حياة ما قبل النفط، والخرسانة الجاهزة، والإسفلت، والكهرباء، ولُعبة الاستهلاك.. عالم يمزج الريف بالبحر، وسُمرة النخيل بزُرقة الموج، وشغفَ الطبيعة بالكدح والعرق..! هذا ما تفعله «القرية التراثية» في مهرجان «الدوخلة» كلَّ عام. تستحضر حنين الخُوص بتفاصيل البيت الخليجيّ القديم، وتُنشئ وحداته الصغيرة والبسيطة من خلال «عِشش» و «عُرْش» وأثاث أنتجت البيئة خاماته الأساسية. وعلى مساحة 2800 متر مربع فقط، هندس المتطوِّعون المكان، ودخلوا بيوت الفلَّاحين والبسطاء، واستعانوا ب «سميم الخُوص» في الأسقف التي كانت تحمي من المطر وحرارة الشمس. ودخلوا أيضاً منازل الميسورين، وقدَّموا نُسخاً ل «بيوت الدُّور» ب «روازِنها» و «درايشها» وأسقفها المستعينة بخشب «الجندل» والخيزران. وأثَّثوا غرفة العروس وسريرها الخشبي المعروف بال «كرْفايَهْ»، وزيَّنوها بقماش «الزَّرْي»، واختصروا عالم حواء الأمس برهافة وعناية. ومثلما اتسع المكان للبيوت البسيطة، اتسع أيضاً للطرق والممرات ومحلَّات الحرفيين والكادحين في السوق. «الشرق» تجولت في المكان ورصدت أجزاء من تفاصيل هذا العالم المنسيِّ، مستعينة بعدسة المصور المتطوع في المهرجان محمد البدراني. مقيم أجنبي داخل عشة «الملَّالَة» كانت تُستخدم لحفظ الطعام صانع «مديد الأسل» يمارس عمله خبز مريم.. مخبوز بالدبس ويُقدَّم ساخناً صانع فخار يضع لمساته على آخر أعماله «الدِّلال» لم تعد موجودة إلا للزينة