توعد العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني تنظيم «داعش» «برد قاس»، مؤكداً ان دم الطيار الاردني «لن يضيع هدراً». فيما أعلنت السلطات الاردنية انها أعدمت شنقاً فجر الاربعاء كلاً من الانتحارية العراقية ساجدة الريشاوي التي كان تنظيم «داعش» طالب بإطلاق سراحها، والعراقي زياد الكربولي المنتمي الى «القاعدة»، وذلك غداة اعلان التنظيم اعدام الطيار الاردني معاذ الكساسبة حرقاً. ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي الاردني عن الملك عبدالله، بعد اجتماعه أمس مع كبار القادة العسكريين في الجيش، قوله ان «دم الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة، رحمه الله، لن يذهب هدراً، وان رد الأردن وجيشه العربي المصطفوي على ما تعرض له ابنه الغالي من عمل إجرامي وجبان سيكون قاسياً، لأن هذا التنظيم الإرهابي لا يحاربنا فقط، بل يحارب الإسلام الحنيف وقيمه السمحة». واضاف: «إننا نخوض هذه الحرب لحماية عقيدتنا وقيمنا ومبادئنا الإنسانية، وأن حربنا لأجلها ستكون بلا هوادة، وسنكون بالمرصاد لزمرة المجرمين ونضربهم في عقر دارهم». وعبّر الملك عبدالله عن «اعتزازه الكبير بالجهود المكثفة التي بذلتها الحكومة والقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية لإنقاذ الشهيد البطل الكساسبة، والتي استمرت منذ اللحظة الأولى لسقوط طائرته وحتى إعلان نبأ استشهاده يوم أمس». واعرب عن «ثقته العالية بمؤسسات الدولة الأردنية وأجهزتها العسكرية والأمنية والإعلامية، ومستوى التنسيق الكامل بينها، وبقدرتها على حماية الوطن ومكتسباته، والذود عنه في مختلف الظروف». كما عبّر عن «فخره واعتزازه بتلاحم أبناء وبنات الأسرة الأردنية الواحدة في هذا الظرف، والوقوف صفاً واحداً في وجه الأخطار والتهديدات الإرهابية، وإصرارهم على المضي قدما بمسيرة بلدهم الأبي». واشاد الملك ب»موقف المجتمع الدولي الداعم والمساند للأردن في التعامل مع هذا الخطر، ودوره في الحرب الدائرة ضد الإرهاب، التي هي حرب العالم العربي والإسلامي أجمع». وكان العاهل الاردني قطع زيارته للولايات المتحدة التي توجه اليها الاثنين، مؤكداً ان الكساسبة «قضى دفاعاً عن عقيدته ووطنه وأمته» وداعياً الاردنيين الى «الوقوف صفاً واحداً». وقال الملك في رسالة بثها التلفزيون الرسمي: «تلقينا بكل الحزن والأسى والغضب نبأ استشهاد الطيار الشهيد البطل معاذ الكساسبة على يد تنظيم «داعش» الإرهابي الجبان، تلك الزمرة المجرمة الضالة التي لا تمت لديننا الحنيف بأية صلة». واضاف الملك، وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة، ان «الطيار الشجاع قضى دفاعاً عن عقيدته ووطنه وامته، والتحق بمن سبقوه من شهداء الوطن الذين بذلوا حياتهم ودماءهم فداء للاردن العزيز». وتابع: «نقف اليوم مع اسرة الشهيد البطل ومع شعبنا وقواتنا المسلحة في هذا المصاب الذي هو مصاب الاردنيين جميعا». واكد انه «في هذه اللحظات الصعبة فإن من واجب جميع ابناء وبنات الوطن الوقوف صفاً واحداً وإظهار معدن الشعب الاردني الأصيل في مواجهة الشدائد والمحن التي لن تزيدنا إلا قوة وتلاحماً ومنعة». وقالت وزارة الداخلية الأردنية في بيان، إنه «تم فجر الأربعاء تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بحق المجرمة ساجدة مبارك عطروز الريشاوي (...) كما تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتى الموت بحق المجرم زياد خلف رجا الكربولي». وأوضح البيان أن «تنفيذ حكم الإعدام بالمجرمين تم بحضور المعنيين كافة، وفقاً لأحكام القانون»، مؤكدة أن «هذه الأحكام استوفت جميع الإجراءات المنصوص عليها في القانون». وأفاد مصدر أمني أردني رفض الكشف عن هويته، بأنه «تم تنفيذ حكم الإعدام بحضور اللجنة المعنية، ومفتي سجن سواقة (جنوبعمان) لم يطلب من أي من الريشاوي أو الكربولي إن كان لديهما أي وصايا». وأوضح المصدر أنه «تم نقل الجثتين إلى المركز الوطني للطب الشرعي بهدف تسليمهما إلى الجهات المعنية لإكرامهما بالدفن حسب الأصول». من جهة أخرى، قال مصدر من اللجنة التي أشرفت على عملية الإعدام، إنه «تم أولاً إعدام الكربولي، الذي ترك مبلغا وقدره 1500 دينار (حوالى ألفي دولار) لعائلته، وقال: أنا لا أجزع من الموت، هذا مكتوب». وتابع أنه تم بعد ذلك «إعدام الريشاوي، التي كانت تسأل قبل إعدامها: أنتو كيف بدكم تعدموني؟». والريشاوي انتحارية عراقية شاركت في تفجير ثلاث فنادق في عمان عام 2005. وكان تنظيم «داعش» طالب بإطلاق سراحها مقابل إفراجه عن الصحافي الياباني كينجي غوتو الذي عاد وأعدمه. إلا أن الأردن الذي حكم على الريشاوي بالإعدام في 21 أيلول (سبتمبر) 2006 من دون أن ينفذ هذا الحكم، كان يصر على أن إطلاق سراح الريشاوي يكون مقابل إطلاق سراح الكساسبة الذي أعدمه التنظيم حرقاً كما ظهر في شريط بث الثلثاء. أما الكربولي المتهم بالانتماء لتنظيم «القاعدة»، فقد اعتقلته القوات الأردنية في أيار (مايو) 2006 وقضت محكمة أمن الدولة في الخامس من أيار (مارس) 2007 بإعدامه، لكن الحكم لم ينفذ حتى أمس. واعترف الكربولي في شريط بثه التلفزيون الأردني في أيار 2006 أنه قتل سائقاً أردنياً في العراق واستهدف مصالح أردنية. وقال جودت الكساسبة، شقيق الطيار الأردني، إن العائلة تحسبه «شهيداً عند الله»، داعياً الأردنيين إلى إقامة صلاة الغائب، لأنه «رفع رؤوسهم جميعاً». وقال جودت للتلفزيون الأردني: «نحن نحسبه شهيداً عند الله... وقد تلقى والدي ووالدتي الخبر وهم يقولون: إنا لله وإنا اليه راجعون، مثلنا مثل جميع الأردنيين». وأضاف: «نناشد الأردنيين إقامة صلاة الغائب على روح شهيد الوطن (...) في مساجد المملكة، لأنه رفع رؤوس الأردنيين جميعاً»، مشيراً إلى أن «الشعب الأردني لم يبخل على معاذ بذرة من دعائه ولم يبخل على معاذ بكل ما يستطيع». وتابع جودت: «نحن نقف والأردنيين جميعاً في خندق واحد خلف القيادة الهاشمية (...) للجيش العربي، ولن نسمح لأحد بأن يمس تراب الأردن». وقال: «هذه جماعة إرهابية متطرفة يجب على كل من يقول لا الله إلا الله أن ينهي وجودها، فقد أساؤوا إلى الإسلام وإلى نبي الإسلام». وكان والد الطيار الأردني طالب حكومة بلاده بالثأر لمقتل ابنه، وقال سيف الكساسبة: «أولاً أنا احتسب معاذ عند الله شهيداً إن شاء الله، مخلداً في الجنة مع الصديقين والشهداء والأنبياء. إن شاء الله صبري جميل وأستعين بالله وأطلب من الحكومة الأردنية أن تثأر لدم معاذ». ورفض سيف مقارنة موت ابنه بإعدام الريشاوي والكربولي، وقال إنه يعتبر «أعضاء التنظيم مجرمين. ولا مقارنة بينهم وبين معاذ. معاذ دمه أغلى من الريشاوي والكربولي. دم معاذ هو دم الوطن». وأضاف: «أطالب بأن يكون الثأر أكبر من إعدام مساجين. أنا أطالب بإبادة تنظيم داعش المجرم (...) الذي يتعامل بصورة وحشية ولا يرعى قوانين إنسانية ولا دولية. أطالب الحكومة بقوة، الثأر لدم معاذ ودم الوطن. الوطن هو في معاذ». وتظاهر مئات الأردنيين مساء الثلثاء في دوار الداخلية وسط عمان للتنديد بعملية الإعدام الوحشية وهم يرددون: «بالروح بالدم نفديك يا أردن»، كما تظاهر مئات أمام ديوان أبناء محافظة الكرك (116 كلم جنوبعمان) التي يتحدر منها الطيار، وهم يرددون «لا الله إلا الله والشهيد حبيب الله».