عدد من الأطفال العصاميين لم تمنعهم ظروف الدراسة، ولا الاختبارات، ولا حتى برودة الطقس الشديدة من البحث عن لقمة العيش، وإعالة أسرهم من خلال مزاولة العمل في المساء، ويومي الخميس والجمعة والإجازات الرسمية. وبالرغم من أنهم أطفال تتراوح أعمارهم بين الثامنة إلى الخامسة عشرة. إلا أن لديهم عزم الشباب، فهم يجرون عربات نقل البضائع داخل حلقة سوق الخضار بالطائف، ويجمعون ما يمنحه لهم المتسوقون من أجرة نقل البضائع ليخرجوا في المساء بعشرات الريالات التي تكفيهم وأسرهم عن ذل السؤال. "الوطن" التقت بعدد من هؤلاء الأطفال العصاميين داخل سوق الخضار بالطائف، حيث قال سلطان أحمد وهو في العاشرة من عمره أنه يدرس بالصف الرابع الابتدائي، ويعمل بحلقة الخضار بعد الدوام المدرسي مباشرة، وأحيانا ينتظر لما بعد صلاة العصر ، ويذهب لسوق الخضار ، مشيرا إلى أنه يسعى جاهدا لجمع مبلغ مادي يعينه وإخواته ووالدهم على شراء حاجيات وأدوات للفصل الدراسي الثاني. وأضاف سلطان أنه يتغلب على برودة الطقس بالحركة والتنقل بين أروقة السوق لعرض خدمات عربته على الزبائن، مشيرا إلى أن البعض من زبائن ومرتادي الحلقة يتعجبون من قدرة بعض الأطفال على حمل البضائع الثقيلة في عرباتهم. وأشار نايف العتيبي (في الثامنة من عمره ويدرس بالصف الثالث الابتدائي)إلى أنه يعمل في أوقات الإجازات الرسمية في فترة الصباح والمساء، بينما في أوقات الدوام المدرسي فإن عمله يقتصر على الفترة المسائية، مضيفا أن أجرته تختلف من زبون لآخر، فربما يمنحه زبون 5 أو 10 أو 20 أو 25 ريالا، وأحيانا تكون الأجرة ريالين فقط. وبين نايف أنه يهوى العمل بسوق الخضار، ويتمنى أن يكون مستقبلا صاحب مبسط أو دكان لبيع الخضار، مشيرا إلى أن والداهم يدفعهم للعمل في سوق الخضار للاعتماد على أنفسهم ومساعدته في تدبير شؤون الحياة. وذكر أنه يستغرب من الزبائن الذين لا يراعون الأدب في التعامل مع الأطفال، ومنها أنهم ينادونه بكلمة "يا ورع" وبعض الألفاظ التي تنم عن نظرة ازدراء . وقال أحمد السفياني (في الحادية عشرة من عمره) إنه يعاني الأمران في حلقة الخضار خوفا على عربته من السرقة، مما يضطره إلى حملها معه للبيت والرجوع بها للحلقة أوقات العمل، وأحيانا يقوم بتقييدها بسلسلة وقفل في مكان ما في الحلقة لحين عودته للفترة الثانية، مضيفا أنه يكدح في العمل ليساعد والده في تأمين لقمة العيش، فهو الابن الأكبر لعائلته، التي تعلق عليه الآمال والطموحات. وقال أحمد إنه بالكاد يجد أحيانا أجرة بسيطة قد لا تكفيه إلا للسيارة التي يستأجرها للذهاب والعودة من وإلى الحلقة ، مشيرا إلى أنه يواجه حربا في سوق من العمالة الوافدة التي تحاربه وجميع الأطفال السعوديين في مهنة نقل البضائع. وشكا من أن التنظيم الذي يتبع في الحلقة وينص على أن عربات نقل البضائع ينبغي أن تكون للعمالة الذين تنتمي لبعض الشركات، كما شكا من أن هناك من يصفهم بأنهم أطفال لا يعون، ولا يدركون شيئا من أمور الحياة. بل ينبغي أن يذهبوا للملاهي أو الشوارع فهي المكان الأفضل لهم. وبين أحمد أن العمل في نقل البضائع ليس له أجر محدد. بل يترك الأمر للزبون الذي يتعاطف في بعض الأحيان مع الأطفال، وخاصة السيدات، حيث يمنحنهم أجرة عالية تصل إلى 20 ريالا.