أبلغ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، خلال لقائهما أمس الأحد في بغداد، بأن العراق «يريد علاقات طيبة مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع كل دول العالم لاسيما دول الجوار». وتشير توقعات المراقبين إلى تمهيد زيارة وزير الخارجية التركي لفتح فصل جديد في العلاقات الثنائية بين بغداد وأنقرة، بعد أن شهدت العلاقات العراقية التركية سلسلة متناوبة من التغيرات السلبية والإيجابية، ما جعلها غير مستقرة وغامضة المعالم منذ عام 2003. وتهدف زيارة داود أوغلو التي تُعد تمهيداً لزيارة المالكي إلى أنقرة، إلى الدفع باتجاه صفحة جديدة وإنهاء التوتر بين البلدين. وقال مسؤولون عراقيون وأتراك إن العراقوتركيا اتفقا على فتح صفقة جديدة في العلاقات المشتركة بين البلدين تقوم على التعاون في مجالات الطاقة والنقل والصحة والزراعة، وفيما أشار المالكي وأوغلو إلى أن حجم التجارة البينية بين البلدين بلغ نحو 12 مليون دولار، شددا على ضرورة إيقاف «التطورات المأساوية للأوضاع في سوريا». من جانبه، أكد أحمد داود أوغلو أنه سيزور محافظتي كربلاء والنجف، معبراً عن أمله في أن «لا تتكرر مأساة الماضي»، وفيما شدد على ضرورة «الاعتبار من الدروس الماضية»، أشار إلى أن على العراقوتركيا التحرك سوياً كدول جوار معتمدين على تاريخهما المشترك. وكشف عن عزم بلاده عقد لقاءات مشتركة ومتبادلة مع وزارة النقل العراقية لتوسيع التعاون بين الطرفين. بدوره، نفى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، أن تكون مفاوضاته مع نظيره التركي تطرقت إلى ملف المطلوبين لدى السلطات العراقية، في إشارة ضمنية إلى ملف نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي، المُدان بحكم الإعدام وفقاً للمادة 4 إرهاب. وقال زيباري، في مؤتمر صحفي مشترك مع أوغلو في مقر وزارة الخارجية وحضرته «الشرق» أمس، إن «المباحثات بين الطرفين ركزت على تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين وتطويرها بعد فترة من الجمود السياسي»، وأضاف أن «علاقتنا مع تركيا شهدت بعض الجمود والتوتر، لكن هذه الحالة انتهت وبدأنا بفتح صفحة جديدة من العلاقات المتنوعة بين البلدين وفي مختلف المجالات». وأوضح زيباري «توصلنا إلى هذه الحالة هو بإرادة مشتركة»، مذكراً بالقول «اتفقنا قبل أشهر على خارطة طريق زمنية لما يجب أن نقوم به كبلدين في سبيل الوصول إلى هذه العلاقة الصحية بين البلدين». لكن قضية نائب الرئيس العراقي المطلوب للقضاء طارق الهاشمي، لاتزال نقطة توتر تُثار بين الحين والآخر بين بغداد وأنقرة. ورجحت مصادر ديبلوماسية أن يكون ملف الهاشمي من المواضيع التي ستُناقَش في زيارة أوغلو إلى بغداد. وأشارت المصادر إلى أنّ أنقرة لاتزال تؤكد أنها «تورطت في هذه القضية»، فيما تصرّ بغداد على ضرورة «تسليمه لها أو نفيه للخارج». من جانبه، قال النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد العكيلي، إن «المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم أردوغان وأوغلو عبروا عن أسفهم للعراق لتورطهم في قضية الهاشمي». ويأتي هذا الموقف ليشكل تحوّلاً في العلاقات العراقية – التركية، فأثناء التوتر والبرود بين بغداد وأنقرة كان الهاشمي ورقة ضغط في يد تركيا ضد العراق، فيما تحوّل الآن إلى «مصدر أسف»، بينما رجّح محللون «تقديم الهاشمي لبغداد كعربون صداقة لإعادة العلاقات». ولفت العكيلي، في تصريحات صحفية أمس، إلى أن «تركيا وجدت نفسها وحيدة في المنطقة جراء عزلة داخلية وخارجية رداً على سياساتها التدخلية التوسعية في المنطقة، وهو ما ولَّد إشارات من الأتراك للحكومة العراقية بغية تحسين العلاقات وتصليح ما شابها من خلل»، مرجحاً أن تصب مباحثات أوغلو في بغداد في اتجاه حسم ملف الهاشمي، الصادرة بحقه مذكرة توقيف عراقية، والمطلوب للإنتربول، إما بتسليمه إلى القضاء العراقي أو إبعاده خارج أسوار تركيا، كما ستتناول المباحثات، بحسب توقع العكيلي، الصراع السوري ومؤتمر جنيف-2.