أثناء حج العام الماضي تم تدشين قطار المشاعر المقدسة. صاحب تدشين القطار حملة إعلامية غير مسبوقة حتى خيّل إليّ في ذلك الوقت أن هذا أول قطار في التاريخ. لم أكن أجد تفسيرا لسر هذا الانبهار بسكة حديد لا تتجاوز مسافتها بضع كيلو مترات سوى ضعف البنية التحتية في البلاد. دول نامية وأخرى فقيرة تمتلك شبكات حديد متكاملة تغطي أرجاء البلاد منذ عشرات السنين. لو أقيمت هذه الخدمة في الوقت المناسب لوفرنا على البلاد ما يقارب 90 % من التكلفة الباهظة للمشروع خلاف الخدمة التي يفترض أن تكون تحققت للبلاد خلال السنوات الماضية. هذا المدخل يقودني لما هو أهم وهو حال البنية التحتية في البلاد. رغم إنفاق مئات المليارات خلال العقود الماضية، إلا أن الموانئ منهلكة وتعمل تحت ضغوط شديدة وفترات انتظار طويلة. المطارات الرئيسة التي تمثل البوابات الرئيسة للبلاد لا تخفى عليكم حالها، حيث تعمل بأكثر من طاقاتها التصميمية منذ زمن بعيد. قطاع الصرف الصحي هو الأسوأ في البلاد ولا يحتاج إلى استعراض وهذه أهم مدن البلاد تغرق بين أيديكم. شبكات المياه متهالكة وخلاف ذلك فإن خدماتها لم تصل أصلا إلى أحياء حضرية قائمة منذ عشرات السنين. محطات التحلية تكاليف تشغيلية باهظة وعدم قدرة على سقيا المنازل المجارة لهذه المحطات في مدن ساحلية رئيسة تقوم فيها خدمة السقيا من خلال «الوايتات». بقي حقيقة لا بد أن نذكرها بفخر وهي حال الطرق التي تشكل أفضل منظومة في المنطقة العربية وأنجح استثمار مادي وطني تحقق للبلاد خلال العقود الثلاثة الماضية.