المذيعة المتألقة في البرنامج الأوربي والكاتبة في جريدة عرب نيوز، الصديقة العزيزة سمر فطاني صدر لها كتاب باللغة الانجليزية، لكن من حسن حظي وحظ قراء العربية أمثالي أنها أصدرت منه نسخة باللغة العربية! الكتاب بعنوان « تحديات الإصلاح في المملكة العربية السعودية» من القطع المتوسط 128صفحة، قسمته إلى أربعة موضوعات رئيسية: الإصلاح، المرأة، الشباب،سبل العبور للمستقبل، وخاتمة. القضايا التي تناولتها الصديقة سمر في كتابها الشيق، واجهت تحديات من المجتمع أو من التيار الديني المتشدد، قضايا شائكة ومازالت تواجه نفس التحديات رغم إصرار الدولة ممثلة في ولاة الأمر وبعض الوزراء إنفاذ الإصلاح! لأن القضية من وجهة نظر سمر تحتاج إلى تكاتف الجهود بين الدولة والمجتمع، لماذا؟ الجواب في المقالة الثانية بعنوان» لن تستطيع الحكومة إصلاح المجتمع بمفردها» مستندة على محاضرة عن الاعتدال وأثره على حياة المسلمين ألقاها معالي الشيخ صالح عبد العزيز وزير الشئون الإسلامية والأوقاف أكد فيها «حاجتنا للتصرف بشكل معتدل بعيدا عن التطرف والتكيف مع ما تتعرض له أمتنا من متغيرات هائلة، ومن واجبنا أن نتفهم طبيعة بيئتنا المحيطة بنا والواقع الذي نحياه « فهي نصيحة حكيمة من رجل حكيم كما تقول سمر وتوجهها للمتشددين الذين يعرقلون مسيرة الإصلاح المباركة، تقول: « أحد العوائق الرئيسية التي تعوق مسيرتنا نحو التقدم تتمثل في قانون الفصل الصارم الذي فرضوه على المجتمع، ذلك القانون الذي صعب الحياة بالنسبة للرجل والمرأة والطفل على حد سواء» ذلك لأن الرجال والنساء ممنوعون من العمل معا بسبب « افتقارهم إلى النضج الانفعالي» الذي يوفر التفهم والاحترام! وهي تستشهد بما يصدر من مراهقينا من مشكلات ومضايقات في الأسواق والطرقات لأنها الأماكن الوحيدة التي يجتمعون فيها معا، ولأنهم يفتقرون للخبرة في التفاعل مع بعضهم البعض فتحدث المشكلات» لقد حان الوقت لنعترف جميعا بأن قوانين الفصل ليست حماية للأخلاق» الإصلاح من خلال التعديل الوزاري الذي اعتبرته بارقة أمل، كما أن الإصلاح لا يتم إلا بمشاركة المجتمع مع الحكومة، وإعادة النظر في دراسة قوانين الشريعة، الاعتراف بمواطن القصور خطوة أولى نحو إصلاح تعليمي ناجح. تناولت قضايا المرأة بشفافية وجرأة ، اليوم العالمي للمرأة، تمكين المرأة، محاكم الأسرة، مأزق حصول المرأة على الاهتمام المستحق، حقوق المرأة في المملكة، حديث عن الوضع الراهن من أجل التقدم، ضمان حصول المرأة على حقها في التعبير» رغم صداقتي لسمر منذ انضمامنا معا لصالون المها الأدبي وترافقنا في عدد من الرحلات والأنشطة إلا أني لم أكن أدرك أن قلم سمر بتلك الرشاقة والقوة والجرأة الأدبية، لم أكتشف كل هذا التألق الذهني وهذا الحب الجارف للوطن والمجتمع إلا وأنا أوغل القراءة في الكتاب بحماس وشوق، لأن طبيعة سمر « الرايقة» تخفي كل هذا الصخب الفكري المتدفق على الورق. لن تكفي هذه المساحة عرض الكتاب بشكل جيد ولا حتى عرض أهم الأفكار، وهذا مرهق جدا لمن أراد أن يوجز كتابا في مقالة كما أفعل الآن، لأن كل أفكار سمر استهوتني، كل الموضوعات شدتني، كل هذا التحدي الذي صوبته سمر للتحديات التي تعرقل مسيرة الإصلاح، بقوة وجزالة استهواني لأنقل لكم شيئا منه» إذا كان منا من يتوهم اليوم أننا نستطيع تأجيل تلك التغيرات التي تفرض نفسها علينا بإلحاح إلى الغد فإنني أقول لهم إنه عندما يأتي ذلك الغد قد يكون الأوان قد فات، وعندها لن نملك إلا أن نعض أناملنا من الندم على عدم اغتنامنا لما أتيح أمامنا وأمام صغارنا من فرص للقيام بتلك الاختيارات الصحيحة»