أقيمت ضمن فعاليات الدورة 28 لمهرجان الإسكندرية لسينما حوض البحر المتوسط ندوتان حول سينما حقوق الإنسان، وأفلام الثورة السورية، بإدارة كاتب السيناريو محفوظ عبدالرحمن، ومشاركة سينمائيين من مصر، والمغرب، وسوريا. أفلام الثورة السورية تحدثت المخرجة السورية واحة الراهب عن السينما في بلادها، مشيرة إلى تشابه التجربة بين سوريا والدول العربية الأخرى. وقالت “سوريا ثاني دولة عربية قدمت إنتاجاً بعد مصر، وكان هناك ازدهار في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وإن كانت الأعمال أقرب إلى السينما التجارية”. وأضافت “في فترة الستينيات ظهرت مؤسسة السينما لمواجهة القطاع الخاص التجاري، إلا أن الحكم البعثي الشمولي أثر علي السينما، فكانت موجهة فيما عدا بعض الأفلام القليلة”. وأشارت تحديداً إلى مرحلة الثمانينيات التي شهدت “بداية القمع الفكري والجسدي وتشديد الرقابة على السينما”. وقالت “رغم ذلك، حاول المبدعون التغلب على ذلك بطرق إبداعية، والالتفاف وتوصيل الأفكار الخطيرة بطريقة غير مباشرة”. وأوضحت الراهب أن “الدراما قد تكون ساهمت بشكل كبير في التعبير عن الواقع أفضل، نتيجة المساحة في حرية التعبير التي حصلت عليها في مجال التعبير عن هموم الإنسان” المعيشية حصراً. وأبدت الراهب “الثقة في نجاح الثورة السورية التي يدفع فيها الشعب السوري ثمناً باهظاً”، معتبرة أن نجاحها “سيؤثر حتماً على حرية الإبداع بما في ذلك الأفلام التي تعبر عن حقوق الإنسان”. تامر العوام ويوم الخميس الماضي تم عرض الفيلم السوري “ذاكرة المكان” للمخرج السوري تامر العوام الذي قتل بنيران القوات السورية النظامية الأحد الماضي. وعرض الفيلم ضمن ندوة “دور السينما في دعم الثورة السورية”، من خلال البرنامج الاحتفالي بالسينما السورية، ضيفة شرف المهرجان لهذا العام. وقدمت خلال الندوة أفلام عدة بينها هذا الفيلم الذي لم يكتمل، ولم يتجاوز طوله الدقائق الثلاث تحت عنوان “ذاكرة المكان”. ولم يكتمل هذا الفيلم بسبب مقتل مخرجه تامر العوام الأحد الماضي في مدينة حلب شمال سوريا. ويصور الفيلم سقوط حاجز لقوات النظام بقبضة الجيش السوري الحر. وتامر العوام مخرج وصحافي وناشط من مدينة السويداء (جنوب سوريا)، “ترك مكان إقامته في ألمانيا والتحق بصفوف إعلاميي الثورة السورية”، بحسب ما ذكر المجلس الوطني السوري الذي يضم معظم أطياف المعارضة. وسبق أن قام العوام بتصوير أفلام تم بثها على عدد من القنوات الفضائية العربية والأجنبية، إلى جانب عرض مشاهد أخرى عن الثورة السورية التقطها مخرجون مختلفون عرضت في مقدمة الندوة. وقام بإدارة الندوة بعد انتهاء هذه اللقطات نائب رئيس المهرجان الناقد أمير أباظة بحضور عدد من المخرجين والفنانين السوريين الذين اسهموا بالتقاط هذه المشاهد. وتحدث في الندوة الناقد السوري المقيم في الإمارات حكم البابا، مشيراً إلى أن “الفنانين السوريين، إلى جانب الإعلاميين والنشطاء السياسيين، أدوا دوراً هاماً في تعريف العالم بما يجري في سوريا، وقد دفع عدد من المبدعين والفنانين حياتهم ثمناً لهذه المشاركة”. وقال الفنان عبد الحكيم قطيفان “عدد الشهداء في سوريا تجاوز المائة ألف شهيد، وهناك مئات الآلاف من الجرحى والمصابين، والآلاف من المعتقلين.. لا يخلو منزل في سوريا من حكاية.. فكل حياة شخص يمكن أن تكون فيلماً وقصة لأناس يحلمون بالحرية”. وقال المخرج والممثل السوري الشاب محمد ملص، الذي لجأ إلى القاهرة قبل أشهر بعد ملاحقته في دمشق، أن “صناعة السينما في سوريا تحولت إلى دماء.. وأصبح الجميع مساهماً في فضح النظام، حيث أدت كاميرات الهاتف المحمول والأفلام التي التقطتها دوراً كبيراً في فضح النظام في ظل عدم وجود أي تغطية إعلامية خارجية للقنوات الإخبارية العربية والعالمية”. سينما المغرب وحقوق الإنسان وتحدث المخرج المغربي عز العرب العلوي عن علاقة السينما المغاربية بحقوق الإنسان والحرية، وقال “الواقع السياسي في المغرب كان مؤثراً جداً على السينما المغربية، فبقدر الحرية الممنوحة كانت تخرج أفلام”. وأضاف “كانت فترة السبعينيات قاسية، إذ لم يكن فيها أي مساحات للحرية”. وتحدث العلوي عن حركة تأسيس النوادي السينمائية في المغرب “رداً على ضيق مساحة الحرية (..) بما تتيحه هذه النوادي من مساحة للتنفيس ومناقشة الأحوال السياسية، وان كانت جميعها مراقبة بوليسيا”. واعتبر العلوي انه “مع انتقال المغرب للعهد الجديد الجديد في عصر الملك محمد السادس دخل المغرب في مرحلة ثانية ظهرت خلالها أفلام مغايرة وناقشت حقوق الإنسان، وظهرت موجة جديدة من الأفلام تسمي موجة سينما “سنوات الرصاص” وتتحدث عن فترة السبعينات القاسية في المغرب، إذ ناقشت الظلم الذي تعرض له المواطن المغربي في تلك المرحلة”. غير أن العلوي انتقد الإنتاج المغربي في تلك المرحلة معتبراً أن “غالبية هذه الأفلام التي تطرقت إلى حقوق الإنسان في المغرب سقطت في أدلجة الأحداث السياسية، وكأنها فيلم وثائقي وتخلت عن جماليات السينما وقدرتها التعبيرية”. وسيعرض المهرجان عدداً من الأفلام السورية ضمن احتفاله بالسينما السورية كضيف شرف لهذه الدورة، من بينها “رؤى حالمة” لواحة الراهب. واحة الراهب أ ف ب | الإسكندرية