رقص الكوريون الشماليون في شوارع بيونغيانغ امس، احتفالاً بإطلاق بلادهم صاروخاً وضع أول قمر اصطناعي في المدار، ما يعزز مكانة الزعيم الشاب للدولة الستالينية كيم جونغ أون، قبل أيام من الذكرى الأولى لوفاة والده كيم جونغ ايل. ودان مجلس الأمن بالإجماع «إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً بالسيتياً، ما يشكل انتهاكاً لقرارات المجلس» السابقة، مشدداً على الطلب من بيونغ يانغ «عدم إطلاق أي صاروخ بالتكنولوجيا البالستية». وأكد المجلس في بيان صحافي صدر بإجماع أعضائه، قرأه رئيس المجلس السفير المغربي محمد لوليشكي، «الاستمرار في المشاورات لدراسة الخطوات الأخرى التي تتوافق مع مسؤوليته». واعتبرت الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية واليابان إطلاق الصاروخ «استفزازياً»، وتوعدت بعواقب لما تراه مجرد اختبار لصاروخ باليستي، خصوصاً أن ما حققته بيونغيانغ يقرّبها من امتلاك القدرة على إلقاء قنابل نووية على المحيط الهادئ والولاياتالمتحدة، خصوصا كاليفورنيا. ولعل ما أغضب تلك الدول، أن كوريا الشمالية التي فشلت في ثلاث محاولات سابقة لوضع قمر اصطناعي في المدار، وبالكاد تطعم شعبها، فاجأت الجميع بإطلاق الصاروخ امس، وكانت أعلنت قبل ثلاثة أيام تأجيل الإطلاق، بسبب مشاكل فنية. وأوحى ذلك بأن الدولة الستالينية تعمّدت تضليل الدول المجاورة. وقوبل إطلاق الصاروخ بإدانة فورية من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي اعتبر الخطوة «تحديا للموقف الدولي الموحد والقوي، وتنتهك قرارات مجلس الأمن». وأعرب عن القلق حيال «النتائج السلبية لهذا العمل وتأثيره على الأمن والاستقرار في المنطقة». ونبه ديبلوماسي غربي الى خطورة الصاروخ الكوري الشمالي «باعتباره رسالة من بيونغ يانغ الى العالم حول التقدم المحرز في برنامجها التسلحي الباليستي القادر على إنتاج صواريخ عابرة للقارات»، مشيراً الى أن «رد فعل مجلس الأمن لا يمكن أن يقل عن هذا المستوى في التعامل مع المسألة». ولاحظ أن «كل أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم الصين دانوا الخطوة الكورية الشمالية «، مشيراً الى «اتجاه نحو تبني بيان صحافي بإجماع أعضاء المجلس كخطوة أولى». وذكرت مصادر أخرى أن «الرد الحقيقي يكون بقرار ملزم عن مجلس الأمن لأن المجلس كان أنذر بيونغ يانغ في نيسان (أبريل) في بيان من مغبة إطلاق صاروخ باليستي». وأوضحت أن «التحرك في مجلس الأمن يجب أن يكون عاجلاً لكن الاتفاق على قرار سيستغرق بعض الوقت، ما يمكن الاستعاضة عنه مؤقتاً ببيان غير ملزم يعبر عن إجماع مجلس الأمن على إدانة الخرق الكوري الشمالي». وقال السفير الفرنسي جيرار آرو إن فرنسا «تدعم رد فعل قوي من مجلس الأمن لأن الفعل الكوري الشمالي ليس سوى خرق جديد». وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت «إن على مجلس الأمن التحرك بسرعة وبقوة» رداً على «التحدي» الكوري الشمالي. وأشارت مصادر في مجلس الأمن الى أن «أي قرار مقبل من مجلس الأمن في شأن كوريا الشمالية يجب أن يتضمن توسيعاً لنطاق العقوبات على بيونغ يانغ وإضافة شركات وكيانات الى قائمة العقوبات المعتمدة حالياً وأسماء جديدة الى المحظورين من السفر وتجميد الأرصدة». وكانت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية افادت بأن الصاروخ «أونها -1» أُطلق من مركز «سوهاي» شمال غربي البلاد. وأعلنت اليابان وكوريا الجنوبية أن الطبقتين الأوليين منه سقطتا في البحر قبالة شواطئ شبه الجزيرة الكورية، فيما سقطت الثالثة قبالة سواحل الفيليبين. وأشار البلدان إلى أن صاروخ الإطلاق هو من طراز «تايبودونغ-2» الذي يتراوح مداه بين 6 و9 آلاف كيلومتر، ويطاول كاليفورنيا. وأعلنت مذيعة في التلفزيون الرسمي الكوري الشمالي، وهي ترتدي زياً تقليدياً، «نجاح إطلاق النسخة الثانية من قمرنا الاصطناعي كوانغ ميونغ سون 3، ووضع القمر الاصطناعي في المدار» لدرس الطقس، فيما أشادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية ب «الاختراق» التكنولوجي والاقتصادي الذي تحقّق، مشددة على انه لأهداف «سلمية» ويندرج في إطار خطة عامة «للبناء الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة السكان». وأكد ناطق باسم الخارجية الكورية الشمالية أن بلاده «ستواصل (ممارسة) حقها الشرعي في إطلاق أقمار اصطناعية»، منتقداً «القوى المعادية التي تعارض حق استخدام الفضاء لغايات سلمية، والذي يعترف به القانون الدولي». وهنأ الجنرال مسعود جزائري نائب رئيس الأركان الإيراني كوريا الشمالية، قائلاً: «من خلال المقاومة، يمكن الدول المستقلة أن تتجه بسرعة إلى الاستقلال التكنولوجي. ودول الهيمنة، مثل الولاياتالمتحدة، عاجزة عن وقف تقدّم هذه البلدان».