يحضر في الأذهان غالبًا عند الحديث عن معارض الكتب العربية والعالمية، حديث آخر متعلق بالسؤال عن أوضاع النشر والقراءة في الوطن العربي بشكل خاص، مقارنة بدول العالم الأول، وهل يعتبر العرب القراءة، والبحث، والاطلاع هي الأسباب التي يمكن أن تكون سببًا للإصلاح السياسي، والاقتصادي والاجتماعي. لا شك أن الحديث عن القراءة يقتضي التعرف على حركة النشر والتأليف في الوطن العربي؛ لأن القراءة لا بد أن تواكبها حركة تأليف ونشر؛ فحين يطرح سؤال مضاد، وهو: ماذا كتب العرب؟ والإشارة إلى القراءة والتأليف تعني دراسة الحالة الثقافية في الوطن العربي، الذي ربما يمر هذه الأيام بحالة من التغير التاريخي، ولأن الثقافة هي روح الأمة وعنوان هُويتها. وهناك عوامل عدة تؤثر على القراءة ودوافعها والإشباعات المتحققة منها، مثل: التعرض للكتب أو المادة المقروءة، والانتظار، والاهتمام، والإدراك، ثم القراءة ذاتها بفهم واستيعاب. كل هذه الأمور تراود الخاطر عند الحديث هذه الأيام عن معرض الرياض الدولي للكتاب الذي انطلق مساء أمس تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- ويستمر حتى الحادي عشر من مارس 2011. وهو ما يجعلنا ننظر إلى ذلك بهذه الرؤية أن معرض الرياض الدولي للكتاب حلّ في العام الماضي الثاني عربيًا من حيث الأهمية في معارض الكتب العربية وبنسبة بلغت (12.1%) بحسب التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية، وذلك بعد معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي اعتذر عن إقامته هذا العام بسبب الأوضاع التي شهدتها مصر في الأيام الماضية، ولازال صداها إلى اليوم. والسؤال الذي قد يطرأ أيضًا هو هل ستؤثر الأوضاع السياسية التي مرت على دولتي تونس ومصر على مصير مشاركة دور نشر كبيرة من هاتين البلدين اللذين يعدان ركيزة أساسية لأي معرض كتاب يقام في العالم العربي؟. دور النشر المشاركة ويشارك في المعرض هذا العام أكثر من 700 دار نشر، وأكثر من 30 دولة، وبما يقارب 300 ألف عنوان بعدد من اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والفارسية والتركية. كما يضم المعرض عددًا من الدول العربية والإسلامية مثل: تركيا وإيران وأزبكستان، وكذلك دولًا عالمية مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا والسويد. فيما ستكون فيه جمهورية الهند ضيف الشرف لهذا العام. كما يأتي المعرض وفق رؤية توازنية تأخذ في الاعتبار تمثيل مختلف الدول في المعرض.. ويحظى معرض الرياض الدولي للكتاب باهتمام الناشرين والمثقفين ورواد العلم والمعرفة في مختلف المجالات من داخل المملكة وخارجها حيث يستقطب المعرض في هذا العام أعدادًا غير مسبوقة من دور النشر حرصًا منها على التواجد في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يعد الأبرز عربيًا على مختلف المستويات بيعًا وعناوين. كما يعتبر الكثير من المثقفين والأدباء والمؤلفين المعرض ملتقى ثقافيًا متميزًا، ويأتي كفرصة مهمة للغاية لتزامن إصدار مؤلفاتهم مع انطلاقة المعرض. تكريم ووفاء وتقرر أن يكرم معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام عددًا من دور النشر السعودية الرائدة وهي: الدار السعودية للنشر ودار اليمامة ودار العلوم ومكتبة الثقافة ومكتبة الكمال ودار المريخ، وذلك وفق المعايير التالية: أن يكون قد مضى على تأسيس الدار خمس وثلاثون سنة، وأن تكون منشوراتها متنوعة المعرفة، وألا تكون في نطاق واحد، وأن تكون قد نشرت عددًا كبيرًا من الكتب لمؤلفين قدامى ومحدثين نشرًا حديثًا لا تصويرًا لطبعات سابقة، وأن تكون المنشورات متنوعة النصوص تأليفًا وتحقيقًا وترجمة، وأن الدار قد أسهمت بنصيب وافر في نشر التراث الأدبي والفكري للمؤلفين السعوديين، ولا تزال قائمة تمارس نشاطها بإشراف وإدارة صاحبها أو أبنائه. وكذلك تقرر أن يكرم معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام كلًا من الدكتور غازي القصيبي والدكتور محمد عبده يماني والشيخ أحمد المبارك. كما تكرم اللجنة الثقافية لمعرض الرياض الدولي للكتاب في دورته هذا العام، ثمانية وعشرين محققًا للتراث العربي.. ويتمثل التكريم في وضع أسمائهم على ممرات المعرض المختلفة وهم ثمانية من السعودية وثمانية من مصر وثلاثة من العراق وثلاثة من سورية واثنان من تونس واثنان من المغرب ومحقق واحد من كل من فلسطين والأردن على النحو التالي: من السعودية: عبدالرحمن المعلمي، حمد الجاسر، أحمد عبدالغفور عطار، أحمد الضبيب، عبدالعزيز المانع، عبدالرحمن العثيمين، عبدالله عسيلان، عياد بن عيد الثبيتي، محمد العقيلي، عبدالعزيز الفيصل. ومن مصر: أحمد شاكر، محمود شاكر، عبدالسلام هارون، السيد أحمد صقر، محمد أبوالفضل إبراهيم، محمد علي النجار، عبدالستار فراج، محمد عضيمة. ومن العراق: محمد الأثري، بشار معروف، يحيى الجبوري. ومن سورية: صلاح الدين المنجد، أحمد النفاخ، شعيب الأرناؤوط. ومن فلسطين إحسان عباس. ومن الأردن ناصر الدين الأسد. ومن تونس: حسن عبدالوهاب، محمد الحبيب بن الخوجة. ومن المغرب: محمد بن تاويت الطنجي، محمد بن شريفة. ومن السودان محمد علي الريح. ومن لبنان رمزي البعلبكي. ومن ليبيا الطاهر الزاوي. ويقيم معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام ورش الحوار الوطني التي يشرف عليها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وكذلك العروض العلمية التي ستقدمها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وفي هذا السياق صرح مدير الإعلام والنشر في وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية ورئيس اللجنة الإعلامية للمعرض الأستاذ محمد عابس، بأن ذلك يأتي ضمن توجيهات وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، وبمتابعة مستمرة من قبل وكيل الوزارة للشؤون الثقافية المكلف والمشرف العام على المعرض الدكتور عبدالله الجاسر، لمواصلة الحضور المشرف لمعرض الرياض الدولي للكتاب كثاني أهم معرض عربي، وعطفا على الصورة الحضارية التي يمثلها في تظاهرته الثقافية السنوية. الفعاليات الثقافية تتنوع الفعاليات الثقافية لمعرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام بتنوع الهموم الثقافية التي تود اللجنة الثقافية للمعرض مناقشتها والتطرق إليها، ويأتي البرنامج الثقافي للمعرض لهذا العام كالتالي: يشهد اليوم الأول الأربعاء 1 مارس 2011 لفعاليات المعرض محاضرة بعنوان «الصلات الثقافية الهندية السعودية» يحاضر فيها كل من ذكر الرحمن وولي أختر والدكتور مجيب الرحمن وعصمة مهدي ويديرها فواز اللعبون، كما تعقد بعد صلاة العشاء محاضرة بعنوان «الصحافة والمطبوعات العربية في الهند»، يتحدث فيها كل من عرفات ظفر وأجمل أيوب ومحسن عثماني وصهيب عالم بإدارة محمد خضر عريف. وفي اليوم الثاني الخميس ستقام محاضرتان الأولى بعنوان «ملامح من الثقافة الهندية» يتحدث فيها كل من أزد شفيق الندوي والدكتور كفيل أحمد قاسم والدكتور عزيز شمس ويديرها غيثان الجريس، والثانية بعنوان «الإسهام الهندي في الفنون والفكر والثقافة الإسلامية»، يحاضر فيها كل من شفيق أحمد خان وإم إتس إلياس والدكتور فاء عبدالرحيم ويديرها عوض البادي. وفي اليوم الثالث من أيام المعرض الجمعة تعقد ندوة بعنوان «مسارات الثقافة العلمية في المملكة العربية السعودية»، يحاضر فيها عبدالعزيز السويلم وأمل الهزاني ويديرها عوض الجهني وفوزية أبا الخيل، كما ستقام محاضرة وحوار مع البروفيسور أحمد زويل بعنوان «واقع الثقافة العلمية في المجتمعات العربية يديرها معالي الدكتور هاشم يماني. وفي اليوم الرابع هناك محاضرة بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في الترجمة «جائزة خادم الحرمين الشريفين العلمية للترجمة نموذجًا»، يحاضر فيها الدكتور سعيد السعيد، الأمين العام للجائزة، والدكتور عبدالكريم الزيد والدكتور فائز الشهري، بالإضافة إلى ندوة بعنوان «تجربة الكتابة الإبداعية» يتحدث فيها يوسف زيدان وقاسم حداد وليلي الأحيدب ومحمد الصفراني ويديرها أحمد التيهاني وعائشة الحكمي. وفي اليوم الخامس ستقام محاضرة للدكتور عبدالله الغذامي بعنوان «الهويات الثقافية» يديرها جاسر عبدالله الجاسر وأمل القثامي وندوة عن «الثقافة والفضائيات «للمحاضرين تركي الدخيل وأحمد الزين ومحمد الماضي ويديرها علي الظفيري ودلال ضياء. ويحاضر الشيخ أبوعبدالرحمن بن عقيل عن «قضايا في الفكر الإسلامي» في اليوم السادس ويديرها المحاضر إبراهيم التركي وعائشة الشمري. كما تقام ندوة عن «الفنون والثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية» يتحدث فيها ليلي البسام وسعد الصويان وعبدالله الجار الله وحجاب العقيلي ويديرها مطلق البلوي ومنال شطا. وتقام في اليوم السابع أمسية قصصية يتحدث فيها عبدالله باخشوين ومحمد النجيمي وفاطمة الرومي ويديرها عبدالله السفر ومنى المديهش. كما تقام ندوة عن «المسرح السعودي في المملكة: الواقع والمستقبل» يحاضر فيها محمد العثيم وفهد ردة الحارثي ووفاء حمادي من سورية ورجاء العتيبي ويديرها سامي الجمعان ونورة القحطاني. وفي اليوم الثامن تقام أمسية شعرية لكل من ميسون القاسمي وهاشم جحدلي ولطيفة قاري وعبدالمحسن يوسف ويديرها محمد زايد الألمعي وسماهر الضامن. كما تقام ندوة عن «الخليج: التغيير الثقافي والاجتماعي إلى أين؟» يتحدث فيها تركي الحمد ومحمد الأحمري وباقر النجار من البحرين وموزة غباش من الإمارات العربية المتحدة ويديرها فهد الشريف وعزيزه المانع. ويشهد اليوم التاسع الخميس 5/4/1432ه ندوة عن النشر الإلكتروني والثقافة في المملكة العربية السعودية يحاضر فيها كل من عبدالرحمن الهزاع وطارق إبراهيم ويديرها الدكتور خالد الفرم وهداية درويش. كما ينضّم بعد صلاة العشاء حوار مفتوح لمعالي وزير الثقافة والإعلام مع المثقفين والمثقفات يديره حمد القاضي وميساء الخواجا. حضور الأندية الأدبية كما تحرص وزارة الثقافة والإعلام وبتوجيه من قبل الوزير الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة على حضور الأندية الأدبية في هذا المعرض الذي يعد فرصة لعرض نتاجهم الفكري والثقافي والأدبي، خاصة وأن هناك عدد من الأندية الأدبية في المملكة لديها حصيلة متميزة من الإنتاج والتأليف والنشر، ويأتي هذا الحضور بتخصيص جناح مستقل وبمساحة كبيرة داخل المعرض قسّمت على الأندية الأدبية المشاركة لكي تعرض من خلاله إنتاجها من الإصدارات الأدبية والثقافية المختلفة التي تربو على (505) عنوان في مجالات اهتماماتها المتعددة تحت إشراف الإدارة العامة للأندية الأدبية. كما حرصت الوزارة على حضور عدد من المثقفين الذين يمثلون هذه الأندية الأدبية في مدنهم ومحافظاتهم وذلك عبر توجيه الدعوة لعشرة من الأدباء والمثقفين من محيط كل نادٍ بالإضافة إلى رئيس مجلس إدارة النادي. ويتم ترشيحهم من قبل رؤساء الأندية الأدبية وذلك للمشاركة في فعاليات المعرض وحضور الأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض على مجموعتين لضمان الحضور على مدى أيام المعرض من ناحية وتمثيل جميع مناطق المملكة وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الأدباء والمثقفين. آمال وأمنيات إن معارض الكتب في أي مكان في العالم تمثل دروًا ثقافيًا، وتثقيفيًا هامًّا في حياة الشعوب والأمم في العصر الحديث، وهي فكرة تستحق الإشادة والعناية، وخاصة عندما نشهد معارض كتب عالمية كمعرض فرانكفورت، وباريس، ولندن، والقاهرة، وموسكو، وطوكيو... كلها تمثل تظاهرات ثقافية هامة في كل عام، والأمل أن يكون معرض الرياض الدولي للكتاب واحدًا من أشهر المعارض العالمية بما يقدم من خلاله من فعاليات ثقافية لا تهم الشأن المحلي فقط، وإنما تهم الشأن العربي والعالمي، ولا يقتصر على ضيافة مثقفيه من السعودية –وهو الواجب- بل أن يوسع نطاق دعواته لكل المثقفين العرب والعالميين. ويظل الكتاب الحدث الأبرز في معرض الكتاب بعيدًا عن الفعاليات الثقافية المصاحبة، أو الأحداث المفتعلة لتشويه هذه التظاهرة الثقافية، وعليه يدور الحديث وتفتح القضايا، ومن أهمها أن يقدم معرض الرياض هذا الكتاب كما هو الكتاب بعيدًا عن التصنيفات والتوصيات والعراقيل والخطوط الوهمية التي يروج لها البعض، وأن تحضر دور النشر المشاركة وليس لديها ما تبيعه من تحت الطاولة، أو خارج سور المعرض، بل تترك لها مساحة من الحرية تدفع من خلالها بمنتوجها الثقافي والفكري لهذا المثقف السعودي المتلهف لكل جديد، والقاطع لمئات الكيلومترات رغبة في أن يجد ما يبهج عقله، وأن تكون الأيام التي اقتطعها للحضور إلى أرض المعرض تستحق أن تكون علامة فارقة في تاريخه، وحياته. كما يأمل المثقفون والأدباء المتابعين والمهتمين بمعرض الكتاب أن تكون حفلات توقيع الكتب التي تقام في معرض الكتاب أكثر حيوية، وأن تشمل أكبر عدد من الكتب التي تصدر لمثقفين وأدباء ومفكرين سعوديين، وأن هذا الأمر يعد حافزًا لهم، ولإبداعهم الأدبي، كما تمنو أن تعقد العديد من الجلسات والندوات حول عدد من الإصدارات المهمة التي يحتويها المعرض ليتم تدشينها من قبل المعرض. إن أمنيات جميع المثقفين في كل عام ربما تتكرر في بعضها وتتوافق أمنيات كثير من المثقفين حول عدد من الأمور حينما يحضر معرض الكتاب وتتمثل في السماح لأكبر كمية ممكنة من العناوين الموجودة في رفوف الدور والمكتبات المشاركة بالظهور، والابتعاد عن ممارسة الرقابة التي ربما تصل إلى حد الاستخفاف بعقول الزائرين للمعرض، والمبنية في الأساس على أهواء شخصية بأن يسمح لكتاب بأن يعرض بينما هذا لا يعرض وليس بينهما فرق إلاّ في العنوان، كما أنه لابد أن تكون أيام معرض الكتاب مثل المنطقة الحرة فهي محدودة في زمانها ومكانها ونسبة قليلة جدًا جدًا هم من يتوجهون للمعرض إذا ما قورن بعدد السكان الكلي. وأمر آخر هو لابد من تواجد الكتاب الأجنبي وأن توجه دعوات لدور النشر الأجنبية المهمة لعرض كتبها ومنحها كافة التسهيلات. إيجاد جناح للكتاب المستعمل، فهذه الفكرة قد طبقت في بعض معارض الكتاب العالمية، وهي فرصة مواتية لبيع وتبادل الكتب المستعملة، سواء كانت كتبًا نادرة أو أرخص سعرًا. وقد وجد في معرض القاهرة الدولي في جهة الكتب المستعملة في إحدى السنوات، كتبًا وصحفًا قديمة تباع بالكيلو!. وهناك الكثير والكثير من الأفكار والأمنيات التي ترافقنا كلما أطل معرض للكتاب برأسه في بلادنا كالاهتمام بالنشر الالكتروني، وتنظيم أفضل لأماكن دور النشر، ومحاولة تقليص الكتب المكررة بقدر المستطاع، ورصد فعاليات ثقافية منبرية على هامش المعرض يقدم فيها أفضل المنتج الثقافي. الحديث عن النشر لا يتم إنتاج المعرفة والثقافة والعلم بجهد جهة واحدة، وإنما بمجموعة من الجهود. فالمعرفة لا تتم إلاّ بكاتب/مؤلف، ولا يستطيع هذا الأخير نقل أفكاره إلاّ عن طريق الناشر الذي لا يقوم فقط بالنشر، وإنما، بالتسويق أيضا. وإلى جانب الناشر هناك الحكومات التي تيسر – أو قد تعرقل – عملية النشر، إلى أن يصل المنتج (الكتاب) إلى المستفيد، أي القارئ. فحالة القراءة والنشر في الوطن العربي بحسب التقرير العربي الثالث للتنمية العربية تؤكد ضرورة تضافر الجهود بين المؤلف والناشر بهدف شيوع ثقافة المعرفة بين أبناء الوطن العربي. الأمر الذي يستدعي الثقة المتبادلة بين الكاتب والناشر، وضرورة وجود ضوابط قانونية تضمن حصول المؤلف على حقوقه كاملة، سواء أكانت مادية أم فكرية، ومن دون أدنى مماطلة، فضلًا عن ثقة الناشر بالكاتب التي تقتضي التزام المؤلف بقواعد التعاقد مع الناشر، وثقة الناشر بالدولة من خلال دعمه وتيسير سبل النشر له، وحماية حقوقه، وثقة الحكومة في الناشر، فضلاًَ عن ثقة القارئ بهؤلاء جميعهم: ثقته في الكاتب الجاد الذي يقدم له المعرفة والثقافة والمعلومة غير الفاسدة، أي ذات المحتوى الرصين، وثقة القارئ في الناشر الجاد، أيضًا، الذي يتخيّر له الكتاب الجيد، والكاتب الجاد، والطباعة الجيدة، والسعر المعقول، وعدم المغالاة في الأسعار، والاكتفاء بهامش ربح مناسب، حرصًا على تقديم خدمة ثقافية وليس سلعة تجارية، وثقة القارئ في أن تسمح الدولة بتداول الأفكار والآراء، وإتاحة حرية الرأي والتعبير من دون المساس بالمعتقدات والثوابت، فإذا صلحت هذه المنظومة، وحدثت الثقة المتبادلة بين أركانها، ستكون النتيجة في صالح المجتمع العربي برمتّه.