قبل 60 عاماً، وبالتحديد في يوم أربعاء من عام 1370ه اجتاح مكةالمكرمة سيل قدم من أعالي مكة رفقاً بالأمطار الغزيرة التي هطلت عليها، فغرق من غرق، وتعرض للضرر كثر من الناس! وفي عام 1374ه عاد السيل قادماً من أعالي مكةالمكرمة ليجتاحها من جديد ويأخذ معه كل ما كان في طريقه من بشر وسيارات، وبسط حطمتها الأمطار وكان ذلك أيضاً في يوم أربعاء! واهتماماً من حكومتنا الرشيدة تم إقامة سد ضخم بأعالي مكة ليصد سيول الأمطار التي تجتاح مكةالمكرمة وتتسبب في غرق البعض وإلحاق الضرر بالكثير، ومن يومها لم يعد المطر مهماً ارتفع حجمه يضر بأحد أو يفر منه أحد، فحتى عندما تنزل الأمطار على مكةالمكرمة لا يزيد ضررها على توقف الحركة لبعض حين بعد توقف هطولها. في جدة عملت الدولة على إنشاء مجرى السيل من الشرق إلى البحر لتمر سيول وديان شرق جدة من خلاله إلى البحر ولكنه بكل أسف لم يستفد منه!! وليس هذا فحسب، بل لقد نشرت الصحف بتاريخ الأحد غرة ربيع الآخر عام 1400ه تحت عنوان «تصريف مياه الأمطار بمدينة جدة» ما نصه: «سيبدأ قريباً العمل في مشروع تصريف مياه الأمطار في مدينة جدة. ويشمل المشروع عدداً من الشوارع الرئيسة، وسط مدينة جدة، ويستمر العمل في هذا المشروع لمدة ستة أشهر، والجدير بالذكر أنه قد تم الانتهاء من الكثير من القنوات الرئيسة لتصريف مياه الأمطار خارج المدينة وقد بلغت تكلفتها نحو 60 مليون ريال». نشر هذا الخبر في مستهل عام 1400ه أي قبل أكثر من 30 عاماً، ومن قبل هذا التاريخ تم عمل مجرى السيل باهتمام من الدولة، لكن المتاجرين بالأراضي استولوا على وديان شرق جدة الممنوحة من الأمانة، وقاموا بتخطيطها واستثمارها بالبيع على العامة من الناس وذوي الدخل المحدود الذين أقاموا عليها مساكن لتؤويهم وعائلاتهم، فإذا بها مع الزمن وهطول الأمطار وقدوم السيول من خلفهم شرقاً تهدم بيوتهم وتجرف الكثير منهم كما حصل في أربعاء العام الماضي، والتي ما زال التحقيق الذي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إثر حدوث الكارثة بإجرائه مع المتسبب كائناً من كان، لم تعلن نتائجه ولم يعرف الناس شيئاً عن الذين عليهم تقع مسؤولية ما حدث رغم مرور عام وثلاثة أشهر جاءت في أعقابها أمطار الأربعاء الماضي التي ذهب ضحيتها عدد من الأبرياء، وتوقف السير في كل طريق، فنام الناس في سياراتهم التي كان من المستحيل أن تسير، أو فوق الأرصفة بجانب سياراتهم التي تعذر عليها أن تتحرك وقد ارتفعت المياه إلى سقف الماطور، هذا إلى جانب الذين لم يتمكنوا من الخروج من مكاتبهم، ومصانعهم فظلوا لليوم التالي بلا أكل ولا شرب إلا من أدركته العناية الإلهية من خلال الشباب الذين أسهموا في إنقاذ من أمكن إنقاذه، وتقديم الأكل والشرب للمحتجزين في الشوارع أو المكاتب، أو بالسيارات من رجال ونساء، في حين ظلت الأمانة «شاهدة ومشاهدة» لأن الأمين أعلنها صريحة كما جاء في عكاظ في اليوم الثاني بعدد يوم الخميس 22/2/1432ه: «إن الأمانة ستؤدي دورها بمجرد أن تهدأ الأمور وتعود الحركة المرورية إلى الانسياب، وإن معدات الأمانة لن تستطيع الحركة في ظل الأمطار». وليس هذا فحسب، بل تضيف «عكاظ»: «إن سد «أم الخير» الذي سبق وأجزم الأمين بأن السد لا يشكل أية خطورة» قد انهار حال نزول الأمطار وأغرق مجاوريه من السكان ثم امتد إلى شارع فلسطين ليزيد الناس غرقاً!! وإلى الغد لنواصل الحديث لما انتاب جدة وأهلها بسبب الفساد وسوء التخطيط!!