الذهب ينخفض 2 % مع انحسار التوترات التجارية.. والأسهم تنتعش    رؤية تسابق الزمن    تحولات كبرى في تسعة أعوام في مسيرة بناء وتنمية مستدامة    101.5 مليار ريال حجم سوق التقنية    101.5 مليار ريال حجم سوق التقنية    تصاعد التوترات التجارية يهدد النمو والاستقرار المالي    الحكومة اليمنية تحذر موظفي ميناء رأس عيسى من الانخراط في عمليات تفريغ وقود غير قانونية بضغط من الحوثيين    اكتشاف لأقدم نملة في التاريخ    النصر يقسو على يوكوهاما برباعية ويحجز مقعده في نصف نهائي "نخبة آسيا"    غوارديولا: نوتنغهام فورست اختبار صعب    ضبط 19328 مخالفاً للإقامة والعمل    قدراتنا البشرية في رؤية 2030    المملكة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب    800 إصابة بالحصبة بأمريكا    فواتير الدفع مضرة صحيا    الذكور الأكثر إقبالا على بالونة المعدة    انطلاق فعالية "امش 30".. اليوم    لقاء مقتضب بين ترمب وزيلينسكي في الفاتيكان لإنهاء الحرب    انطلاق الجولة الثالثة لمحادثات الملف النووي بين إيران والولايات المتحدة    موعد مباراة الأهلي والهلال في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    وزير الحرس الوطني يزور «بينالي الفنون الإسلامية 2025»    حين يعجز البصر ولا تعجز البصيرة!    السعودية تعزي إيران في ضحايا انفجار ميناء بمدينة بندر عباس    القيادة تهنئ تنزانيا بذكرى يوم الاتحاد    المملكة ترحب بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية    برعاية أمير المنطقة الشرقية.. انطلاق فعالية "امش 30" لتعزيز نمط الحياة الصحي    32 مليون مكالمة ل 911    نيس يعلن إصابة عبدالمنعم في الرباط الصليبي    مكافحة المخدرات معركة وطنية شاملة    التحول الرقمي في القضاء السعودي عدالة تواكب المستقبل    قوانين الفيزياء حين تنطق بالحكمة    دنيا حظوظ    الصبان رعى الختام .. اليرموك يخطف الأضواء والحريق والهلال في صدارة التايكوندو    المؤسسة الدبلوماسية بالمغرب تمنح مدير عام الإيسيسكو الجائزة الدولية للدبلوماسية الشعبية    "المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    جيسوس: الفوز بهدف فقط أفضل من خسارة كانسيلو    ثمار المانجو تعلن موسم العطاء في جازان    آل هيازع: رؤية 2030.. قصة نجاح ملهمة وإنجازات تسابق الزمن    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    وزير التعليم يرفع التهنئة للقيادة بما تحقق من منجزات تعليمية    أمير عسير يهنئ القيادة بمناسبة صدور التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030    أبها تتغطى بغطاءها البنفسجي    وزير الصحة: تطبيق نموذج الرعاية الصحية الحديث أسهم في رفع متوسط عمر الإنسان في المملكة إلى 78.8 عامًا    للمرة الثالثة على التوالي ..الخليج بطلاً لممتاز كبار اليد    نائب أمير تبوك: رؤية المملكة 2030 حققت قفزات نوعية وإنجازات    ثانوية الأمير عبدالمحسن تحصد جائزة حمدان بن راشد    أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة من منجزات في الأعوام التسعة الماضية    "عبيّة".. مركبة تحمل المجد والإسعاف في آنٍ واحد    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يلتقي مديري عموم الفروع    في الدمام ( حرفتنا حياة ) ضمن مبادرات عام الحرف اليدوية 2025    إمام الحرم النبوي: حفظ الحقوق واجب شرعي والإفلاس الحقيقي هو التعدي على الخلق وظلمهم    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    محافظ صبيا يكرم رئيس مركز قوز الجعافرة بمناسبة انتهاء فترة عمله    رئيس نادي الثقافة والفنون بصبيا يكرّم رئيس بلدية المحافظة لتعاونه المثمر    محافظ صبيا يشيد بجهود رئيس مركز العالية ويكرمه بمناسبة انتهاء فترة عمله    10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً.. فوائد السُّحُورِ للصائم المسلم بقلم : د. كمال إبراهيم علاونه
نشر في التميز يوم 22 - 07 - 2012

يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
وبهذا نرى أن الله الأحد الصمد كتب على المسلمين صيام شهر رمضان المبارك ، وحض المسلمين على الأكل والشرب في ساعات السحر لما قبل أذان الفجر ، وبناء عليه يمكننا القول إن السحور مفيد للصائم فرب العالمين أخبر بعباده من النواحي البدنية والعقلية ، الروحية والمادية . وبذلك يكون صيام شهر رمضان اليومي بين أذانين : أذان الفجر وأذان المغرب ، وبين طعامين : طعام السحور وطعام الفطر . وتختلف عدد ساعات الصيام من بلد لآخر ، ومن فصل لآخر في البلد ذاته ، حسب دوران الكرة الأرضية ، حول الشمس .
وهناك متطلبات للصيام يفترض أن يتقيد بها الإنسان المسلم ليجني فوائد دنيوية وأخروية جمة من هذا الركن الإسلامي المفروض على أبناء الأمة الإسلامية وهو ركن الصيام . وعملية السحور هي من باب الأخذ بالأسباب ، ومن بين هذه المتطلبات الجسدية والروحية ، تناول طعام السحور وهو أي نوع من الأطعمة والأشربة الحلال المقرة في الشريعة الإسلامية الغراء . والسحور يمكن أن يكون بعد ساعات منتصف الليل ، ولكن يحبذ تأخيره لتخفيض عدد ساعات صيام المؤمن . وهناك من الصائمين من لا يتسحرون وهذا خطأ شائع عند البعض ، يؤدي إلى هلاك جسم الإنسان ، والله سبحانه وتعالى لا يريد هلاكه بل يريده أن يتقوى على عبادته بالصيام والقيام والصلاة وقراءة القرآن المجيد والتصدق وإخراج الزكاة وغيرها .
شهور السنة وشهر رمضان وليلة القدر
ونلاحظ أن الله جل جلاله وزع أركان الإسلام على مدار اليوم والليلة أولا كالصلوات الخمس والتسبيح والتهليل والتكبير والحوقلة ، وعلى مدار فصول السنة الأربعة ثانيا ليواصل الإنسان عبادة ربه والتقرب إليه . يقول الله الحميد المجيد عز وجل : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) }( القرآن الحكيم ، التوبة ) .
ويقول الله عالم الغيب والشهادة جل شأنه : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)}( القرآن العظيم ، البقرة ) . ويقول الله سبحانه وتعالى عن تفضيل ليلة القدر في رمضان وإنزال القرآن فيها : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}( القرآن المبين ، القدر ) . وبهذا يكون تكريم التكريم من بين الشهور الإثني عشر شهر رمضان ومن أيام شهر رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر التي تعادل 83.33 سنة ، وهي ليلة يمكن أن يعدل ثوابها ثواب عبادة حياة إنسان كاملة أو أكثر أو اقل حسب أجل الإنسان المسمى من رب العالمين ، المحيي الميت ، الحي القيوم .
وبالتالي فإن التسحر وقت السحر لليلة القدر الرمضانية أمر هام دينيا ودنيويا وأخرويا ، لسعي الإنسان والتسابق نحو فعل الخيرات الكثيرات لجني الحسنات والاستغفار من السيئات لمحوها واستبدالها بالحسنات ، فالتسحر وقت السحر ، له فضلان : فضل بركة السحور وفضل بركة الاستغفار بالسحر وهو وقت السحور تقريبا وهي من الأمور المستحبة لخالق الخلق أجمعين .
فوائد السحور الرمضاني الإسلامي
للسحور فوائد ومزايا خيرة طيبة مباركة ، صحيا ونفسيا واجتماعيا فرديا وجماعيا ، أخبرنا عنها المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث جاء في صحيح البخاري - (ج 7 / ص 3) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً " . وورد في سنن أبي داود - (ج 6 / ص 289) عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ : دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ : " هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ " . وورد في سنن النسائي - (ج 7 / ص 333) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " عَلَيْكُمْ بِغَدَاءِ السُّحُورِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَدَاءُ الْمُبَارَكُ " .
فالسحور من المسائل التعبدية الطوعية المحبذة والملزمة إلهيا ونبويا في الإسلام ، كمتطلب سابق لتأدية عبادة من عبادة الله ، وطقس من طقوس الإسلام العظيم وهي صوم رمضان الفضيل . ففي السحور بركات طيبة ربانية ، لما فيه من فوائد جمة تمكن الإنسان من الصبر على الإمساك عن تناول وجبات الطعام والشراب الحلال ، وأهم هذه الفوائد الآتي :
أولا : المحافظة على التوازن الجسدي : فعبر أخذ القليل من الطعام والشراب يستطيع الجسم المحافظة على توازنه العام ، كما يحافظ على التوازن النفسي والإطمئنان الغذائي وتسري الدورة الدموية في جسم الإنسان كالمعتاد .
ثانيا : التوازن النفسي عبر الاستيقاظ قبل صلاة الفجر للدخول في عبادة تالية من أركان الإسلام العظيم وملازمة الاستغفار للسحور .
ثالثا : التعود على النظام والانتظام في الحياة العامة والحياة الإسلامية خاصة ، فتبدو الأمة الإسلامية في تأدية متطلبات متطابقة في أوقات محددة في وحدة إيمانية واحدة . ونستطيع القول ، إن السحور يمتد على مدار اليوم والليلة كما حال الأذان والصلوات الخمس في جميع أنحاء الكرة الأرضية .
رابعا : المحافظة على صحة الإنسان : عبر الجمع بين الاستيقاظ المبكر واستنشاق الهواء الطلق ، وتعويد الصحة على نمط خاص لمدة شهر زمني في السنة . وكذلك فإن الصيام يؤدي لإذابة سموم الجسد التي تجمعت عبر 11 شهرا من شهور السنة من تواصل تناول الطعام والشراب .
خامسا : الإحساس النفسي والاجتماعي والاقتصادي مع الفقراء والمحتاجين والمعوزين ، وتقديم ما يمكن لهم .
سادسا : التجمع الأسرى الاجتماعي في مكان محدد وزمان محدد ، في البيت أو المطبخ لمدة شهر واحد في تجمع إسلامي واحد ، هو شهر رمضان الفضيل ، لاستنهاض النفوس على أداء عبادة صيام شهر رمضان ، شهر المحبة والبركات والإنفاق . والسحور هم ميزة من ميزات الأمة المسلمة لا يماثلها فيها أمة أخرى . ومن السنة النبوية في الصيام تناول الطعام الجماعي لزيادة بركته سواء في السحور وقت السحر أو الإفطار المسائي .
سابعا : صلاة الله وملائكته على المتسحرين : جاء في مسند أحمد - (ج 22 / ص 209) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ " . وورد في حديث نبوي آخر ، جاء بمسند أحمد - (ج 47 / ص 114) أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ فَقَالَ : " إِنَّ السَّحُورَ بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُوهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تَدَعُوهَا " .
وعليه ، يمكننا القول إن الصيام بحاجة لقوت المعدة لعدة ساعات وهذا يتوفر عبر تناول طعام السحور القليل ، ومن المعلوم أن الإنسان يكثر من تناول وجبة الإفطار بعد أذان المغرب ، بينما لا تتقبل نفسيته عملية ملء البطن عند السحور في الهزيع الأخير من الليل وهي ظاهرة صحية إسلامية مميزة .
أطعمة السحور الإسلامية
تتعدد أصناف الأطعمة والأشربة الحلال عند الإفطار المسائي للإنسان المسلم ، بعد غروب الشمس بقليل ، فمن مستكثر ومن مستقل من كمية الطعام ، ولكن المؤمن الراغب في الصيام لا يمكنه اللجوء إلى تعدد أصناف الطعام عند السحور ، بل يتناول قدرا يسيرا من الأكل ، والتالي فإن السحور يركز على الطعام النوعي والماء بعكس الإفطار الذي يركز فيه الإنسان المسلم على الطعام الكمي والنوعي في الآن ذاته بالإضافة إلى الحلويات
والماء والمشروبات الغازية والتمر هندي والعرقسوس وغيرها . جاء في سنن أبي داود - (ج 6 / ص 290) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ " .
على العموم ، إن طعام السحور يكون قليل الكمية وكثير الفائدة ، لتعويد المعدة وجسم الإنسان على نمط معين من الحياة النفسية والجسمية . وهناك من يتناول ما لذ وطاب من الأطعمة ، وخير الأطعمة للسحور أطعمة أهل الجنة ، كالتمر أو العسل والعنب والرمان وغيرها . وهناك أو اللبن الرائب ، أو الفواكه أو الخضروات أو التمور أو الفول أو الحمص أو الطعمية أو جزء من طعام الأمس في السحور من الطبيخ ، وهناك من يتناول الأطعمة العادية التي تعود عليها في النهار ، وهناك من يتناول مشتقات الألبان كالحليب والجبن واللبنة ، والحلاوة ومربيات التطلي بالإضافة إلى الشاي أو القهوة والحليب . وهناك من يشرب الماء كنوع من السحور وهو مفيد لجسد الإنسان بحده الأدنى وينظف معدة الإنسان من الرواسب السابقة طيلة أحد عشر شهرا من شهور السنة .
وأنا شخصيا ، دأبت على تناول طعام السحور بانتظام لما فيه من الخير والبركة والفائدة الروحية والجسمية على السواء ، ففي بعض الأحيان أتناول بعض أنواع الفاكهة كالموز والخيار والآجاص أو البرتقال والخوخ أو التمر ، حسب الفصل الذي يأتي فيه شهر رمضان المبارك ، وأتناول إلى جانبه كاسا من الحليب وعدة كؤوس من الماء ويمكن أن أتناول بعض أقراص القطائف ، ولا أرغب ولا أميل لتناول الخبز .
الإبتعاد عن سحور الموالح
من جهة أخرى ، ينصح المتسحرون من الصائمين بعدم تناول الأجبان والموالح لأنها تسبب العطش في ساعات الصيام التي تكون في معظمها تتراوح ما بين 12 – 17 ساعة يوميا ، وتنازل مقادير ملائمة من الماء لتلبية احتياجات الجسم من هذا السائل الذي جعل الله منه كل شيء حي . وفي المقابل فإن تناول السحور بالمأكولات الرطبة الطرية كالفواكه من التمور والعسل أفضل لجسم الإنسان .
موعد السحور الإسلامي قبل أذان الفجر
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . وبهذا فإن أكل وشرب المتسحرين الجماعي يكون حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم مواصلة إتمام الصيام إلى الليل لينال المسلم رضى الله وغفران الذنوب ، ويدخل جنات النعيم المقيم من باب الريان أحد أبواب الجنة .
وجاء في مسند أحمد - (ج 43 / ص 316) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ وَأَخَّرُوا السُّحُورَ " .
علي أي حال ، يفضل في الإسلام التعجيل في طعام الفطور بعد أذان المغرب ، وتأخير السحور لتقليل عدد ساعات الصيام ، فيفترض تناول طعام السحور قبل أذان الفجر ما بين 60 - 30 دقيقة ، بينما يفطر الصائم المسلم على حبات من التمر أو الماء أو اللبن قبل الأكل الطبيعي العادي من الطبيخ من الخضروات والأرز واللحوم من الماعز والنعاج والأبقار لما فيه من فائدة تسهيل الهضم وملء العروق وتنشيط الدورة الدموية . فقد ورد في سنن أبي داود - (ج 6 / ص 302) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُون " .
َمن جهة أخرى ، يسن للمسلم الذي يصوم أن يستخدم السواك أو ما يعرف اليوم كذلك بفرشاة الأسنان لتنظيف اللثة والأسنان من بقايا الطعام ، وجعل رائحة الفم طيبة كرائحة المسك . ويجب أن لا يتناول المسلم في طعام السحور البصل أو الثوم أو الكراث أو الفجل لما لها من رائحة كريهة تخرج من المعدة لأعلى وتجعل رائحة فم الصائم كريهة . وهناك من يدخن وقت السحور ، وهو أمر غير مستساغ لما له من تأثير سيء على الصائم ورائحة فمه فيبدو الصائم كنفاخ الكير وليس كحامل المسك الذي حض عليه الإسلام العظيم الرحيم .
وعن وقت السحور ، وموعده وتحبيذ تأخيره ، جاء في موطأ مالك - (ج 1 / ص 219) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ " .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 6 / ص 500) عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً .
وسحورا مباركا من الغداء المبارك ، نتمناه ونرجوه لكم ، وصياما وقياما مقبولا من رب العالمين ، إن شاء الله تبارك وتعالى .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.