وصف وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر معدل البطالة في المملكة بأنه «معتدل»، ويبلغ 6 في المئة، مقارنة بالدول الأخرى وفق الإحصاءات الدولية، مشيراً إلى أن ما يعوق رفع كفاءة الاقتصاد السعودي «تعدد الشرائح المكونة لسوق العمل، والإشارات الخاطئة التي يرسلها للمتعاملين معه، نتيجة لكثافة توظيف السعوديين في القطاع الحكومي وبإنتاجية متواضعة». وقال في تصريحات صحافية أمس إن البطالة بين الرجال السعوديين وغير السعوديين في المملكة تقدر بحوالى 2.8 في المئة فقط، وتعتبر معقولة، مؤكداً أنه «يجب ألا نكل ولا نمل من محاولة خفض هذا المعدل باستمرار، من خلال إيجاد فرص عمل ذات عائد جيد ونوعية مرتفعة، لأن هذا ما نريده من خلال تأهيل المواطن السعودي حتى تنخفض هذه النسبة». جاءت تصريحات الجاسر بعد مشاركته في ورشة العمل التي نفذت أمس في مركز إعداد وتطوير القادة بمعهد الإدارة العامة بالرياض، بالتعاون مع البنك الدولي بعنوان «تطوير كفاءة القطاع الحكومي لمواكبة المتغيرات الاقتصادية»، بمشاركة عدد من القيادات الإدارية ومنسوبي الأجهزة الحكومية. وأشار الجاسر إلى أن الاقتصاديين لم يتفقوا على معدل البطالة في المملكة بشكل دقيق، مبيناً أن وزارة الاقتصاد تعتقد بأنه ما دام هناك من يبحث عن عمل فيجب تهيئته وإيجاد فرصة عمل له، حتى يحصل المواطن على العمل الكريم، كونه هو صاحب الحق الأول في هذه الفرصة. وأكد أن معالجة البطالة والتعامل معها يجب أن تكون مستمرة، وذلك من خلال إيجاد فرص عمل مناسبة، ومن ناحية أخرى تأهيل المواطنين للحصول على هذه الفرص الوظيفية المناسبة. وأضاف أن الاقتصاد السعودي ينتج فرص عمل هائلة جداً، ويؤكد ذلك وجود نحو 10 ملايين أجنبي يشاركون معنا في عملية التنمية، لافتاً إلى أن «البطالة هي من سنن الله، ولا يوجد مجتمع منذ عصر النبوة إلى الآن إلا وفيه بطالة». إلى ذلك، شدد وزير الاقتصاد والتخطيط على أن المتغيرات الاقتصادية التي تمر بها بلادنا في المرحلة الحالية تتطلب الاهتمام بشكل أكبر برفع كفاءة الاقتصاد والأداء، ليس في القطاع الحكومي فحسب، بل في جمع قطاعات الاقتصاد، وجميع أنماط حياتنا وسلوكياتنا وتعاملاتنا اليومية. وأوضح في كلمته أمام الورشة أنه تم التركيز في العقود الماضية على «اقتصادات التنمية» التي دفعت بنا في اتجاه الاستثمار في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، وواصلت الدولة الأنفاق بسخاء على المشاريع التنموية في مختلف المجالات، وأن ما تحقق في المملكة منذ السبعينات الميلادية وحتى الآن يشكل قفزة تنموية كبيرة في مختلف المجالات. واعتبر أن التحديات التي تعوق رفع كفاءة الاقتصاد السعودي تتمثل في «تعدد الشرائح المكونة لسوق العمل، والإشارات الخاطئة التي يرسلها للمتعاملين معه، نتيجة لكثافة توظيف السعوديين في القطاع الحكومي وبإنتاجية متواضعة وسيطرة العمالة الوافدة منخفضة الكلفة والإنتاجية على الأعمال متدنية المحتوى المعرفي التي لا تتطلب مهارات عالية». ولفت إلى أن مشاريع القطاع الخاص الاستثمارية لا تبنى أساساً على التقنية المتقدمة، بل على التعرفة المتدنية للطاقة، وينتج عن ذلك استثمارات ذات أفق قصير الأجل. ورأى أن «المرحلة التنموية التي تمر بها المملكة حالياً تستوجب تركيز اهتمامنا على تطوير اقتصادات الكفاءة، ومأسسة التكيف الهيكلي لاقتصادنا الوطني حتى يرتقي إلى المستوى المناسب لمواجهة التحديات المستقبلية، ولا يعني ذلك بالطبع إغفال اقتصادات التنمية فنحن مستمرون في تحقيق المزيد من المنجزات التنموية والدولة مستمرة في الإنفاق السخي على المشايع في مختلف القطاعات». وشدد على أن الكفاءة أصبحت أحد الهواجس ذات الأولوية لدى المسؤولين في المملكة في المرحلة الحالية، وعلى مختلف المستويات، وقال إن الحكومة تركز حالياً على رفع كفاءة الأداء وإنتاجية الاقتصاد، ويظهر ذلك في أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بإلغاء 12 جهازاً، وإنشاء مجلسين بدلاً منها، هما «مجلس الشؤون السياسية والأمنية»، و«مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية»، بهدف توحيد التوجهات التي ترتكز على الثوابت الشرعية والأصول النظامية المستقرة الرامية إلى تنفيذ السياسات والرؤى المنبثقة من الخطط المعتمدة، وإيجاد نقلة نوعية على كل المستويات. من جهته، أكد المدير العام لمعهد الإدارة العامة الدكتور أحمد بن عبدالله الشعيبي، أن الورشة تهدف إلى تسليط الضوء على مواضيع بالغة الأهمية حول تطوير وتحسين كفاءة القطاع الحكومي بما يتواكب مع المتغيرات الاقتصادية الحديثة، من خلال أربعة محاور، تشمل التعرف على الأدوات والتقنيات اللازمة لرفع كفاءة القطاع الحكومي، وتنمية القدرة على استخدام أدوات التحليل الاقتصادي في إدارة الاستثمارات العامة، ومناقشة تحديات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى التعرف على تجارب البنك الدولي الناجحة في تطوير كفاءة القطاع الحكومي.