أصبح أتلتيكو مدريد الإسباني أحد أبرز اكتشافات كرة القدم الأوروبية لهذا الموسم بعد تأهله الصارخ إلى الدور الثاني من دوري أبطال أوروبا وتحقيقه 11 فوزا من 12 مباراة في دوري بلاده حتى الآن. آخر ملاحم فريق العاصمة الإسبانية كان سحقه اوستريا فيينا 0/4 الأربعاء الماضي في دوري الأبطال، لينضم إلى بايرن ميونيخ الألماني حامل اللقب، الوحيد إلى جانبه الذي حقق 4 انتصارات كاملة. دييجو سيميوني (أ ف ب) لم يكتف رجال المدرب الأرجنتيني دييجو سيميوني بالتأهل إلى الدور الثاني من المسابقة القارية الأولى وضمان صدارة مجموعتهم في أول مشاركة خلال أربع سنوات، بل خرقوا احتكار برشلونة وريال مدريد في الليجا الإسبانية. أتلتيكو يبتعد بفارق نقطة يتيمة عن برشلونة حامل اللقب والمتصدر، ويتقدم على جاره اللدود ريال مدريد بفارق خمس نقاط، ولولا خسارته المفاجئة أمام إسبانيول 0/1، وهي الوحيدة له في الدوري، لتربع على الصدارة في إنجاز تاريخي. هذه الفورة التي يعيشها «كولتشونيروس» لم تأت صدفة، فمنذ قدوم سيميوني في ديسمبر2011، قلب لاعب الوسط السابق الذي شارك مع أتلتيكو خلال فوزه بلقب الدوري آخر مرة في موسم 1995-1996، تشكيلة البطل النائم وبدأ بقيادته إلى تحقيق الإنجاز تلو الآخر. في وقت مر نجوم كبار على الفريق ورحلوا دون ألقاب مثل فرناندو توريس والأرجنتيني سيرجيو اجويرو والأوروجوياني دييجو فورلان، كانت إدارة النادي تعاني من سوء التنظيم والفريق يفتقد التوازن على أرض الملعب، ما حرمه من الدخول على خط كامب نو- سانتياجو برنابيو في العقد الأخير. حصل تغيير سريع منذ وصول سيميوني، ففي أول ستة أشهر من ولايته، حقق اتلتيكو صعودا كبيرا في الترتيب وأهدر التأهل إلى دوري أبطال أوروبا بفارق بسيط في المرحلة الأخيرة من الدوري، لكنه حقق مسيرة عاصفة في مسابقة الدوري «يوروبا ليج» الرديفة إذ فاز في كل مبارياته في المراحل الإقصائية. لقب جديد دخل خزائن النادي على حساب تشلسي الإنجليزي في الكأس السوبر الأوروبية 1/4 بفضل ثلاثية نجم الفريق آنذاك الكولومبي راداميل فالكاو. وبفضل الكولومبي الفتاك، بدأوا الموسم الماضي بقوة، ففازوا في 11 من أول 13 مباراة في الليجا، قبل أن يسقطوا أمام الجار ريال مدريد في ديربي العاصمة. لكن قدرة سيميوني على تحفيز لاعبيه وعقله التكتيكي الفذ ساهما في إنهاء التقهقر امام ريال، فتغلبوا عليه لأول مرة في 14 سنة في أفضل وقت وسيناريو. في نهائي كأس الملك على ملعب «سانتياجو برنابيو» احتفل 40 ألف مشجع لأتلتيكو بكسر الحاجز النفسي على أرض غريمهم التاريخي ورفعوا اللقب الغالي. أقر لاعب الوسط كوكي، الملقب بتشافي الجديد من قبل الصحافة المحلية: «قبل قدومه (سيميوني) كنا مربكين لأن الأمور لم تكن جيدة. خرجنا من الكأس أمام الباسيتي (درجة ثانية). جاء المدرب وغير العقلية تماما. أظهر لنا كيف تكون العقلية الإيجابية ومذ ذاك الوقت تغيرت الأمور». نهضة سيميوني وصلت إلى مستويات أرفع هذا الموسم، فبرغم انتقال فالكاو إلى موناكو الفرنسي، كانت النتائج رائعة في الليجا ودوري الأبطال. أصبح الشبان أمثال كوكي وماريو سواريز من اللاعبين المنتظمين في المنتخب الوطني، فيما تحول دييجو كوستا (16 هدفا هذا الموسم) تحت إشرافه ليصبح من أخطر المهاجمين في العالم ومحط صراع بين البرازيل بلده الأصلي وإسبانيا للعب في كأس العالم قبل أن يفضل الأخيرة. لا يزال سيميوني يستبعد إمكانية إحراز فريقه لقب الدوري الإسباني هذا الموسم، معتبرا أن استمرار الدوري «ممل» في ظل سيطرة الثنائي برشلونة وريال بفضل الدعم المالي الكبير. قال لاعب الوسط خوانفران بعد مباراة اوستريا فيينا الأخيرة: «نثق في مدربنا لأنه يعرف كيف يستخرج أفضل ما لدينا من طاقة، من الواضح أن أتلتيكو هو فريق كؤوس، فنظام خروج المغلوب يناسبنا. أنا من الذين يعتقدون أن الدوري الإسباني لا يزال الأفضل والأقوى والأكثر تنافسية، والفوز فيه قد يكون أصعب من دوري الأبطال». لم يخسر أتلتيكو في آخر أربع مباريات أمام برشلونة وريال وأظهر أن بمقدوره مقارعة نخبة القارة عندما تكون المواجهات من مباراتي ذهاب وإياب وليس على مدى 38 مباراة في موسم كامل من الدوري.