في سابقة مثيرة للجدل قررت المؤسسة السورية للسينما التابعة للنظام السوري الحاكم منع عرض فيلم «رؤى حالمة» للمخرجة والممثلة السورية واحة الراهب في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، والذي أقيم قبل أيام في دورته الثامنة والعشرين. كانت المؤسسة السورية قد اتصلت بإدارة المهرجان وأبلغتهم بقرار منع الفيلم، حيث كان المهرجان يحتفل بالثورة السورية من خلال عرض ثمانية أفلام توثّق للثورة السورية. واعربت الفنانة الراهب في الندوة التي عُقدت على هامش فعاليات المهرجان تحت عنوان «السينما وحقوق الإنسان» عن حزنها واستيائها من منع عرض، مؤكدة أن النظام السوري لا يجيد إلا القمع والحرب والدماء في مواجهة ثورة بلاده، لافتة إلى أن نظام الاسد استطاع أن يغيّر مفهوم السينما ودورها الحقيقي في المجتمع وأجبر صنّاع السينما على تسليط الأضواء على إنجازات زائفة ووهمية أدّت فيما بعد إلى فقر في صناعة السينما وعزوف الشارع السوري عن السينما ومشاهدتها. وفيلم «رؤى حالمة» من الأفلام القوية بالسينما السورية وفاز بالجائزة البرونزية في مهرجان بيونج يانج الكوري في مهرجان الأفلام العالمية باليابان والذي أقيم بمدينة فوكوكا ويحكي قصة فتاة حالمة تعيش في كنف والدين تقليديين فتبحث عن الحنان خارج منزلها تبحث عنه في رجال يفترض أن يضعهم مستواهم الأكاديمي في فئة أكثر ليبيرالية وثقافة وتفهمًا فلا تجد ذلك فيهم فتقرر الهرب تحديا لبساطتها. الجدير بالذكر أن إدارة المهرجان قامت بإخفاء أسماء ثلاثة من المخرجين السوريين على أفلامهم، خوفًا من استهدافهم. وكان مهرجان الإسكندرية السينمائي قد احتفى خلال إقامة دورته الثامنة والعشرين قبل أيام بأفلام الثورة السورية، حيث عرض المهرجان فيلم «ذاكرة الدموع» للمخرج الشهيد تامر العوام الذي اغتالته السلطات السورية في التاسع من شهر سبتمبر من العام الحالي. واختارت إدارة المهرجان الثورة السورية لتكريمها كضيف شرف، خاصة أنها واحدة من ثورات الربيع العربي التي ناضل أهلها ولا يزالون حتى الآن رغم مرور ما يزيد على الثمانين شهرًا لكنهم لم ييأسوا. وعُرض الفيلم خلال الندوة التي أقامتها إدارة المهرجان تحت عنوان «دور السينما في دعم الثورة السورية». فيمت جاءت مقولة: «أوقفوا القتل نحن شعب يستحق الحياة» في الفيلم الوثائقي «ذكريات على الحاجز» للمخرج السوري تامر العوام والذي ردّ عليه نظام بشار الأسد المجرم ليفارق المخرج المناضل الحياة حيث أصيب ابن محافظة السويداء السورية بشظية في حي الإذاعة أثناء تغطيته لأحداث المعارك الدامية وفارق الحياة على إثرها. وكان الشهيد مقيمًا في ألمانيا وجاء لسوريا لتصوير العديد من الأفلام الوثائقية عن إجرام النظام وصمود الشعب السوري، وكان آخر ما كتبه: «بين القذيفة والقذيفة تسألني المصورة النمساوية ما هو سبب القصف من مسافات بعيدة على المدينة ألم تتدربوا في الجيش السوري على آلية حرب الشوارع كونكم بموقع حرب مع الاسرئيليين؟ تسقط قذيفة جديدة وتقتل الإجابة». وبذلك ينضم العوام إلى قائمة طويلة من شهداء سوريا وإلى نخبة من المثقفين الذين سبقوه، رحل كمن رحلوا وترك آخر أعماله لتؤرخ لانتهاكات المجرم الأسد، وهنا تستطيع الكاميرا أن تنقل الصورة خالية من روائح الخوف والموت وكلما انتقلت من قرية إلى أخرى يجتمع الكل حولك لا لشيء فقط لأنهم يريدون أن يقولوا للعالم أوقفوا القتل نحن شعب يحب الحياة. كما عُرض على هامش المهرجان أفلام «الأعشاب المتألمة، و«حاجز»، و«على حدود عمر المختار»، و«كان ياما كان ما عاد في مكان»، و«أحمر سوريا في جحيم القمع»، و«ذاكرة الدموع».