الآن علي ألا أستغرب ولا أتساءل: لماذا ملفات المرأة السعودية "محلك سِر"!! وأن مسيرة الإصلاح في ملفاتها الساخنة في أدراج المسؤولين والوزارات بطيئة ولا تبارح خطوة إلا وتعود خطوات إلى الوراء؛ أقول ذلك لأني أدركت وبالدليل القاطع عبر مقطع معالي وزير الخدمة المدنية مع المهندسين، ونشرته "الوطن"، حين طالبهم بعدم التجمع كالنساء، فما دامت هذه النظرة للسعوديات والتي تؤدي إلى الاستخفاف بدورهن وعدم الإيمان بكفاءتهن وبالتالي مشاركتهن في بناء الوطن موجودة و"معشعشة" في وعي وأذهان بعض المسؤولين رفيعي المستوى بالوزارات كأصحاب المعالي، وأقول أصحاب المعالي لأن الأيام الماضية حملت لنا فيها الصحف بعض هذه "القفشات" المماثلة؛ إذ لا ننسى تصريح معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين في صحيفة الحياة بتاريخ 2 أبريل الحالي حين قال "الخصوصية الموجودة لدى المجتمع السعودي توجب أن يتم اقتصار تدريب الفتيات على مهن محدودة يتفوقن فيها على الشبان كمهنة الطبخ"، ولا أعلم لماذا وقف تفوقهن في تصريحه على الطبخ؟! ولماذا لم يتذكر معاليه مثالا غير الطبخ؟! بل كيف تناسى أن الطبخ بات أشهر من يجيده هم الطباخون الرجال، وبالتالي لم يعد حكرا على المرأة، وكيف تناسى عالمات سعوديات تجاوزن التفوق في المطبخ إلى المختبر كخولة الكريع وغادة المطيري وحياة سندي وإلهام أبو الجدايل وفاتن خورشيد وغيرهن، ليكن رائدات دوليات بمجالات دقيقة لم يصلها الرجل الذي كفلت له الخصوصية استنادا على تصريح معاليه كافة المجالات! واسمحوا لي بالقول إن هذا التصريح لا يختلف أبدا عما جاء في حديث معالي وزير الخدمة المدنية محمد الفايز حين شبه المهندسين بالنساء في تجمعهم، فكلاهما يحمل ذات النظرة عن المرأة السعودية، ولا يدركان ما وصلت إليه النساء السعوديات رغم تعقيد حياتهن في المجتمع بأنظمة لا تعترف بمواطنتهن التي كفلها لهن الدين وعقّدتها عادات وتقاليد نسجتها ثقافة ذكورية جعلت منها قانونا شرعيا بعيدا عن الدين الأغر. وبصراحة شديدة، ما دام هذا التفكير تجاه المرأة موجودا على مستوى مسؤولين رفيعي المستوى هم موكلون بنقل الصورة والصوت لولاة الأمر بما ينبغي فعله تجاه المرأة السعودية، كي تتقدم وتتطور وتبني وتشارك في المجتمع السعودي؛ فلا عزاء إذن في تأخر مسيرة الإصلاح التي تعزز مشاركة المرأة الوطنية! لا عزاء على بطء الخطوات التي تكفل حقوقها الشرعية في التصويت والترشح بالمجالس البلدية! لا عزاء على بقاء ملفاتها الإنسانية الساخنة كالعضل وزواج الطفلات وسلب إرثها والمعلقات وأبناء السعوديات من أجانب! لا عزاء على تأخر قرار قيادتها للسيارة رغم الحاجة الوطنية الملحة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا! لا عزاء على محاربة لقمة عيشها بفتح مجالات عمل نزيهة وشريفة لها.. لا عزاء.. لا عزاء.. لا عزاء، فقط أجاب أصحاب المعالي والسعادة عن تبرير غلق الأبواب بوجهها بقرارات تؤخر مسيرة الإصلاح في قضاياها بأن خصوصية المجتمع السعودي ترفض.. وأفراد المجتمع غير مستعدين.. فالمسألة ليست مسألة مجتمع بل مسؤولين ما زالوا لا يرون تفوقها إلا في المطبخ ومطالبتها بحقوقها المدنية سببا للاستنقاص من رجولة رجال كانت النساء أمهات لهم. نقلا عن الوطن السعوديو