مدير عام صندوق الموارد البشرية تحدث عن تسرب السعوديين من العمل في القطاع الخاص، وذكر أن الصندوق يقوم بتقديم حوافز تشجيعية للموظفين الذين يدعمهم الصندوق من أجل استمرارهم في العمل. ولو أن سيادة المدير تأنى قليلا لأدرك أن المسألة ليست مسألة تسرب لموظفين من عمل حفيت أقدامهم حتى حصلوا عليه بقدر ما هي نجاح لتلك الشركات والمؤسسات في «تطفيش» أولئك الشباب الذين يتم توظيفهم بناء على ما يتم توقيعه من اتفاقيات بين الصندوق وتلك الشركات، ولو تأنى سيادة المدير لأدرك أن المسألة، وعلى نحو أدق المشكلة، لا يمكن حلها بالحوافز التشجيعية، إذ ليس لتلك الحوافز أن تكون ذات جدوى ما دامت تلك الشركات قد أوصلت من يعملون لديها إلى حالة يصرخ أحدهم فيها: (حقي برقبتي)، ثم يلتفت للصندوق ومسؤوليه مؤكدا: (الله غني عنكم وعن حوافزكم). المشكلة لا تحلها الحوافز بقدر ما تحلها الدراسة الجادة والمتابعة المخلصة والأمينة لبيئة العمل التي يجد فيها الموظفون السعوديون أنفسهم حين يحولهم صندوق الموارد البشرية للعمل لدى القطاع الخاص، وهل تتحقق في هذه البيئة أدنى مواصفات الحفاظ على كرامة العاملين وتمتعهم بحقوقهم ومراعاة كفاءاتهم وقدراتهم، وهي مسائل لا تغني عنها الرواتب والحوافز ولا يحلها التباهي بعدد من تمكن صندوق الموارد البشرية من توظيفهم خلال هذا العام والعام الذي سبقه. لو تأنى المدير قليلا، وتأنى معه المسؤولون عن صندوق الموارد البشرية، لأدرك، ولأدركوا معه، أن الأجدى من تلك الحوافز التي يتم تقديمها للموظفين السعوديين كي لا يتسربوا من العمل في القطاع الخاص أن يقوم الصندوق بدراسة أسباب ذلك التسرب، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون متابعة لأحوال وأوضاع أولئك الموظفين الذين يضطرون إلى ترك وظائفهم في زمن لم تعد فيه الشهادات ولا الخبرات ولا دعاء الأمهات قادرا على أن يوفر لأحد فرصة وظيفية.