا حول إقامة الدولة فلسطينية على حدود العام 1967 مع إمكانية مبادلة أراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون التطرق لموضوع عاصمة الدولة الفلسطينية أو مستقبل القدس في ظل إقامة الدولة الفلسطينية أو حتى ادني إشارة للقضايا الوضع النهائي , وقد يكون الرئيس اوباما قصد هذا من خلال التعرض لفكرة الدولة الفلسطينية فقط ليطمئن الفلسطينيين بأن الولاياتالمتحدة ليست ضد دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 و لكن على الفلسطينيين تقبل بعض الأمور التي تضمن امن إسرائيل , ويبدوا الخطاب مجرد رسالة تطمين للقيادة الفلسطينية لا أكثر ولا اقل وفي نفس الوقت عبارة بين قوسين لنتنياهو بأن يخفض من سياسة اللاءات التي يتبعها في التعامل مع الصراع و بالأخص قبل أن يلتقي الاثنان لتحديد مداخل السلام القادم, وتأتي رسالة التطمين هذه للفلسطينيين وهم بصدد الوصول إلى الأممالمتحدة في أيلول القادم ولتفتح في نفس الوقت باب التفاوض بين الطرفين لتوفر الولاياتالمتحدة على نفسها سيناريوهات صعبة أمام الدولة الفلسطينية وبالتالي تعتقد الولاياتالمتحدة أنها ستشرع من الآن فصاعدا بلعب دور أكثر ايجابية في الصراع عبر رعاية مفاوضات مكثفة تنتهي بدولة فلسطينية كما أعلن اوباما, لكن كيف يتفاوض الفلسطينيين دون وقف للاستيطان ؟ و دون قبول نتنياهو بالموقف الفلسطيني الموحد ؟ و دون قبول نتنياهو بأفكار اوباما لحل الصراع؟ لقد عقد الفلسطينيين العزم على ألا تفاوض في ظل الاستيطان وبالتالي لن يتفاوض الفلسطينيين على خلفية التطمين الاوبامي الأخير دون وقف للاستيطان أو دون تعهد الأمريكيين بالسعي لكبح التطرف الاستيطاني الإسرائيلي قبل عملية التفاوض و خاصة أن إسرائيل استبقت خطاب اوباما بالإعلان على قائد لسان وزير الجيش بالشروع ببناء أكثر من ألف وست مائة وحدة سكنية جديدة في الأحياء الاستيطانية، 'بسغات زئيف' وجبل أبو غنيم 'هار حوما' في القدسالشرقية, ولم يكن هذا الاستفزاز الإسرائيلي لسياسة أمريكا الداعية إلى وقف الاستيطان ليري السلام النور في المنطقة وإنما كعادتها حكومة التطرف الصهيوني تستبق أي لقاء أمريكي و كان الطرفين متفقين على هذا الاستفزاز لتبدوا أمريكا عاجزة عن الضغط المشروع لوقف الاستيطان الإسرائيلي بالقدس والضفة الغربية المحتلتين. لن يغير نتنياهو تطرفه الحاد و معارضته الشروع في مفاوضات بلا استيطان ,ولن يقبل بعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم ,ولن يقبل بالقدس عاصمة الدولة الفلسطينية إلا بالقوة , وهذه للاءات من شأنها أن تمنع الفلسطينيين من التفاوض مع الإسرائيليين تحت أي مسمي حتى لو كانت هذه رغبة الولاياتالمتحدةالأمريكية , لذا فان الدور الهام للإدارة الأمريكية دور صعب ومعقد يتطلب موقف أمريكي حاسم واستخدام ضغط غير معهود على إسرائيل لتقبل حكومة نتنياهو التفاوض بلا استيطان وتقبل التفاوض على أساس دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران و إلا فأن المنطقة ستدخل مرحلة معقدة من مراحل الصراع تكون فيها الكلمة للجماهير المنتفضة والتي ستدعم بتحركها التحرك الفلسطيني نحو الأممالمتحدة للحصول على استحقاق الدولة الفلسطينية في أيلول القادم وعندها لن تستطيع الولاياتالمتحدة راعية الديمقراطية والتغير الديمقراطي بالعالم العربي أن تعري نفسها أكثر من ذلك بالوقوف في وجه الدعم الدولي المتواصل للفلسطينيين لإقامة دولتهم , ومن هنا فأن اوباما بات يبحث عن مخرج بعد حالة التعنت الإسرائيلي وعدم قبولها المقترحات الأمريكية التي تبناها ,وبعد إخفاق إدارة اوباما في إقناع نتنياهو بأفضلية التفاوض مع الفلسطينيين على أساس المبادئ التي تبناها في خطابه قبل قدوم نتنياهو لواشنطن . مع هذا التعقيد في الموقف بين نتنياهو و اوباما كما هو متوقع بسبب عدم تنازل نتنياهو عن بعض استحقاقات التفاوض بحجة المصالحة الفلسطينية و خطورة القبول بالانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967 وعدم الاقتناع بعودة اللاجئين حسب تصور نتنياهو ,فان الدور الأمريكي يصبح غاية في التعقيد , ولم يبقي إلا ثلاث خيارات أمام اوباما أولها أن تسعي أمريكا لإسقاط حكومة نتنياهو وخاصة بعدما غضب اوباما وأحرجه من قبل نتنياهو في البيت الأبيض و بالتالي تسقط سياسة التطرف وتخلق قيادة إسرائيلية تقبل بمشروع الدولتين وتسارع في تحقيق السلام من خلال دولتين بالمنطقة و ,ثانيها أن تتوافق الولاياتالمتحدة مع العالم وتدعم قرار الأممالمتحدة باعتبار فلسطين عضو في الأممالمتحدة وبالتالي تعترف بحقها في دولة شرعية على حدود معترف بها ضمن حدود العام 1967, و ثالثها أن يتراجع السيد اوباما عن تصريحاته و يعتبر أن السلام بالمنطقة كان أصعب من ما تتصوره إدارته و يؤجل حل الدولتين إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة خاص بالوكاد