قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الكونغرس ارتكب خطأ برفضه الفيتو الذي استخدمه ضد قانون يسمح بمقاضاة السعودية بسبب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وأضاف أوباما أن القانون سيكون سابقة خطيرة قد يستخدمها أفراد في أنحاء العالم لرفع قضايا على الولاياتالمتحدة. وفي أول تعليق خليجي على قرار الكونغرس قال عبدالخالق عبدالله، وهو خبير من الإمارات العربية المتحدة في شؤون الخليج وأستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات: "يجب أن يكون واضحا لأمريكا ولبقية العالم أنه في حال استهداف أي دولة عضوة في مجلس التعاون الخليجي فإن بقية الدول الأعضاء ستقف إلى جانبها. ستقف كل دول مجلس التعاون إلى جانب السعودية بكل وسيلة ممكنة". وكانت السعودية قد حذرت هي وبعض من حلفائها من أن سن هذا القانون ستكون له عواقب سلبية. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في يونيو/حزيران الماضي إن الولاياتالمتحدة ستكون الخاسر الأكبر إذا سن القانون. وعلى الرغم من التقارير التي تحدث حينئذ عن احتمال قيام السعودية بسحب استثماراتها المالية الضخمة من الولاياتالمتحدة في حال سن القانون، فإن الجبير قال إن بلاده حذرت فقط من انهيار ثقة المستثمرين السعوديين في الولاياتالمتحدة. وكان التصويت الذي جرى في مجلس الشيوخ الأربعاء أول مناسبة تعرض فيها فيتو لأوباما للرفض. ووافق مدير المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) جون برنان على أن القانون يحمل في ثناياه تهديدا خطيرا للأمن القومي. وقال إن "اخطر العواقب وأكثرها ضررا سيتعرض لها اولئك المسؤولون الحكوميون الأمريكيون الذين يعملون في الخارج نيابة عن بلادنا". وأضاف "أن مبدأ الحصانة السيادية مبدأ يحمي المسؤولين الأمريكيين كل يوم، وهو مبدأ مبني على التبادلية". وقال "إذا تخلينا عن تطبيق هذا المعيار بالنسبة للدول الاخرى، فسنعرض مسؤولي بلدنا إلى مخاطر". ويفتح القانون الباب أمام عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر لرفع قضية على أي من أعضاء العائلة المالكة السعودية المشتبه بلعبهم أدوارا في الهجمات. وكان 15 من أصل 19 من منفذي الهجمات سعوديين، لكن السعودية، وهي حليف مقرب للولايات المتحدة، نفت اي صلة بالهجمات. وبالرغم من أن الاستخبارات شكت بإمكانية وجود صلة بين المنفذين وشخصيات سعودية إلا أن لجنة 9/11 لم تجد دليلا على أن مسؤولين سعوديين ساهموا في تمويل الهجمات. وقتل ما يقرب من 3 آلاف شخص حين تعمد المهاجمون الذين استولوا على طائرات الاصطدام ببرجي مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). وقال أوباما "لم يكن لاستخدامي الفيتو أي صلة بالسعودية أو مدى تعاطفي مع عائلات الضحايا، لكن من اجل تجنب أن نجد أنفسنا في وضع المتهم في قضايا تخص الأعمال التي ننفذها حول العالم". وقد صوت مجلس الشيوخ الأمريكي أولا لمصلحة رفض فيتو الرئيس ب97 صوتا مقابل صوت واحد، ومن ثم صوت مجلس النواب أيضا على رفض الفيتو بأغلبية 348 صوتا مقابل 76. وبذلك يصبح القانون الذي يحمل اسم "العدالة ضد رعاة الإرهاب" ساريا. ويعدل التشريع الجديد القانون الجنائي الفيدرالي بحيث "يقلص نطاق حصانة الدول أو الأشخاص الأجانب" بالإذن للمحاكم الأمريكية بنظر قضايا ضد دولة أجنبية في أحداث إرهابية. ويتيح القانون، بذلك، رفع "قضايا مدنية ضد دولة أجنبية أو مسؤول أجنبي لطلب تعويضات عن إصابات أو موت أو أضرار ناجمة عن عمل من أعمال الإرهاب الدولي." وتعد نتيجة التصويت ضربة لإدارة الرئيس أوباما وللسعودية التي تعد من أقدم حلفاء الولاياتالمتحدة في الشرق الاوسط. وقد أشار الرئيس الامريكي إلى أن القانون قد يعرض الشركات والمسؤولين والقوات الأمريكية إلى دعاوى قضائية محتملة خارج البلاد. وقال أوباما في مقابلة تلفزيونية "إنها سابقة خطيرة، ومثال على: لماذا في بعض الأحيان يجب أن نتخذ قرارات صعبة. وبصراحة تمنيت لو أن الكونغرس هنا اتخذ القرار الصعب". وأوضح أوباما "إذا نظر اليك بوصفك قد صوت ضد عائلات (ضحايا) 11/9 قبيل الانتخابات، فلن يكون مفاجئا القول إنه تصويت يصعب على الناس اتخاذه، ولكنه كان يمكن أن يكون الصواب الذي ينبغي فعله". "الأكثر احراجا" وهاجم البيت الأبيض نتيجة التصويت، إذ قال الناطق باسمه جوش ارنست "إن هذا يعد الفعل الأكثر احراجا من مجلس الشيوخ ربما منذ عام 1983"، وذلك في اشارة الى نقض المجلس لفيتو رئاسي آخر آنذاك. وكان مجلسا الشيوخ والنواب الأمريكيان أقرا بالاجماع تشريعا عرف باسم "قانون العدالة ضد رعاة الارهاب" هذا العام على الرغم من التحشيد الذي قامت به إدارة الرئيس أوباما لرفضه. ويعدل التشريع الجديد قانونا صدر في عام 1967 يعطي حصانة لبلدان أخرى من الملاحقة القضائية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، الأمر الذي سيعطي الحق لأسر ضحايا هجمات ال 11 من سبتمبر في مقاضاة اي مسؤول في الحكومة السعودية يشك في لعبه دورا في هذه الهجمات. ودافع أوباما عن اختياره استخدام حق النقض ضد القانون بأنه سيقوض العلاقات الأمريكية السعودية، وحذر من انه سيسمح برفع دعاوى قضائية انتقامية ضد المسؤولين وعناصر القوات المسلحة الأمريكية في أماكن مثل أفغانستان والعراق. بيد أن المدافعين عن القانون يردون بأنه يطبق على فعل إرهاب وقع على التراب الأمريكي فقط.