أصبح من الشائع أن نرى ونسمع المطالبات بتطبيق مبادئ وأساسات الحكم الرشيد في مختلف مناشط الحياة الحديثة, وسبق أن تحدثنا عن مدى حاجة القطاع الخيري إلى تطبيق مفاهيم وممارسات الحوكمة، أو ما يعرف في قطاع الأعمال بحوكمة الشركات. وبحكم أن المؤسسات الرياضية والثقافية تعدان من ضمن الجهات غير الهادفة إلى تحقيق الربح المادي non-profit organisation، فإن الحاجة تصبح ملحة لضمان أن هذه المؤسسات تسير وفقا لمبادئ العدالة والشفافية والنفع المستديم. المؤسسات الرياضية والثقافية يقع عليها عبء كبير في احتواء الشباب وتوجيه طاقاتهم للإنتاج النافع، ومن هذا المنطلق حرصت الدولة حفظها الله على منح هذه الجهات رعاية واهتماما استثنائيين. أيضا فالرئاسة العامة لرعاية الشباب تسخر كل إمكاناتها لتحقيق هذه الأهداف الجليلة، فالمملكة تنفق بسخاء على ''الرئاسة'' والجهات التابعة لها، وما ينقصنا هو ضمان أن هذا الإنفاق يُسخر بفاعلية لتحقيق الأهداف المرسومة. منحت الدولة هذه المؤسسات الشبابية عديدا من الميزات وأنفقت عليها بسخاء في الموازنات السابقة، إضافة إلى تضمينها في الدعم الكريم الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين لأبنائه, الذي تزامن مع عودته حفظه الله من الرحلة العلاجية، الذي تمثل في منح كل ناد أدبي مبلغ عشرة ملايين ريال، كما راوحت منحة الأندية الرياضية بين عشرة ومليونين حسب درجة النادي (وفقا ل ''الاقتصادية'' الإلكترونية 23 فبراير 2011). تعاني بعض المؤسسات الرياضية مشكلات توافر المبالغ اللازمة للارتقاء بخدمات المجتمع المحلي، كما تعاني بعض هذه المؤسسات ضعف الإمكانات الإدارية التي تسهم في رسم صورة مستقبلية تسير عليها المؤسسة لتحقيق الأهداف المحددة سلفا. وبالنظر إلى هذه الأندية وطريقة إدارتها نرى أنها في حاجة إلى مأسسة وتنظيم، حتى ترفع من فاعلية استغلال الموارد المكتسبة. وهذه الأمور لا تتحقق إلا من خلال نظام محكم وعادل للإدارة، وهو ما يمكن الحصول عليه من خلال تطبيق مبادئ وممارسات حوكمة الشركات علي القطاعات غير الهادفة للربح. المطالبات بتوفير ''حوكمة'' ستؤدي إلى إيجاد لجان مستقلة للترشيح وتحديد المكافآت وفقا لأساسات علمية. وضع أهداف مبدئية ورسم موازنات ملائمة لتحقيق هذه الأهداف، تفعيل إدارات الاستثمار وتنمية الموارد في هذه المؤسسات الرياضية، إصدار تقارير أداء مالي وغير مالي سنوية يمكن من خلالها الحكم على أداء هذه المؤسسات، ومحاسبة المقصرين. إخضاع هذه المؤسسات الرياضية للرقابة المالية من قبل مراجع مستقل أو من ديوان المراقبة العامة, إضافة إلى تطبيق البنية الأساسية لحوكمة القطاعات غير الهادفة للربح. إن العمل الارتجالي أو غير المبني على أسس مؤسسية، قد يؤدي إلى إهدار الأموال الممنوحة, إضافة إلى عدم تحقيق الاستقرار والاستدامة المرجوة لمؤسسات الوطن. كما يفقد المؤسسات الرياضية فرص التمويل المعتمد على تسويق العلامة التجارية. والقائمون على المؤسسة الرياضية في المملكة قادرون على تبني مثل هذه الخطوات التي ستعود بالنفع الكبير على المؤسسة الشبابية وعلى الوطن. نقلا عن الاقتصادية السعودية