حين تحدث مشكلة كبيرة في الخارج فإن العمل في السفارات يقوم على المبادرات الفردية، فالدولة تقدم الاعتمادات المالية المفتوحة وترسل الطائرات لإجلاء الرعايا وتصبح الكرة في ملعب السفير وطاقم سفارته وطاقم الخطوط السعودية، وهنا تتجلى الفوارق الشخصية بين موظف مسؤول يعي حجم المهمة الملقاة على عاتقه وموظف (يبلش بنفسه) وينسى أنه تواجد كل هذه السنوات في الخارج من أجل مواجهة يوم عصيب مثل هذا. والسعوديون يذكرون جيدا ما فعله سفير المملكة في بيروت الدكتور عبد العزيز خوجة (وزير الثقافة والإعلام حاليا) بعد اندلاع حرب تموز حيث عمل الرجل بكل طاقته من أجل تأمين سلامة آلاف الرعايا السعوديين وإجلائهم بصورة عاجلة، ولكن المواطنين السعوديين الذين تم إجلاؤهم من القاهرة خلال اليومين الماضيين يشتكون من حالة التخبط الكبيرة التي صاحبت عملية الإجلاء ويؤكدون أن طاقم السفارة كان يركز على الاستعراض أمام عدسات المصورين الصحفيين أكثر من تركيزه على مساعدة الأسر السعودية العالقة في المطار. يؤكد أغلب السعوديين الذين علقوا في شوارع القاهرة وحاصرتهم المظاهرات وقرارات حظر التجول أن الأرقام الهاتفية التي تم الإعلان عنها عبر الفضائيات معظمها معطل أو لا يرد، كما أنه تم توجيههم إلى فندق معين وقبل أن يقضوا نصف ساعة في هذا الفندق تم نقلهم بحافلات إلى المطار حيث أمضوا ما لا يقل عن 24 ساعة يفترشون الأرض مع أطفالهم وينتظرون الطائرات دون وجبات غذائية، وهم يتساءلون عن السبب الذي منع السفارة من إبقائهم في الفندق وإرسالهم على دفعات بحسب مواعيد وصول الطائرات؟!، ولماذا تم تسجيل الأسماء في المطار وليس في الفندق؟. يقول هؤلاء إنهم كانوا يشاهدون بحسرة رعايا الدول الخليجية الشقيقة وهم يحضرون إلى المطار في دفعات منظمة ويحظون بعناية فائقة من قبل الدبلوماسيين وموظفي الخطوط التابعة لبلادهم ولا ينتظرون أكثر من ساعة قبل توجههم إلى الطائرات، بينما لم يحضر طاقم السفارة السعودية إلى المطار إلا من أجل تسهيل إجراءات الأشخاص الذين يعرفونهم. باختصار كانت الإمكانيات المالية متوفرة، والطائرات المخصصة لإجلاء الرعايا تصل على دفعات، والفنادق المخصصة لإيوائهم محجوزة، ولكن خطة السفارة في إجلاء الرعايا كانت قائمة على الارتجال، فقد ارتبك طاقم السفارة تحت ضغط المفاجأة رغم أن مثل هذا الحدث لا يمكن أن يأتي إلا بشكل مفاجئ!. مهارة الدبلوماسيين لا تظهر إلا في الظروف الصعبة، ولا شك أن الكثيرين منهم يبذلون جهودا جبارة من أجل مساعدة أبناء جلدتهم ولكن هذه الجهود تصبح بلا قيمة حين يغيب التنظيم الجيد، فبعض الأسر اضطرت للبقاء في المطار يوما كاملا دون أن تعرف متى تحين ساعة المغادرة؟!. ما من شك أن عملية إجلاء آلاف الرعايا ليست بالأمر السهل ولكن الرعايا السعوديين في القاهرة يؤكدون أن طاقم السفارة تسبب في زيادة (الحوسة) وكان بإمكان السفير الاعتماد على فرق عمل محترفة أو الاستعانة بمتطوعين من الطلبة بدلا من التركيز على فلاشات المصورين.