دخلت الطائف عروس المصائف عبر بوابة الكلمة رومانية المنشأ خماسية الاحرف (اغسطس ) الى موسمها السياحي الذي يقتطع 31 يومآ من عمر العام وخلال هذه المدة من الزمن لم تهدأ وتيرة الفعاليات المتجددة المتوهجة على مدار الساعة التي هاجمت واقصت الفراغ الممل وغيبته واكرهته على الانسحاب واعلان التقهقر والانهزام ولم تمنحه فرصة للتواجد او حتى التسلل الى نفوس تهدف الى الفسحة و كسر عظم الروتين وتفتيته الى حطام على صخرة الترفيه الناعمة غير مرغوب فيه وارتمت في احضان المصيف اللطيف هاربة من مناخ طارد الى آخر جاذب تنشد كل ما هو جديد وانخرطت في زحام العروض المتنوعة التي تشبعت بها الحدائق والمنتزهات حتى فاضت وتدفقت الى الشوارع والممرات وخاطبت الجنسين لم تستثني احد من الاجيال تحمل بخطوات واثقة شعار الجميع سيغرق في الرفاهية بداية بمرحلة الطفولة والصبا ومرورآ بمرحلة الشباب التي تعد الشريحة الاكثر عددآ في صفوف الحضور ووصولآ الى مرحلة الكهولة التي تعد الفئة الوحيدة المخضرمة التي يرتبط لدي غالبيتها في مخزون الذاكرة حلقة وصل بين معطيات عصرين مختلفين ماض عايشته وحاضر تتعايش معه واحتلت تلك العروض مساحات شاسعة وانبسطت على خارطة المدينة التي اتخذت من الفرح عنوانآ بارزآ واخذت تتراقص من اقصاها الى اقصاها على انغام انواع من الوتريات التي عزفت سيمفونيات موسيقية بالحان مختلفة واتفقت جميع العروض على هدف موحد يتمثل في ارضا ذائقة حشود ضيوفها من المصطافين الذين قصدوها جماعاتآ وافرادا ارتسمت على ملامحهم وبوضوح ناصع وجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة وحطوا رحالهم في ارجائها ينشدون الطقوس المفعمة بنكهات الطائف التي تتفرد بها. وشرعت لهم الطائف المأنوسه ابوابها مرحبة بأحبابها الذين اعتادت مجيئهم بصورة سنوية وظهرت العروس بوجهها الطلق تختال ضاحكة بحسنها الموشح بابتسامتها المعهودة وصدرها الرحب تكسوها السحب الركامية ذات المدد من الماء والثلج والبرد وتدفعها النشوة المتجددة في عرسها السنوي الذي تعيش منعطفه ما قبل الأخير هذه الايام متزودة بإمكانات طبيعة وبشرية تتجاذبها الطبيعة والانسان لا سيما ان الطائفالمدينة الولادة انجبت في بساتينها الخضراء الغناء وارفة الاشجار يانعة الثمار المتناثرة في سهول وعلى سفوح جبال السروات الراسيات وبجودة عالية الورد والرمان والتين والعنب واخذت تتباها في صفوف المدن الجاذبة للمصطافين بهذا الرباعي من سفراء السلام الذي لم يخذلها قط وتخطى هذا المربع المسافات مصحوبآ بالسلامة في رحلات شبه متواصلة يرافق المغادرين الى وجهاتهم الاربع الشمال والجنوب والمشرق والمغرب بغية الإسهام في رسم ذكرى عن الطائف يهدف الى رسوخها في الاذهان على مر العقود والازمان . ويحتضن حضن الطائف الدافئ معنويآ البارد مناخيآ في كنوزه الثمينة معالم قائمة تعزف على وتر التاريخ لا تعترف بالتراخي في وضع استعداد دائم للقراء المتعطشين لسبر اغوار الحضارات السابقة والغوص في اعماقها تحكي في صمت مطبق على اركانها يفوح منه نكهات ضاربة في جذور احقاب تاريخية مستندة على الفعل الماضي (كان ) عن اجيال من الراحلين عاصرت وغادرت وبقيت آثارها منحوتة ومحفورة كشواهد على الزمان والمكان والانسان فيما تقاسمت الخيل المسومة مع سفن الصحاري الثنائي الذي تناقلته الاجيال وعضت عليه بالنواجذ من عصر فجر التاريخ حتى العصر الحديث من الصافنات الجياد والابل ذات السنام تقديم مشاهد حركية تفتح للمتلقي عين اخرى لقراءة التاريخ بصورة تفاعلية محسوسة وملموسة وتكشف عن دورها في خدمة البشر و بناء الحضارة خصوصآ انها شكلت قديمآ حسب معطيات العصر آنذاك نقلة حضارية تحمل شيئآ من الرفاهية لانسان ذلك الوقت و في مواكبة ومجاراة للتطور وعلى الرغم من ان ذاكرة المصطاف البشرية ذات طاقة استيعابية هائلة لالتقاط الصور والمشاهد وتخزينها وتفريغها روائيآ شفهيآ او كتابيآ للمتلقي بطريقة قد تغلب عليها المزاجية واهواء النفس وثقب النسيان وادعاء المثالية احيانآ الا ان ثورات العصر من الاجهزة الذكية دفعتها معززة مكرمة الى جزء كبير من الهامشية واثبتت في عصر السرعة بما لا يدع مجال للشك مصداقيتها ودقتها في الدعاية الواعية عبر النقل المباشرمن قلب الحدث حتى تخطى صدى فعاليات الطائف حواجز الجغرافيا واقتص جزءآ من حديث الساعة وتردد على مساحات واسعة يقدم الدعوات بغية استقطاب المزيد المصطافين في المواسم القادمة