اتسم تعامل الأجهزة الأمنية مع واقعة التحرش ببعض الفتيات في أحد المجمعات التجارية في الظهران بسرعةٍ وحزمٍ لبَّيا شعور المجتمع بالخوف من تفشي هذه الآفة إن لم يلقَ مرتكبوها عقاباً رادعاً. لقد حتّمت مصلحة المواطنين ومخاوفهم على الأجهزة المعنيّة التفاعل السريع لمحاصرة التحرش والمتحرشين، وهو ما ترجمه توجيه أمير المنطقة الشرقية، الأمير سعود بن نايف، بتشكيل فريق عمل تحت إشراف مدير شرطة المنطقة للتعامل مع الواقعة وسرعة الرفع بالنتائج. وبالفعل، تم القبض على خمسة من الشباب المتورطين في هذه الواقعة وأحيلوا إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، ويجري حالياً البحث عن اثنين من المطلوبين على ذمة القضية نفسها. في الوقت نفسه، توعَّد أمير المنطقة الشرقية المتورطين في قضية التحرش ب «إحالتهم إلى الشرع» وإيقاع «العقاب الرادع بحقهم»، منعاً لتكرار مثل هذه «الأعمال المشينة»، واصفاً ما حدث في مجمع الظهران قبل أسبوع بأنه «عمل مُستغرَب ولا يرضاه أحد». هذا التفاعل من جانب الأجهزة أثار ارتياح المتابعين للقضية؛ لأن الغضب تجاه المتحرشين كان كبيراً، وكذا كانت المخاوف من أن تمر الواقعة دون عقاب، لكن السرعة في التعاطي مع التخوف المجتمعي بعثت برسائل طمأنة. غير أن معالجة التحرش ليست قضية أمنية فقط، وإنما هي قضية تتشابك فيها الجوانب الاجتماعية بالدينية بالاقتصادية، إنها أشبه بمواجهة بين المجتمع بكل مكوناته من جهة والمتحرشين من جهة أخرى، وحتى تتحقق النتيجة المرجوّة في هذه المواجهة، ينبغي أن ندرك أن التصدي للتحرش ليس مسؤولية الأجهزة الرسمية فحسب وإنما هو مسؤولية «دولة ومجتمع»، دولة تتحرك بسرعة لحفظ الأمن الاجتماعي، ومجتمع يقظ يرفض التغاضي عن المتحرشين والتعامي عن وجودهم. ولقد كان لافتاً استفادة مواطنين من الشبكات الاجتماعية في كشف واقعة الظهران، في إشارةٍ إلى وعي مجتمعي واستغلالٍ لأدوات التكنولوجيا في التعاون مع الجهات الأمنية التي تناولت الفيديوهات بالتحليل وتقصي المعلومات.