ازدهرت تجارة «الكمامات» مع تزايد الهلع من انتشار مرض أنفلونزا الخنازير، وكسدت مبيعاتها مع انحسار المرض، لكن أجواء الغبار المتقلبة هذه الأيام تجعل من تجارة الكمامات مزدهرة مرة أخرى! مشكلة الأجواء المغبرة والمتقلبة أنها لا تلصق «الكمامات» على الأفواه فحسب بل وتحجب الرؤية أيضا، مما يجعلك أشبه بالتائه الذي فقد إحساسه بالاتجاهات ولم يعد قادرا على تحديد وجهته أو بلوغ غايته! كم أكره الأجواء المغبرة والمتقلبة فهي تفسد علي خططي، وتعطل حركتي، وتجعلني أقل حماسة للخروج إلى الشارع، وأكثر رغبة في البقاء بين جدران منزلي لأعيش مختارا ما قد يكون إجبارا العزلة عما يجري خارج أسواري، فالغبار هو عدوي الأول، حيث تغلق الكمامة فمي، ويحجب الغبار رؤيتي، وتعزلني عزلتي عن التواصل مع مجتمعي فينقطع مداد أحرفي! وكم أحسد الطيور المحلقة في الأجواء الصافية، فهي تستنشق الهواء النقي وتحط على الأغصان الغضة وتمتص رحيق الأزهار الندية، فتصدر زقزقة أشبه بمعزوفة تطرب الأذان وتبث الاطمئنان وتملأ النفس بالآمال! أما أنا فليس لي عندما يثور الغبار إلا كمامة، أو باب أغلقه على نفسي!