أصدر الشاعر عبدالله بيلا ديواناً بعنوان «تآويل ترابية» عن دار التنوخي. ويضم الديوان 20 قصيدة، وحمل على غلافه لوحة للتشكيلي عبد الرحمن السليمان، التي عبرت عمّا تحتويه النصوص من هواجس بألوانها القاتمة. وتتستر الغربة خلف عباءة القصائد، ونجد رائحة الغربتين تتسكع بين التفاعيل، وهاجس الوطن تفوح به قصائد الشاعر البوركينا فاسو، الذي أهدى قصائده إلى شهداء الحرية والكرامة في عالمنا العربي. يقتبس الشاعر من غُوته مقطعاً من قصيدة «كل حياةٍ تستحق أن تعاش إذا لم يفقد الإنسان فيها نفسه»، إذ تتجلى هواجس الشاعر عن الغُربةِ والوطنِ والإنسانِ، وحيث يتوارى المعنى حلف ضباب المجازِ، وهزيع الرمز الأخير، لتنبثق الرؤى واضحةً جليَّةً في قصيدته التي عنون بها ديوانه «تآويل ترابية»، والتي تعنيه كإنسان قبل أي شخصٍ آخر. يقول في ديوانه: «لا تجرب قراءة هذا التراب، كثيرون قبلك تاهوا على تمتمات الرمالِ، وراوغهم ثعلب العمر». ومضى يقول: «ترابٌ هو الوطن العدميُّ فخذْ حفنةً من عظامك للذاكرةْ، هنا وطنٌ يشبه الانتظار على هُوَّةٍ من سُدى، هنا وطنٌ تصطفيه المدى». ويقف شاهراً لغته الفاتنة في باحاتِ تآويله الترابية قائلاً: «أكوُّن هيكلي الفرد لوحة شعري الشريدة في الغربتين». وهذه القصيدة التي لا تقل عن وصيفاتها في الجمال ونكهة الشاعر المتمكن، ولكنها تثير عدداً من التساؤلات حول ماهية الغربتين اللتين أشار لهما الشاعر، لتسطع على جبين الديوان. لغةُ الديوانِ موغلة في الشاعرية، لا يخلو شطر أو مقطع من التفاعيل إلا وتسرب التحريض الشاعري إلى نفس المتلقي. وممّا يثير في هذا الديوان أنه خرج بعد تجربةً طويلةً مع الشعر والدراسة والأمسيات ليكون باكورة أعماله، وهذا ما يشير إلى أن الشاعر غير مؤمن باكتمال التجربة الشعرية، فالتجربة كائن حي يكبرُ وتتسع هُويته الفنية وتسبر أغوار التأمل.