اثنان من مقاتلي الجيش الحر يتمركزان في منطقة وعرة بمحافظة الرقة شرق سوريا (رويترز) الدمام – أسامة المصري الثورة تواجه خطراً محدِقاً حال استمرار التشرذم والانقسام. المحكمة الثورية ستحاسِب أي متواطئ مع الأسد. نرصد محاولات لإعادة إنتاج النظام بمسميات ثورية. رياض الأسعد أقرّ القائد العام للجيش السوري الحر، العقيد رياض الأسعد، بأن الثورة تواجه خطراً حقيقياً ومحدقاً إذا استمر التشرذم والانقسام، مؤكداً أن جهوداً تُبذَل لتوحيد القيادة السياسية والعسكرية. وأوضح الأسعد، في حوارٍ خاص ل«الشرق»، أن الجيش الحر يرفض مشاركة أي مكوِّن سوري في مؤتمر جنيف- 2، واصفاً إياه ب «التصفوي» للثورة واعتبر المشاركة فيه خيانة لدماء الشهداء. واعترف قائد الجيش الحر أن الثورة مُخترَقة من «بعض الدول»، واتهمها بتشكيل وحدات عسكرية وتجمعات سياسية تواليها بغرض تشتيت القرار الثوري وتسهيل مهمة نظام بشار الأسد في القضاء عليها، وإلى نص الحوار: * ألا تعتقد أن الثورة السورية باتت في خطر مع غياب القيادة الموحدة عسكرياً وسياسياً؟ نعم، الثورة السورية تواجه خطراً حقيقياً محدقاً بها إذا استمرت حالة التشرذم والانقسام، وهذا حال بات مثار اهتمام وعمل من جانبنا لتوحيد الجهود على الأرض في إطار قيادة موحدة عسكرياً وسياسياً نعمل لتكريسها منذ أشهر طويلة، وعلى صعيد الجيش السوري الحر بدأناها وأعلنا عن تشكيل القيادة العامة فور عودتي للميدان بعد إصابتي، وحديثاً -وتحديداً قبل شهر- أعلنا عن تشكيل اللقاء الوطني السوري. * كيف تقيم الموقف الذي اتخذه الائتلاف الوطني السوري بحضور مؤتمر جنيف- 2 الذي لا ينص على رحيل بشار الأسد؟ نحن أعلنا عن رفضنا جنيف- 2، وندين أي مشاركة لأي مكون سوري فيه كوننا نعتبر جنيف مؤتمراً تصفوياً للثورة وخيانة لدماء الشهداء، الثورة لا تفاوض نظاماً مجرماً إرهابياً ما زال يقتل الشعب السوري ويشن عليه حرب إبادة وتهجير قسري، نحن انطلقنا لإسقاط النظام بكافة مكوناته ومؤسساته ورموزه وتكريساته لا لنفاوض رأس حربته فمفاوضة القاتل هو الاستسلام بعينه ونحن «لن نستسلم.. ننتصر أو نموت» كما قال المجاهد الليبي الكبير عمر المختار. * إلى أي مدى تعتقد أن الثورة السورية مخترقة وبشكل أساسي عسكرياً مع فوضى السلاح واختلاط الحابل بالنابل؟ مع الأسف وبحرقة وألم، استطاعت بعض الدول تشكيل وحدات عسكرية وتجمعات سياسية توالي الدول الممولة لها وعَمِلَت من داخل الثورة وبمسميات مختلفة ومضللة لتشتيت قرار الثورة وتشويهها ليسهُل على النظام الإجهاز عليها، وأرى أن الثورة صارت نحو حرية شعبها ووطنها وهي موحدة ضمن بوتقة واحدة وأهداف واحدة موحدة إلا أن المال السياسي الذي ضَعُفَ أمامه أمراء الحرب وتجار الدم والفاسدون والمتسلقون هو من تسبب في هذه الفوضى التي لا تخدم إلا النظام. * ما هو موقفك من تنظيم «دولة العراق والشام» المرتبط بالقاعدة مع تصاعد الاتهامات له بأنه من صناعة إيران حتى قيل إن القيادي العسكري الإيراني قاسم سليماني هو من يقوده بنفسه؟ نحن أعلنا دائماً أن الجيش السوري الحر هو المظلة السورية لكل التشكيلات العسكرية الفاعلة على الأرض التي تقاتل ضد النظام وكل مكون عسكري على الاستعداد للالتزام ب «ميثاق شرف القتال» الخاص بالجيش الحر كناظم لعلاقة كل المكونات العسكرية الميدانية على الأرض السورية فنحن نمد يدنا للجميع، ما دون ذلك لن ندخل في مهاترات وتبادل تهم مع أي طرف كان، فنحن على ثقة أن النصر حليفنا، والمحكمة الثورية هي الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الأحكام على أي طرف يوجد على الأرض السورية بناءً على معطيات وأدلة وليس بناءً على تناقل أخبار وإشاعات. * كيف يمكن الخروج من المأزق عسكرياً بالدرجة الأولى؟ بسيطرة الجيش السوري الحر على المناطق المحررة عسكرياً وأمنياً وخاصة الحواجز والمعابر والمنشآت العسكرية والاستراتيجية وتوحيد كل المكونات العسكرية في بوتقة الجيش الحر كرافعة أساسية للثورة وعمود فقري للعمل العسكري وناظم وجامع له وعنوان شرعي يُجمع عليه السوريون من كافة المشارب والطوائف والأطياف، ينبغي أن تعود الثورة إلى مربع ولائها وانتمائها الأساسي الأصلي، سوريا. * أنت من الضباط الأوائل الذين انشقوا عن النظام لحماية الثورة وبالتالي هل تعتقد أن عليك التزامات أخلاقية أكثر من غيرك تجاهها وأنه بات من واجبك العمل على توحيد الصفوف قبل فوات الأوان؟ طبعا.. بفخر واعتزاز وإصرار على الواجب الذي بدأت به منذ بداية الثورة وتحديدا منذ تأسيسي للجيش السوري الحر وأنا كأي مواطن سوري حر متمسك بالثورة أخلاقيا ووطنيا ودينيا وثوريا، ومحاولة استهدافي زادتني إصرارا وعملا والأهم الوفاء لدماء الشهداء الذين سبقوني على درب الشهادة من رفاق سلاحي في الجيش الحر ومن أبناء وبنات شعبي، فدماؤهم أمانة في أعناقنا تحثنا وتدفعنا لحظياً نحو العمل والكفاح والجهاد لتوحيد الثورة، أؤكد أن الوحدة سلاحنا النوعي والنووي الذي سيمكننا من إسقاط النظام ال «صهيوأسدلاتي» وتحرير سوريا من كل آثار للعدوان الأجنبي، فالوحدة أقصر الطرق نحو الانتصار. * كيف تقيم بيانات صدرت عن فصائل لا تذكر اسم سوريا ولا ثورتها في بيانات تأسيسها كما في بيان تأسيس «جيش الإسلام» في الغوطة؟ وكيف تنظر إلى اتهامات صدرت بحق «لواء الإسلام» بعدم نجدة الآخرين والتخلي عن بعض المواقع وضبط إيقاع المعارك مع النظام؟ الثورة انطلقت لأجل سوريا، والشعب البطل الذي بادر لها وأشعل فتيلها من دماء أبنائه الأحرار وبناته الحرائر هو الشعب العربي السوري الذي يريد أن يسقط نظام العصابة الأسدية التي اختطف الدولة ويستعيد «الجمهورية العربية السورية» لكل أبناء الوطن السوري الواحد الموحد، فالثورة ثورة سوريا وهذا ثابت غير خاضع للتكتيك ولا المناورة وأي مكون سوري لا يلتزم بثوابت الثورة الأساسية سيتخبط في أدائه سنينا ليعود لصوابه، وأعود وأقول إن أي تجاوز بحق الثورة وأي تواطؤ مع النظام من أي نوع كان وفي أي مضمار كان فإن المحكمة الثورية للجيش السوري الحر هي المخوَّلة بإصدار الأحكام بناء على المعطيات الميدانية وبالأدلة والبراهين فقط. * هل يمكن أن تكون هذه التحركات المثيرة للتساؤلات مقدمة لمرحلة إعادة إنتاج نظام الأسد بالاتفاق مع أطراف إقليمية وعربية؟ حالة التخبط وخلط الأوراق والشرذمة وتشتيت قرار الثورة وكثرة المسميات التي تعبر عن تعددية الولاءات والأجندات هي في الحقيقة مخطط النظام والدول الحليفة له وأجهزة الأمن الخارجية التي لها مصالح استراتيجية في استمرار النظام وبالتالي إعادة إنتاجه من مكونات تطلق على نفسها أنها ثورية لفظا ولكنها حقيقة هي إعادة إنتاج وتدوير النظام ال «صهيوأسدلاتي» بلاعبين جدد وبشعارات أخرى وبحلَّة مختلفة ولكن بذات الجوهر وذات منظومة الفساد والإفساد والعمالة واختطاف الدولة، الاختلاف أن الوكلاء جدد. * ألا تعتقد أنه بات من الملح تجاوز الخلافات بين الفصائل الوطنية وتوحيد الصفوف لإنقاذ الثورة والشعب الذي لم يعد يستطيع التحمل أكثر؟ أكيد، كما أسلفت وكما يسعى كل شرفاء وأحرار الثورة الحقيقيين الذين ساهموا في الثورة وصنعوا تاريخا جديدا لسوريا لوحدة الفصائل ومكونات الثورة، فالثورة عندما انطلقت وعبرت حقيقة عن إرادة السوريين والسوريات كانت واحدة موحدة وكان جناحها العسكري وجيشها الوحيد هو الجيش السوري الحر الذي لا يدين بالولاء إلا لله ولسوريا وانتماؤه فقط لسوريا وعمل على قلب رجل واحد وحقق الإنجازات النوعية وكسر شوكة النظام وحرر منه مواقع ومناطق مهمة وحيوية واستراتيجية في السنة الأولى للثورة ووحده دون إسناد من أحد، لذلك اُستهدِفَ الجيش الحر وقيادته واُستهدِفَت الثورة وعندما فشل الأعداء في فرض أجنداتهم علينا لجأوا إلى سياسة البدائل المخربة من الداخل.