اختلّت دورة المواصلات التي كان يعتمد عليها طلاب ومعلمون في مدارس كثيرة منذ انطلاق الحملة التفتيشية لملاحقة مخالفي نظام الإقامة والعمل. اعتماد هذه الشريحة التي تستخدم الحافلات ذهاباً وإياباً من وإلى المدرسة على سائقين، سواء أكانوا يعملون لحسابهم الخاص أم في شركات نقل الطلاب لم يعد مجدياً، لأن كثيراً من هؤلاء السائقين كان يعمل بطريقة مخالفة للنظام. ومع اختفاء كثير من السائقين الذين لم يصححوا أوضاعهم منذ انطلاق الحملة التفتيشية خوفاً من العقوبات، بات على المستفيدين سابقاً من طلاب ومعلمات البحث عن حل جديد لمواصلاتهم، ما أدى إلى إيقاع الضرر بهم والنتيجة غيابهم عن الحضور إلى الدوام، سواء أكان ذلك داخل المدن أم خارجها. وأشار ولي الأمر محمد جابر أنه كان متعاقداً مع سائق نقل خاص (من جنسية عربية) لعدم توافق أوقات عمله مع دوام أبنائه الصباحي، «وفوجئنا مع نهاية المهلة الممنوحة للمخالفين باعتذار السائق عن التوصيل، ما أربك تنظيم وقتنا، وأصبح أبنائي غائبين من ذلك الوقت، فاضطررت إلى الغياب عن عملي لكيلا يتأثر مستواهم الدراسي لكثرة الغياب، ما أدخلني في حرج شديد مع عملي وأصبحت بين نارين على رغم سؤالي وبحثي المستمرين عن شركات نقل للطلبة، لكن محاولاتي جميعها باءت بالفشل». كذلك الأمر بالنسبة لأم صالح التي تعيش مع أبنائها في شقة تبعد كثيراً عن مدارسهم، وكانت تعتمد في توصيلهم على حافلات نقل الطلاب «وعند اعتذارهم عن العمل منتصف الدراسة أوقعونا في مأزق كبير، فلم يعد أبنائي يستطيعون الذهاب إلى مدارسهم، ولا أستطيع أن أتركهم يذهبون بمفردهم خوفاً عليهم، خصوصاً أن لدي بنات في المرحلة المتوسطة». وتضيف: «على إدارة التعليم أن تتصرف سريعاً حيال هذه المشكلة وتدبر الأمر بأية طريقة يستطيع بها أبنائي الذهاب إلى مدارسهم، كي لا تفوتهم الدروس والاختبارات، فنحن في موسم اختبارات ولن يعيدوا لهم الاختبار إلا بعذر رسمي، ونحن عذرنا هو عدم وجود ناقل، فمن يقبل هذا العذر»؟ من جهة ثانية، صُدمت المعلمة هناء وزميلاتها الأربع اللاتي يعملن في محافظة الليث بأن سائق الحافلة (باكستاني الجنسية) الذي اتفقن معه على توصيلهن بمبلغ يتجاوز ألفي ريال عن كل واحدة، هرب ولم يعد يرد على اتصالاتهم منذ انتهاء المهلة التصحيحية. تقول هناء: «عند سؤالنا عن السبب، بينوا لنا أنه من المخالفين وهرب خوفاً من الوقوع في يد الأمن»، مشيرة إلى أنهن لم يذهبن إلى مدارسهن منذ ذلك اليوم، لعدم قدرة أسرهن على توصيلهن صباحاً إلى الليث ومن ثم العودة مساء. وناشدت المعلمة «المتغيبة إجبارياً» المسؤولين بالتدخل السريع لإنقاذهن من المصيبة التي حلت بهن - على حد وصفها -، فهن معرّضات للفصل لو استمر غيابهن، خلاف أن غيابهن سينعكس سلباً على الطالبات. وتحدث أبو بندر (سائق خاص)، ل الزميلة «الحياة» بأنه كان ينقل أكثر من 30 طالباً على دفعتين إلى مدارسهم، لكنه توقف «لعدم قدرتي على الحصول على سيارة، ولمخالفة النظام في حال نقل الطلاب، كما أنني لست تابعاً لمؤسسة نظامية وبالتالي غيرت مهنتي إلى عامل». وأشار إلى أن كثيراً من أولياء الأمور يتصلون عليه يومياً «لغضبهم من عدم وفائي بوعدي، لكن غالبيتهم بدأوا يتفهمون الأمر والبعض لا يزال يعاني من عدم وجود بديل، في ظل أن معظم السائقين الذين أعرفهم، سواء أكانوا يعملون لحسابهم أم تابعين لشركات، تركوا العمل وفضلوا تغيير مهنهم، وبعضهم فضّل الرحيل». من جهته، أوضح المتحدث الإعلامي في تعليم جدة عبدالمجيد الغامدي أنه لم يسجل غياباً ملاحظاً من الطلاب والطالبات، مؤكداً أن على أولياء الأمور تدبر أمورهم لنقل أبنائهم إلى المدارس لكيلا تفوتهم الدروس، مشدداً على أن المدارس الأهلية الملتزمة بنقل الطلاب يجب أن تفي بالتزامها، من خلال توفير البديل النظامي للسائقين السابقين.