أطلقت زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى بغداد أمس مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين التي شهدت فتوراً منذ سنتين. والتقى أوغلو أمس كبار المسؤولين العراقيين على أن يزور اليوم محافظتي كربلاء والنجف يلتقي فيهما المرجع الديني علي السيستاني. ويصطحب أوغلو وفد رفيع المستوى في زيارة رسمية تستغرق يومين تلبية لدعوة من نظيره العراقي هوشيار زيباري، على أن تمهد الزيارة لزيارات متبادلة بين رئيسي حكومتي البلدين المالكي وأردوغان. وقال المالكي في بيان صدر عن مكتبه بعد لقائه أوغلو إن «العراق يريد علاقات طيبة مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع كل دول العالم لاسيما دول الجوار». ورحب المالكي بالتطورات الحاصلة على صعيد العلاقات الثنائية، وقال إن الشعبين تلقيا هذه التطورات بإيجابية، داعياً إلى علاقات ثنائية ثابتة ومستقرة بين العراقوتركيا. وأضاف «نحن نريد علاقات بين دولتين متكافئتين تقوم على أسس متينة ودائمة بحيث تبقى مستمرة مع تبدل الأشخاص والحكومات». ونقل البيان عن أوغلو قوله إن «هناك حاجة للتنسيق بين البلدين على كل المستويات خصوصاً في ما يتعلق بالتطورات الجارية في المنطقة»، ودعا إلى «تفعيل عمل اللجان المشتركة بين البلدين تمهيداً لزيارة رئيس الوزراء المرتقبة إلى تركيا». وندد أوغلو بالأعمال الإرهابية التي يتعرض لها العراق، قائلاً «أي هجوم على العراق يعد هجوماً على تركيا (...) وتركيا على استعداد للتعاون والتنسيق مع العراق حتى على الصعيد الاستخباري». وقال وزير الخارجية هوشيار زيباري في مؤتمر صحافي عقده مع أوغلو بعد اجتماع جمعهما ظهر أمس إن «المحادثات تفتح صفحة جديدة من العلاقات التي شابها بعض الفتور مؤخراً». وأضاف «اتفقنا على خريطة طريق زمنية للوصول إلى الحالة الطبيعية في العلاقات وتفعيل اللجان وإعادة تفعيل اللجنة الوزارية بين البلدين». وزاد أنه جرى توجيه الدعوة إلى رئيس الحكومة العراقية لزيارة تركيا وتوسيع العلاقات التجارية وربط السكك الحديد بين البلدين، مشيراً إلى أن «تركيا الشريك التجاري الأول بالنسبة للعراق، وحجم التجارة يبلغ نحو 12 بليون دولار». وأكد زيباري أن «هناك قراراً سياسياً بألا يكون العراق ممراً لتزويد أي فريق في سورية بالسلاح، ولا نؤيد عسكرة الصراع في سورية، فهذا سيؤدي إلى المزيد من الدماء». ولفت إلى أن «المحادثات مع أوغلو لم تتطرق إلى ملف المطلوبين للسلطات العراقية»، في إشارة إلى نائب رئيس الجمهورية السابق المحكوم بالإعدام طارق الهاشمي الذي يقيم حالياً في تركيا. وتابع زيباري «اتفقنا خلال محادثاتنا على إعادة تفعيل لجنة الحوار السياسي والديبلوماسي بين بلدينا، وقريباً سوف يجتمع وكلاء وزارتي الخارجية في أنقرة لإعادة تفعيل هذه الآلية». وقال أوغلو خلال المؤتمر الصحافي إن «العراقوتركيا يقفان ضد إثارة النعرات الطائفية في المنطقة»، ودعا إلى «تعاون إقليمي أوسع في هذا المجال»، مؤكداً «ضرورة مضاعفة التشاور الثنائي في ما يخص تطورات المنطقة، سيما الشأن السوري». وأضاف أن «هناك ضرورة لإنهاء الأزمة السورية في أسرع وقت، والعمل ضد بعض الجماعات الإرهابية التي تستغل الفوضى في سورية»، وزاد أن «الخطر الأكبر هو من النظام السوري الذي فتح المجال أمام دخول المجموعات المسلحة». وأكد أوغلو أنه سيزور محافظتي كربلاء والنجف اليوم، ومن المؤمل أن يلتقي المرجع الديني علي السيستاني. وعقد أوغلو اجتماعاً أيضاً مع نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، ونقل بيان عن أوغلو قوله إن «للعراق مكانة مميزة لدى تركيا وإن بلاده تؤمن بضرورة إقامة افضل العلاقات مع العراق لأنه سيكون رسالة قوية لقوى الإرهاب، ونرى أن استقرار العراق هو من استقرار المنطقة». كما بحث نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك، مع وزير الخارجية التركي التطورات الأخيرة في العلاقات العراقية التركية وسبل تعزيزها. وذكر بيان صحافي بعد الاجتماع أن «المطلك بحث مع أوغلو، مجمل العلاقات الثنائية بين بغداد وأنقرة وسبل تطويرها بما يخدم مصلحة البلدين ويعزز أواصر الصداقة والتعاون بينهما». وتدهورت العلاقة بين البلدين بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية 2011 لأسباب عدة بينها تباين وجهات النظر في شأن الأزمة السورية، وقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المطلوب للقضاء العراقي والمتواجد في تركيا.