يكتسب الجيش السوري الحر مشروعيته من وجوده الفعلي على الأرض وحمايته المدنيين من قصف نظام بشار الأسد للمدن وحملِهِ مهمة الحفاظ على المشروع الثوري الساعي لإسقاط بشار الأسد والانتصار لمطالب الشعب السوري. ويضع السوريون في الداخل والخارج آمالاً عريضة على الجيش الحر ليكون هو النواة لتشكيل جيش سوري وطني في مرحلة ما بعد الأسد لحماية وحدة سوريا والحفاظ على السلم الأهلي ووقف الانفلات الأمني، وهي مهام ثقيلة لأنها تعد الخطوة الأولى على طريق بناء سوريا الجديدة، فبدون جيشٍ وطني موحد قد تستغل عناصر النظام الوضع لإشعال فتنٍ تهدد وحدة السوريين وتدفع بعضهم إلى الاقتتال الطائفي. ورغم إجماع قوى الثورة السورية على قيمة وأهمية الجيش الحر، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى وقوع مشكلات بين فصائله قد تؤثر سلباً على دوره في حماية الثورة. وتَرجِع هذه الخلافات إلى وجود تضارب في الرؤى بين قادة بعض الفصائل المقاومة واندساس بعض الشبّيحة بين صفوفها، هذا إلى جانب لجوء بعض المحسوبين على معسكر الثورة إلى أسلوب «التخوين» وهو أسرع وسيلة لزرع الخلاف. وتفرض هذه المعطيات على قيادات الثورة من السياسيين والعسكريين تنقية صفوف القوى الثورية ممن يحاولون تحقيق مكاسب شخصية على حساب الشعب السوري، والعمل على تنسيق الجهود أكثر من أي وقتٍ مضى لإسقاط نظام الأسد مع الوقوف صفاً واحداً للحيلولة دون الاقتتال الطائفي. أما التشرذم والأنانية وتضارب الأولويات فلن يصبَّ في مصلحة الثورة السورية، وإنما يمنح النظام حججاً للبقاء بدعوى أن البديل منقسم وغير قادر على إدارة معركته فكيف الحال إذا تولى إدارة الدولة. وتبدو دراسة ما جرى في ليبيا عقب ثورة 17 فبراير ضرورة، فقد عاش الليبيون أياماً عصيبة حتى بعد سقوط نظام معمر القذافي بسبب عدم توحد البندقية وإصرار بعض قادة الفصائل المسلحة على العمل المنفرد ما أضر كثيراً بالحالة الأمنية وأدى إلى تدنيها، وهو ما يجب تجنبه في سوريا التي تعاني أصلاً من مشكلات أمنية كبيرة.