أثخن أعضاء مجلس الشورى في نقد التعليم والمعلم والطالب، متناوبين على ضرب أمثلة تثبت تدني مستوى النظام التعليمي، وسوء بيئته صحياً وتربوياً، وأنه ينتج معلمين غير أكفاء علمياً وتربوياً، وطلاباً بسلوكيات مشينة، وتحصيلاً علمياً ضعيفاً، مشيرين إلى أن اختبارات القياس للمعلمين والطلاب أخجلت الوزارة، ما دعاها إلى إخفاء نتائج القياس – بحسب الأعضاء. وطرح الأعضاء في 66 دقيقة مقترحات عدة على طاولة وزير التعليم الجديد، منها استقلال إدارات التعليم والجامعات، وتوفير التأمين الطبي وبدل السكن للمعلمين، وتحويل بليون ريال خُصّصت لدعم مدارس تحفيظ القرآن إلى مناشط أخرى، واعتبار ضحايا «حوادث المعلمات» شهداء واجب. وفي جلسة أمس (الثلثاء)، عاد سقف الانتقاد للارتفاع تحت القبة بعد أن خفّت وتيرته في آخر أربع جلسات، إذ طالب أكثر من عضو بالإفصاح عن مخرجات 90 بليون ريال، خُصّصت لتطوير التعليم في الأعوام ال10 الماضية، إذ إن معظم مشاريع «التطوير» لا يوجد لها أثر في أرض الواقع ولم تُقوّم. وشارك رئيس اللجنة العلمية في المجلس الدكتور مشعل السلمي بقية الأعضاء في كشف واقع التعليم من واقع التقرير السنوي للوزارة الذي بني على معلومات مغلوطة وعلى إحصاءات غير دقيقة. وأشار السُلمي إلى أن الصحة المدرسية لم تطبق على أرض الواقع على رغم صدور قرارات من مجلس الوزراء بذلك، كما تشير نتائج الثانوية العامة والتحصيل والقدرات إلى وجود فجوة كبيرة بين متوسط الدرجات، وطالبت اللجنة باستقلالية إدارات التربية والتعليم ومنحها صلاحيات كافية إدارياً وتربوياً ومالياً. ولم يكن الطلاب بمنأى عن نقد أعضاء الشورى بعد أن ألمح أعضاء إلى انتشار سلوكيات سلبية في أوساط الطلبة، الأمر الذي دعا العضوين الدكتور عبدالمحسن المارك واللواء عبدالله السعدون إلى المطالبة بتدريس مادة لطلاب الابتدائي والمتوسط في السلوك والأخلاق، للمساعدة على محاربة الفساد، وأن يقوم الطلاب بتنظيف المدارس، لأن مفهوم «النظافة من الإيمان» الذي يدرسونه نظرياً لا تعكسه مناظر دورات المياه وأفنية المدارس. وعلى رغم تشعب الانتقادات وتداخل المقترحات من الأعضاء، إلا أن أصوات بعضهم فرضت الهدوء تحت القبة، بعد أن كثرت الأحاديث الجانبية التي لم توقفها مطرقة رئيس الجلسة، ومنها ما ذكرته الدكتورة منى الدوسري عن تقويم المعلم، وأن الوزارة والمدرسة لا تملك صلاحية محاسبته حتى وإن كانت كفاءته ضعيفة. كما برز صوت الدكتورة منى آل مشيط التي كشفت سوء وضع رياض الأطفال والحضانات القائمة على رغم قلتها، إلا أن خطورتها عالية، إذ إن الأطفال يحشرون بأعداد كبيرة في فصول صغيرة لا توافق حتى متطلبات السلامة للدفاع المدني. وكانت المناهج الأقل نقداً تحت القبة، إذ لم ينتقدها بشكل مباشر سوى اللواء عبدالله السعدون، لأنها تحوي كماً هائلاً من المعلومات يجعل المعلم «المميز» في سباق مع الزمن لإنهائه. فيما استغرب العضو الدكتور منصور الكريديس أن تتجاهل وزارة التعليم قراراً لمجلس الوزراء منذ عام 1423ه حول مشروع وطني لمرضى التوحد وتدريسهم وصرف مكافآت لهم، إذ أثبت بحثه أن الوزارة لم تنفذ شيئاً من قرار المجلس حتى الآن.
.. وعضوات ينتصرن لمعلمات القرى النائية
اتسمت مطالبتا العضوتين الدكتورة أمل الشامان والدكتورة حمدة العنزي بالإحساس الأنثوي، لأنهما خُصِّصَتا للنساء، إذ أسهبتا في طرح معاناة المعلمات المغتربات في القرى النائية، وما تعرضْن له من حوادث وفاة أو إصابات، تم تجاهلها من الوزارة والتعامل معها باعتبارها أخباراً على صفحات «الجرائد»! وكان صوت الشامان سباقاً في الحديث عن حوادث المعلمات، وابتدأت بنقد قرار تقليص دوام المعلمات في المناطق النائية إلى 3 أيام، الذي اعتبرته «قراراً وليد اللحظة صدر لتخفيف الضجة الإعلامية والمجتمعية ضد الوزارة»، مشيرةً إلى أنه لم يأخذ بالاعتبار مدى التأثير في العملية التعليمية، إضافة إلى أنه لم يعالج مشكلة حوادث الطرق المتكررة للمعلمات. واتفقت العضوتان العنزي والشامان على ضرورة أن تعامل المعلمات المغتربات معاملة شهداء الواجب، وأن يُصرف للمصابات تعويض يليق بهن، وشددت العنزي على صرف بدل «النائي» لكل معلمة تعمل في منطقة نائية. وعلى رغم أن الصلاحيات البرلمانية في مجلس الشورى متساوية بين الرجل والمرأة، إلا أن العضوات منذ تعيينهن حظين بانتقادات شعبية، خصوصاً من النساء اللاتي لا تدركن طريقة العمل البرلماني، بسبب عدم تبني العضوات قضايا النساء تحديداً. وهو ما فعلته العضوتان بعد الحديث عن حوادث المعلمات، إذ طالبت العنزي بالنظر في ما يُصرف من مكافآت على مدارس تحفيظ القرآن تصل إلى بليون ريال، مطالبة بتحويلها إلى مناشط أخرى أكثر تأثيراً. فيما سخرت الشامان من الإنجازات الواردة في تقرير وزارة التعليم، لأنها توحي للقارئ بأن التعليم في المملكة نموذجي وينافس الدول المتقدمة، قبل أن تكشف عن إحصاءات وردت في مشروع تطوير التعليم تُبيّن ضعف أداء المتعلمين مقارنة بدول العالم، خصوصاً في المواد العلمية واللغة الإنكليزية. لتطالب الشامان وزارة التعليم بالشفافية والوضوح والإعلان عن نتائج تقويم الطلاب والمعلمين، قبل أن تصف معظم قرارات وزارة التعليم السابقة بالاجتهادات الشخصية والمثيرة للتساؤل، إذ إنها لم تُبْنَ على دراسات، ولم تبرر مثل تغيير شعار الوزارة الذي كلّف الدولة الملايين.
مطالب ومقترحات الأعضاء على طاولة عزام الدخيل
الدكتورة الجوهرة أبوبشيت طالبت بسنة تحضيرية إلزامية للأطفال من سن 5 إلى 6 سنوات قبل التحاقهم بالابتدائية. طالب الدكتور حاتم المرزوقي ب«كوبونات» خاصة للمواطنين للدراسة في المدارس الخاصة، والدكتور سلطان السلطان يطالب بتقليص التعليم الأهلي. مطالبات عدة لمعرفة الهيكلة الإدارية لوزارة التعليم بعد الدمج، وخريطة طريق خلال 3 أشهر لمعرفة رؤية الوزير الجديد. اتفق أعضاء مع اللجنة التعليمية في المجلس على ضرورة استقلال إدارات التعليم في كل منطقة. طالب أعضاء بقياس برامج ومبادرات الوزارة في التعليم والكشف عنها للرأي العام والمتخصصين، ومراجعة وضع التعليم في مجلس الشورى كل 3 أشهر. كرر سلطان السلطان مطالباته بفصل الثقافة عن وزارة الإعلام وربطها بوزارة التعليم. اتفق الأعضاء المداخلون على ضرورة استقلال الجامعات إدارياً ومالياً. شدد اللواء عبدالله السعدون على ضرورة تركيز الوزير الجديد على النشاط الكشفي، لأنه يعلّم القيادة والنظام، مطالباً بإنشاء مراكز كشفية في جميع محافظات ومدن المملكة. وافق معظم الأعضاء على مطالب اللجنة التعليمية الخاصة بدعم مشروع الصحة المدرسية، وتطبيق نماذج عالمية.