الأحساء – غادة البشر صلاح بن هندي: الأحساء بحاجة إلى التعامل الجدّي مع تفعيل البرامج الثقافية وليد السليم: إدراج معارض الكتاب ضمن البرامج السياحية ضرورة تنموية سامي الجمعان: تنظيم المعرض سيدعم المطالبة بتحويل مطار الأحساء إلى دولي عبدالله الشايب: أعلى المبيعات في دور النشر.. ولنبدأ ببرنامج «القراءة للجميع» عبّر كتاب وأدباء من الأحساء عن أملهم في إبراز مكانة الأحساء الثقافية وإثرائها، من خلال تبني الجهات المعنية وتكاتف جهودها لإقامة معارض كتب في الأحساء، مؤكدين أن من شأن ذلك أن يسهم في دعم المحافظة على مختلف الأصعدة الثقافية والسياحية والتجارية. وأكدوا أن الأحساء حاضرة محليا وخارجيا من خلال مشاركات مبدعيها وإنتاجهم، أو فيما تحمله من تراث ثقافي وأدبي وعلمي منذ القدم، مشيرين إلى أن الأحساء تعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المملكة، وقد كانت ومازالت تحمل من المقومات المتنوعة ما بين طبيعة وتجارة وثقافة وأدب ما يؤهلها لأخذ دور قيادي يجعلها في المقدمة دائما. حضور مميز عبدالله الشايب وأشار المهندس والكاتب عبدالله الشايب إلى أن تسعة مؤلفين من الأحساء وقعوا كتبهم في المعرض الدولي للكتاب المنعقد في الرياض العام المنصرم، مؤكدا أن الكتاب الأحسائي له حضور مميز كل عام في المعرض، وقال «لو تتبعنا أنشطة دور النشر فإننا سنجد أن مبيعاتها الأعلى في الأحساء، وهو ما ساهم فيما يعرف محلياً بانتشار المكتبات الأسرية أو الخاصة». وأضاف الشايب «مع ذلك فإن السعي لزيادة حجم القراءة والمطالعة ونشر التنوير من الأهمية بمكان، خصوصا في الأجيال الناشئة، وهناك مجموعة معارض سنوية ليست على مستوى الطموح، وعدم إقامة المعارض الكبرى هي مشكلة في المملكة، مع أن المملكة لا تعتبر استثناءً؛ حيث إن كل الدول تقيم سنوياً معرضاً مركزياً واحداً، لكن هذا لا يمنع من تدعيم إقامة معارض الكتب للقراءة، أو ما تسمى المكتبة المتنقلة على غرار تجربة مكتبة أرامكو، التي تقصد المكان المستهدف، إضافة إلى ما تمثله المؤتمرات والندوات والمحاضرات والأمسيات من أهمية في دعم الحراك الثقافي والتعريفي، وزيادة حضور للأحساء، التي ستكون من ضمنها السياحة الثقافية، التي تتكامل مع الآثار والمتاحف، ونحن نشهد حراكاً متزايداً في هذا المجال لكنه أيضاً يحتاج إلى دعم تنظيمي ومالي لإخراجه بشكل أكثر فاعلية». القراءة للجميع واقترح الشايب أن تتبنى وزارة الثقافة والإعلام برنامج القراءة للجميع، الذي يقوم على إنشاء مراكز النشاط الثقافي في الأحياء والمجتمعات الحضرية، من خلال إنشاء صالات للمطالعة ملحقة بمكتبة مجهزة بالوسائل الحديثة، أو ربما تنشئ جمعية طوعية يكون هدفها القراءة للجميع، كما توجه الشايب بالشكر للأنشطة القائمة في هذا الصدد، التي اعتبرها اللبنات الأولى لرفع سقف القراءة والتأليف، وقال إن ملتقى المشهد الثقافي لديه مشروع داعم للأحسائيين لطباعة الكتب المجازة، كما أن النادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون وجامعة الملك فيصل وغيرها في الأحساء يقومون بجهد مشكور. تواصل ثقافي د. سامي الجمعان من جهة ثانية، أكد الشاعر والكاتب المسرحي الدكتور سامي الجمعان، أن الأحساء ليست غائبة عن معرض الكتاب السنوي في الرياض، كما أن جامعة الملك فيصل حاضرة في أغلب المعارض المحلية والدولية، وقال «بالنسبة لنادي الأحساء الأدبي فهو ذو حضور لافت في معرض الكتاب بصورة دائمة، وربما يكون غيابها نسبيا باعتبارها زاخرة بمؤسسات أخرى كالتعليم وبعض الكليات والمؤسسات الاجتماعية وخلافه، وهو أمر يعود للقائمين على هذه المؤسسات؛ حيث يتوجب عليهم القيام بدور فاعل في هذا السياق المهم جدا، كون حضور الكتاب حضوراً للمكان وحضوراً لمبدعيه أيضاً، وتواصلاً ثقافياً لا سبيل لإغفاله وإغفال أهميته ودوره». اقتصاد وسياحة ويرى الدكتور الجمعان أن معارض الكتب غائبة عن الأحساء لعدم وجود جهة تتبناها، مرشحا جامعة الملك فيصل، أو جامعة الإمام محمد بن سعود ممثلة بكلية الشريعة والدرسات الإسلامية في الأحساء، للاضطلاع بمثل هذا الدور في تبني معرض ضخم للكتاب، يلبي احتياج مثقفي هذه الحاضرة الكبيرة والمهمة، ويضيف «مما لاشك فيه أن أي حركة ثقافية وفعالية تدعم حضور الكتاب وتوفيره، سيكون لها أثر إيجابي في تحريك الساكن حتى على المستوى السياحي والاقتصادي، فلنا أن نتخيل الحركة الاقتصادية والسياحية التي ستواكب مثل هذه المناشط الخاصة بالكتاب»، ونوه لمشكلة الأحساء في الخطوط الجوية نظرا لقلة الرحلات وعدم تحويل مطارها إلى دولي حتى الآن، معتبرا أن مثل هذه الفعاليات كفيل بتوفير الأسباب اللازمة للسرعة في حل هذه الأزمات. ثقل علميّ وليد السليم أما الكاتب وليد السليم، فاعتبر أن محافظة الأحساء أصبحت غائبة عن معارض الكتب مؤخراً، وقال «المؤسسات العلمية والتعليمية في الأحساء كانت تقيم معارض للكتاب قبل ثلاثين سنة؛ حيث كانت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية تقيم معرضا سنويا، وكذلك جامعة الملك فيصل نظمت عدة معارض للكتاب وبمستوى مميز، وحتى إدارة التعليم آنذاك كان لها اهتمام بهذا الجانب، ولا شك أن الأحساء تمثل ثقلاً علمياً مهماً بالإضافة إلى عمقها التاريخي والتراثي، ففيها العلماء والأدباء والكتاب والمؤلفون، فالمشهد العلمي والثقافي في الأحساء يشار إليه بالبنان كماً وكيفاً وسابقاً وحاضراً، ولكون وزارة الثقافة والإعلام تنظم معرضاً دولياً سنوياً فقد اكتفت هذه المؤسسات بهذا المعرض، وأصبح المهتمون بالكتاب واقتنائه يحرصون على الحضور السنوي لهذه الفعالية الثقافية السنوية بكل شوق وترقب، فيتزودون من مناهله كل حسب اهتمامه، رغم المشقة النسبية في السفر والإقامة». إعادة الوهج واقترح الكاتب السليم تصورين لإعادة الوهج الثقافي الذي كان يصاحب معارض الكتب في الأحساء، أولهما تشكيل لجنة من كلية الشريعة وجامعة الملك فيصل والإدارة العامة للتربية والتعليم والنادي الأدبي لإقامة معرض للكتاب في الأحساء، بحيث تهتم كلية الشريعة بالمخاطبة والتنسيق مع المكتبات التي توفر الكتب الشرعية وكتب اللغة العربية، بينما تهتم جامعة الملك فيصل بالتنسيق مع المكتبات التي توفر الكتب العلمية، أما إدارة التربية والتعليم فتهتم بالتنسيق مع المكتبات ودور النشر التربوية، والنادي الأدبي يهتم بالمخاطبة والتنسيق مع المكتبات التي توفر الكتب الأدبية والثقافية، وقال «يمكن لنا بعد ذلك تقييم هذه التجربة من كافة النواحي لاستمراريتها أو توقفها»، أما التصور الثاني فهو أن يتنقل المعرض الدولي للكتاب كل عام، بحيث يعقد في إحدى المناطق الرئيسة في المملكة، لتحظى الأحساء بالمعرض مرة كل أربع أو خمس سنوات، معتبرا أن ذلك سيكون له أثر بالغ الفائدة والترحيب من المهتمين بالكتاب. نهضة تنموية ويستشرف السليم نجاح معارض الكتب في الأحساء وذلك لكونها ملتقى طرق لدول الخليج ولاتساعها وزيادة عدد سكانها، ولكون الأحساء مقبلة على نهضة تنموية شاملة، لتكون من أهم المراكز الاقتصادية والسياحية في الخليج، هذا بالإضافة إلى كثرة المهتمين بالعلم والأدب فيها ووجود المؤسسات العلمية والتعليمية فيها وتنوع اهتمامات الدارسين والقراء وحبهم للكتاب وجمعه والاستفادة منه، ولا شك حين تقام معارض للكتاب في الأحساء سيكون ذلك رافداً ثقافياً مهماً، ومحفزاً في ذات الوقت للمجتمع الأحسائي نسائه ورجاله وصغاره وكباره في العودة للقراءة والاهتمام بالكتاب، ويدعو أن تكون معارض الكتاب من ضمن البرامج السياحية؛ ففي العالم تصنف السياحة الثقافية من ضمن الأولويات السياحية سواء لأهالي المنطقة أو جذباً للسياح من خارجها، ويهمس السليم في أذن الجميع بأن أجهزة الاتصالات الذكية والأجهزة اللوحية والفضائيات وغيرها، لا تكون علماً أو ثقافة؛ إذ ليس هناك بدائل يمكن أن تزيح الكتاب عن أهميته وقيمته، فهو الأساس الذي ينبغي على المجتمع أن يعي أهميته البالغة في نضوج المجتمعات وتقدمها. تاريخ عريق صلاح بن هندي من ناحية أخرى، يرى الشاعر والكاتب صلاح بن هندي أن الأحساء اليوم تعد وجهة سياحية لها تاريخ عريق، وحضارة ذات جذور ضاربة في التاريخ، وهي أحد أهم معاقل العلم والأدب والتراث في المملكة، فقد كانت ومازالت تزخر بأعلام العلم والأدب، وهي التي كتب الرحالة المستشرقون أمثال «شيزمان» و«فيدال» وغيرهما عن قيمتها وروعتها، فجدير بالمسؤولين فيها تنظيم معارض كتب تليق بمكانة الأحساء العلمية والأدبية والتراثية وتثريها، وتستقطب السياح وأبناء المنطقة، بدلا من تنقل رواد المعارض الأحسائيين الدائم بين معارض الكتب في قطر والبحرين، ولاشك أن هذه المعارض ستسهم في نشر مؤلفات الأحسائيين من كتاب وكاتبات وشعراء وشاعرات، وبهذا سيطلع السائح على فكر وثقافة الأحساء وحركة التأليف فيها، الأمر الذي سيجذب كثيرين بالتأكيد، فالسياحة ليست مناظر طبيعية فقط، بل ثقافة واطلاع، فكثير من سياح فرنسا يزورونها من أجل متحف اللوفر، وأمريكا من أجل مكتبة الكونجرس وهكذا، ويؤكد ابن هندي أن الأحساء بحاجة لتعامل جدي مع الثقافة، ليس فقط فيما يخص المعارض، فعلى سبيل المثال يمكن للنادي الأدبي بالتعاون مع الجامعات في الأحساء تنظيم حملة تثقيفية عن القراءة وأهمية الكتاب من خلال المكتبات المتنقلة، أو توفير حافلات متنقلة مزودة بالكتب تجوب مدن وقرى الأحساء.