ماذا يحدث لعمليات الجسم الحيوية من تغيرات خلال شهر الصوم؟ ما هي الحالات المرضية التي تستدعي الإفطار والأخذ بالرخصة الشرعية؟.. الصحة قضية لا يزايد إنسان عليها، من أجل المحافظة عليها أو استردادها بعد مرض عضال استطاع أن يسلبها منه، يقدم كل ما يملك من غالٍ ونفيس. وصيام شهر رمضان يحمل الكثير من الفوائد العظيمة على الصحة بشرط أن يلتزم الصائم بتعاليم وحدود الصيام والحكمة منه. يشهد هذا الشهر حدوث تغيرات كبيرة في العادات ونمط الحياة والمعيشة، فبالنسبة للأكل تصبح الوجبات الرئيسية اثنتين بدلا من ثلاث، ومحتواهما يتغير أيضا من الأنواع الدسمة والعالية الدهن التي تعوّد الكثيرون عليها طوال السنة الى وجبات خفيفة معظمها من السوائل. وساعات النوم هي الأخرى تخضع لبعض التغيير الذي يناسب أداء الشعائر والعبادات في هذا الشهر. كذلك ساعات العمل وطبيعته التي تخضع إلى التخفيض لإعطاء الفرصة للقيام بالعبادات ليلا. إن لكل هذه التغييرات تأثيرها الايجابي في الصحة، سواء للإنسان السليم أو المريض بأحد الأمراض المزمنة. فوائد الصوم الصحية * هناك العديد من الأبحاث العلمية التي أجريت في دول عربية ومسلمة أو دول أجنبية مثل الولاياتالمتحدة الأميركية، أثبتت فوائد الصوم على الصحة في أي وقت من أوقات السنة، ونفت أن يكون للصيام تأثيرات ضارة، إلا في الحالات التي لا يلتزم فيها المريض بالتعليمات الصحية، خاصة ما يتعلق بالغذاء منها. إن أداء الصيام وفقا للتعاليم الدينية الصحيحة ومن دون الإخلال بالقواعد الصحية، يساعد على ثبات الصحة ومن ذلك: تخليص الجسم من الدهنيات الزائدة، تخفيض معدل الكوليسترول للذين يعانون من ارتفاعه، كما يخفض الصوم من مستوى الأملاح في الدم. وبذلك يستفيد من الصيام كثير من مرضى القلب وارتفاع ضغط الدم وأصحاب الحصوات البولية والمرارية، كذلك مرضى السكري، ويستفيد بشكل خاص مرضى الجهاز الهضمي والأشخاص ذوو الأوزان الزائدة.
تحدث الى «صحتك» الدكتور بركات محمد السلامي، استشاري أمراض باطنة بمستشفى الملك فهد بجدة، مشيرا إلى أن فوائد رمضان الصحية وعلاقة الصيام بالبدن وجميع أعضائه، كبيرة جدا وايجابية، فالصوم علاج شاف لكثير من العلل البدنية والعادات السيئة، وفيه إعادة (برمجة) لكل وظائف أجهزة الجسم الحيوية، مما يصحح مسارها وعملها للأعوام المقبلة. صيام المريض * ثم أكد الدكتور السلامي ضرورة استشارة الطبيب المعالج قبل حلول شهر الصوم لكل ذي علة مزمنة طلبا للنصيحة والمشورة حول علاقة مرضه بالصوم، وعن إمكانية الصوم أو لا، وفي حالة استطاعته الصوم كيف له أن يحصل على أكبر قدر من الفائدة؟. وكمثال على الأمراض المزمنة التي لها علاقة بالصوم، ذكر الدكتور السلامي أمراض قرح الجهاز الهضمي (المعدة والاثنا عشر) الشديدة أو النازفة أحيانا، وهي تستحق منا وقفة للإيضاح. فليس هناك شك أنها تتعارض مع الصوم، في حالة نشاطها خاصة عندما تكون نازفة، لما في ذلك من فقد لدم الإنسان وحاجة المريض لأخذ العلاج بجرعات متكررة وقد تستوجب الحالة التدخل العلاجي السريع. كذلك الحال عند وجود قرح تنتج عن امتناع الإنسان عن الطعام والشراب، فإنه ينبغي مراجعة الطبيب لأخذ الرأي الطبي. وينطبق ذلك ايضا على بعض حالات الربو الشعبي، التي تتطلب العلاج المكثف، وقد أفتى العلماء بجواز أخذ بخاخات الربو العلاجية مع إكمال الصوم، لكن على المريض التماس النصح والإرشاد من الأطباء المتخصصين. أما مرضى السكري فهم كثيرون، وتختلف حالاتهم حسب نوع ودرجة المرض، فهناك سكري الكبار وسكري الصغار المعتمد على الأنسولين. ففي حالة هبوط السكر نهارا أثناء الصوم، يرخص للمريض من هذه الفئة أن يفطر وأن يتناول شيئا من الأكل أو الشرب كي يقاوم حالة هبوط السكر، التي قد تؤدي إلى فقدان الوعي والغيبوبة. كذلك الحال عند وجود مضاعفات متقدمة لأحد الأمراض المزمنة، فيجب على المريض أن يستفسر عن موضوع الصوم ومدى تأثيره في مرضه واحتمال حدوث مضاعفات. كما ان حالات التليفات الكبدية، خاصة الحالات المتقدمة منها، قد تمنع المريض من الصوم حتى لا يتعرض الى نقص الطاقة التي مصدرها الطعام، وهي ضرورية لحيوية جسمه ومختلف أعضائه. وفي كثير من حالات الضعف الجسدي الناتجة عن أمراض منهكة، قد ينصح الطبيب بتحاشي الصوم لحاجة الجسم الى إمداده بالطاقة. ومن تلك الحالات: السرطانات، حالات نقص المناعة المكتسب، والفشل الكلوي وغيرها. ولا ننسى أوقات أخذ الأدوية المختلفة خلال شهر رمضان، فإنها تحتاج الى مراجعة من الطبيب المعالج لإيضاح الطريقة التي تتناسب مع الصيام ومعرفة علاقة الأدوية مع امتلاء أو خلو المعدة من الطعام. ويذكر الدكتور السلامي أن هناك حالات مرضية عديدة أخرى، لا يمكن حصرها في هذه العجالة، تحتاج إلى أخذ جرعات الدواء على فترات زمنية متقاربة، مما يجعلها تتعارض والصيام.