منذ انطلاق مهرجان الدوخلة في عام 1426 ه وخلال ال 8 سنوات الماضية لم تساعدني الظروف كثيراً لزيارة المهرجان، وهذا لسوء حظي طبعاً وربما العمل في الصحافة الذي لا يعرف للأعياد إجازة أو ربما أعتبرها شماعة أعلق عليها عدم وجودي المجتمعي في مثل هذه الأنشطة الجماهيرية. قادني الشعر يوم أمس إلى المهرجان، لحضور أمسية الشاعرين الجميلين قاسم حداد من البحرين، ومحمد جبر الحربي من الرياض وتقديم المايسترو الجميل الشاعر حسن السبع، الذي أفتقده منذ فترة طويلة، وعلق السبع نفسه بأن «حداد» ساهم في خروجك من تلك الزوبعة. ما وددت الحديث عنه في هذه الإطلالة السريعة هو هذا الحضور الكثيف للمهرجان، الذي لم أره ربما إلا في صور مهرجان الجنادرية ولكن الدوخلة التي بدأت في عام 1426 ه بحضور قدرته إدارة المهرجان حينها ب 1000 زائر وزائرة تعدى اليوم ال 250 ألف زائر طيلة أيام المهرجان وربما أكثر، كما وجد ما يزيد عن 1000 متطوع ومتطوعة يتوزعون على الفعاليات التي يقام بعضها في الساحة المفتوحة وبعض الخيام التي تستقطب الجميع ليتعرف على تراث المنطقة، أو لحضور مسرحية أو أمسية شعرية. وعودة على الشعر الذي أذهل أصدقاءنا الشعراء الذين تعودوا على الأمسيات الرسمية التي لا يزيد حضورها عن 50 متابعا، وفي بعض الفعاليات التي تقام في الأندية الأدبية لا يزيد عدد الحضور عن 15 مهتما، بينما خيمة مهرجان الدوخلة الثقافية التي أشرف عليها الصديق حسين الجفال كانت تستقطب يومياً ما يزيد على 80 متابعا ما بين الرجال والنساء، وفاق الحضور مساء أمس المئات الذين لم يحصلوا على مقاعد وظلوا واقفين منتظرين مزيدا من الشعر والحصول على فرصة التوقيع على بعض أعمال الشعراء، التي توفرت في الخيمة. سؤال يتبادر إلى الذهن دائما عن سبب غياب هذه الجماهير من المؤسسات الرسمية حينما تبادر بعمل أمسية فلا يحضرها سوى عدد يسير من أصدقاء الشاعر فقط لا غير، وفي ذات الوقت لا تبادر هذه المؤسسات الرسمية للاستفادة من هذه المهرجانات والتنسيق معها بصفتها الرسمية وتعقد شراكات مستقبلية ويكون تنظيمها ضمن معرض للكتاب، وتنقل فعالياتها إلى هذه المهرجانات في المواسم ومن خلال هذه الشراكة تستطيع المؤسسة الرسمية (النادي الأدبي/ جمعية الثقافة والفنون) استقطاب الجماهير والترويج لمشاريعها الثقافية المقبلة. ما نجده في مثل هذه المهرجانات تمردا من قبل المهتمين في الثقافة بشكل عام على المؤسسة والدخول في مبادرات فردية أهلية، حيث تبادر خيمة الفن التشكيلي باستقطاب الفنانين والإشراف على قيام ورش فنية للأطفال طيلة أيام المهرجان، وكذلك فيما يخص التصوير الضوئي حيث يقام معرض خاص ويتناوب المصورون في الصالة للحضور واستقبال الزوار للمعرض. لقد أثبتت اللجان العاملة في دوخلة هذا العام، أنها جديرة بتنظيم مهرجان في كل المناسبات يستطيع استقطاب جماهير للمسرح والشعر والفنون بكافة أنواعها، بعيداً عن مساهمة الجهات الرسمية، ونتمنى من الجهات الرسمية أن تبادر بنفسها لمحاولة التواصل مع إدارة هذا المهرجان وأي مهرجان جماهيري كي تستطيع أن تنزع عنها (نخبوية) الجماهير، ونجد حتى النخب الثقافية أصبحت بعيدة عنها، فلم تستطع أن تستقطب لا الجمهور ولا النخب.. متى ستفكر هذه الأجهزة الرسمية بوضع خطط مستقبلية تقربها من الجمهور؟