إن مشكلة أغلب الشيعة في فهمهم الخاطئ للتاريخ ، أو هكذا وجدوا أنفسهم عليه دون أن يفكروا أو يمحصوا أو يدققوا في النصوص والأحداث التاريخية ، فهم فقط يلعنوا ويلطموا دون تبصر أو بصيرة أو حتى مجرد التفكير في إعادة قراءة الأحداث من منظور علمي بعيد عن أي إيديولوجيا أو تراكمات سابقة. فمثلاُ لو أخذنا وقعة الحرة في عهد يزيد بن معاوية وهذا الأخير معروف عند الشيعة جيداً ، وهي وقعة تاريخية معروفة ومؤلمة كانت أواخر سنة 63ه/ 683م قتل فيها كثير من أهل المدينة حينما ثار بعضهم على الخليفة يزيد وخلعوه وأرسل لهم هذا الأخير مسلم بن عقبة المري فأسرف في القتل فسمي مسرفاً . وليس مجالنا البحث في تفاصيل الوقعة بقدر النظر في موقف آل البيت منها خاصة أن الكثير منهم كان في مدينة رسول الله وفاجعة مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما سبقتها بفترة قصيرة وهل فرصة للثأر وخلع يزيد بن معاوية ؟ فماذا كان ردة فعل آل البيت من تلك الثورة ؟ يفصل ابن كثير في كتابه البداية موقف محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية من الأحداث بقوله أنه \" لما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع-أحد زعماء الثورة على يزيد في المدينة- و أصحابه إلى محمد بن الحنفية. فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدّى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، و قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة. قالوا: فإن ذلك كان منه تصنّعاً لك. فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركائه، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالو: إنه عندنا لحق و إن لم يكن رأيناه .فقال لهم أبى الله ذلك على أهل الشهادة، فقال (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ) (الزخرف: الآية86) ولست من أمركم في شيء. قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نولّيك أمرنا. قال: ما استحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً و لا متبوعاً. فقالوا: فقد قاتلت مع أبيك. قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه. فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم و القاسم بالقتال معنا. قال: لو أمرتهما قاتلت. قالوا: فقم معنا مقاماً نحض الناس فيه على القتال. قال: سبحان الله!! آمر الناس بما لا أفعله و لا أرضاه؟ إذاً ما نصحت لله في عباده. قالوا: إذاً نكرهك. قال: إذاً آمر الناس بتقوى الله و لا يرضون المخلوق بسخط الخالق. و خرج إلى مكة\" . والحق ؛ أن هذا الموقف فيه الكثير من العبر فهل من معتبر ؟! وكذلك كان موقف علي بن الحسين الذي التزم الحياد ، متخذاً له ضيعة خارج المدينة. بل إن جعفر الصادق يؤكد أنه :\"لم يخرج أحد من آل أبى طالب و لا من بني عبد المطلب أيام الحرة\". والسؤال هنا لما لم يشارك هؤلاء في الثورة على الطاغية يزيد كما يصفه الشيعة ويصفونه بأقبح من ذلك؟ بل لما يمتدحه بعضهم كما مر معنا أعلاه ؟! إن هذا مثال بسيط على أن هناك أحداث تاريخية يجب أن يعاد قراءتها ونقلها بصورة صادقة خاصة تلك التي يُبنى عليها معتقدات حتى تصحح تلك الأفكار والمعتقدات المغلوطة والتي مازالت تفرخ المزيد من الكره والعداوة وحب الانتقام !! ولعلي أختم مقالي بسؤال مفتوح للإخوة الشيعة متى ظهرت الحسينيات واللطم ولغة الدماء والانتقام وغيرها من الأمور التي ما أنزل الله بها من سلطان ؟! وأنا هنا-يعلم الله- أني لا أريد مزيداً من النقاش البيزنطي أو التفرقة والتعصب فقط أريد التفكير بهدوء وعقلانيه لعل الله يهدي الضال ويجمع شمل المسلمين . دمتم بود ،،