مسافة قصيرة من الوقت تفصلنا عن أيلول المقبل , التاريخ الذي سيعلن فيه العالم رسميا قبول الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 ,وبين أيار القادم وأيلول تشتد الحرب السياسية الدائرة بين الفلسطينيين بقيادة الرئيس أبو مازن و نتنياهو المتطرف الصهيوني وهو الذي يجند كل ما لديه من خطط خبيثة وغير خبيثة لإعاقة وصول القيادة الفلسطينية بأمان إلى أروقة الأممالمتحدة وبالتالي إجهاض الدولة الفلسطينية, ويبدو أن الجميع بدأ يجهز لجولة النهاية ,فقد تحرك الرئيس أبو مازن منذ فترة طويلة بدبلوماسية فلسطينية واضحة وبشكل واسع على العديد من الجبهات ,الأوروبية والأمريكية ,وبالطبع بدأت القصة تدخل في أفاق الاستحقاق الطبيعي والذي تقره الشرائع الدولية مع اعتراف العديد من أنصار الحق الفلسطيني بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وهذا ما وضع نتنياهو والإدارة الأمريكية في زاوية النقد الدولي وبدا اعتبارهم الجهات الوحيدة التي تعيق تقدم عملية السلام التي تفضي إلى الدولة الفلسطينية , وكانت إشارات ايجابية عديدة التي تلقاها الفلسطينيين من العالم جاءت أخرها من خارجية فرنسا على لسان وزيرها بأن فرنسا أبلغت الرئيس أبو مازن خلال زيارته لفرنسا أن فرنسا تبارك الدولة الفلسطينية القادمة ,وجاءت إشارات أخري من الاتحاد الأوروبي بأنه غير راض تماما على الموقف الحالي لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبالتالي فإن دول الاتحاد ستعترف بالدولة الفلسطينية في الخريف القادم , فقد ذكرت صحيفة " لوس أنجلس تايمز" قبل أيام نقلا عن عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين والأميركيين في إسرائيل قولهم إن الرباعية التي تضم الولاياتالمتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأممالمتحدة ستعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية, إذا ما تقدم الفلسطينيين بمبادرة إلى الأممالمتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وهذا ما يعتبره نتنياهو إجراء من جانب واحد , لكن الضغط الأوروبي اليوم متواصل على نتنياهو ليقدم خطة سلام ممكن قبل هذا التاريخ ليوفر على الاتحاد الأوروبي مسائلة الحرج مع الفلسطينيين والمجتمع الدولة المنادي بعدالة الحلول السلمية في أزمة الشرق الأوسط. لهذا فان هناك خطط تعد لإعاقة التحرك الفلسطيني وهي عبارة عن خطط سلام غير ممكن , فقد بدأ نتنياهو يجهز لخطة سلام مزعوم منذ فترة طويلة ينوي عرضها أمام الكونجرس الأمريكي و بالمقابل فإن الرئيس الأمريكي يخطط لإنقاذ هذا السيناريو إن فشل , واليوم عرض البيت الأبيض عن نية اوباما التقدم بخطة سلام أخرى يتضمن أربع مبادئ أساسية أولها قيام الدولة الفلسطينية والقدس عاصمة للدولتين والتخلي عن مبدأ حق العودة إلى داخل ما سماه بأراضي إسرائيل , ومع هذه المبادئ بدأت حركة اوكازيون أمريكي إسرائيلي لإغراء الفلسطينيين بالقبول بأي خطة كانت مقابل إلغاء فكرة مبادرة الأممالمتحدة , وهناك خطة أخرى و لكنها متروكة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية لتحرق غزة بالبارود والفسفور من جديد تحدت ذريعة الإرهاب. إن كانت خطة اوباما للسلام أو خطة نتنياهو التي تتضمن موافقة إسرائيل على قيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة دون القدس ,أو حتى مؤتمر السلام الجديد الذي سيكون قبل الخريف أيضا, فأنها مجرد خطط فارغة لن توصل الفلسطينيين إلى أبواب الدولة الحقيقية التي تحظي بالشرعية الدولية , وما هذه الخطط إلا من باب الإغراءات لتفادي مواجهة أمريكا وإسرائيل مع الشرعية الدولية والتي ستؤثر سلبا على مصداقية السياسة الأمريكية ودورها في حل الصراع الطويل إذا ما استمر تحيز البيت الأبيض لصالح إسرائيل , وإذا أحجمت أمريكا عن استخدام ضغط ما على التطرف الإسرائيلي ليقبل على السلام الحقيقي برغبة حقيقية يوقف معها كل برامج الاستيطان والتهويد المستمرة بشكل متغول. لعل أمريكا ستخلق فرصة لنتنياهو ليقدم خطة سلام تأمل من القيادة الفلسطينية قبولها مع إبقاء الباب مواربا لخطط أخرى تنقذ الدور الأمريكي في قضية الشرق الأوسط , لذا فإن واشنطن أبقت لنفسها الخطة البديلة لتقدم من خلالها شكلا معدلا من الحلول توصل لدولة فلسطينية تقارب التصور والطموح الفلسطيني وبذلك يوافق الفلسطينيين الدخول في مفاوضات على هذا الإطار دون التقدم بالمشروع إلى الأممالمتحدة , وهذا يعتبر اخطر تبادل للأدوار بين واشنطن وإسرائيل ضمن سياسة الانحياز الكامل لصالح إسرائيل حتى بتطرفها الحالي. إن كانت هذه مجرد خطط لمواجهة التحرك الدبلوماسي الفلسطيني المتقدم نحو الأممالمتحدة , فان الخطة الفلسطينية المقابلة أكثر قوة ووضوحا وعلى مستوي عال من المصداقية لان البرنامج الفلسطيني للسلام العادل والدولة الفلسطينية وصل كافة دول العالم من خلال التحرك المكثف الذي قادة الرئيس أبو مازن خلال الفترة الماضية وحتى الآن كان مؤثرا و ايجابيا , ولعل أيار القادم سيسجل فشلا حقيقيا لسياسة إسرائيل في إدارة ملف السلام مع الفلسطينيين , و إن أصرت إدارة البيت الأبيض مواصلة التحيز لإسرائيل فان إدارة اوباما ستفشل أيضا في إدارة ملف السلام في منطقة الشرق الأوسط , عندها سيصل الجميع إلى استحقاق أيلول الفلسطيني وستقدم القيادة الفلسطينية مبادرتها إلى الأممالمتحدة والمتوقع أن يحصل الفلسطينيين بالإجماع على اعتراف الأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية و ستعترف باقي دول العالم بهذه الدولة وستنتصر الدبلوماسية الفلسطينية لان الدولة الفلسطينية قضية حق والاحتلال قضية باطل وزائل مهما طال الزمن. خاص بالوكاد