نعم.. فوائد قومٍ عند قومٍ فوائدُ! فقد استبشر مئات السائقين الجدد، الذين امتهنوا مهنة توصيل المعلمات لمدارسهن، بعد تجارب سابقة ناجحة، بكل المقاييس، لكثير من زملائهم في التوصيل، لذا أبارك لهم هذا التعيين الذي سيجعلهم يحصلون على رواتب لا تقل عن (15000 ريال)! مقابل خدمة توصيل بأقل الخسائر، وأقل ما يقال عنها إنها «رديئة». وبما أننا في بحر المباركة، فإنني آثرت تأجيل مباركتي للمعلمات حتى يجدن من سيوصلهن لأعمالهن ويبدأن في حسبة جديدة لراتب ستندم بعضهن على حصولها عليه. فمن عيون «السائق» التي ستقتص أقل شيء «ربع الراتب»، إلى عيون المديرة التي ستطلب منهن ما لا يطاق من وسائل التعليم «الغائبة»، إلى عيون الأهل التي ستنتف ما بقي من الراتب «تنتيفا»! يظهر لي أن وزارة التربية والتعليم لا تعلم إلى هذه اللحظة أن «قيادة المرأة للسيارة» ممنوع منعاً باتاً! وما جعل الموضوع يتأكد لدي، هو قذفها للمعلمة لأبعد نقطة ممكنة عن منزلها، وكأن تلك المعلمة تقوم في الصباح الباكر لتشغل سيارتها وتنطلق بها إلى العمل «بكل نشاط وحيوية»! لا أعترض على سياسة الوزارة الجديدة في التعيينات، ولكن الاعتراض في نقل المعلمات «الغائب» تماما عن أي مشكلات مطروحة على طاولة الوزارة؟! إغفال نقل المعلمات من قبل الوزارة أمر غريب جدا، وهي تعلم جيداً أن السعودية «المترامية الأطراف» قد تضطر بعض المعلمات للسفر يوميًّا بما يعادل الأربعمائة كيلومتر ذهابا وإيابا، مما يجعل سائقي الحافلات يتحكمون في سعر النقل كيفما شاؤوا، بل ومصير المعلمة يتوقف على مزاج هذا الناقل، و»مدى» انضباطيته في النقل. أعلم جيدًا أن الوزارة «بلشانة» في نقل الطالبات «وما هي ناقصة هم جديد»، وأن حافلات خط البلدة قد تكون أفضل من الكثير من حافلات نقل الطالبات، ولكن ما يحصل في نقل المعلمات، من عدم توفر لوسائل السلامة، إلى الاعتماد في أحيان كثيرة على سائق غير مؤهل «للاضطرار»، إلى وسيلة نقل تجعل المعلمة «تكره» اليوم الذي تعينت فيه، إلى موت ينتشر بين المعلمات لدرجة أن الأعصاب «تتوتر» من بداية السنة إلى آخرها، لما تواجهه من مخاطر لا تعقل، يحتاج إلى وقفة صادقة من وزارة التربية، حتى وإن تعاونت مع مؤسسات أو وزارات أخرى لحل مشكلة نقل المعلمات، وتوفير الجو المناسب لنقلهن، وبمبالغ «لا تكسر ظهر المعلمة»، فهل ستفعلها الوزارة وتثبت حرصها على «حياة» المرأة؟!