أكد الدكتور محمد بن علي الهرفي تميز محافظة الأحساء تحديداً بتواصل أهل السنة والشيعة فيها بشكل أزاح الحواجز والحساسيات تماماً، منذ قديم الزمان. وقال الهرفي ل «الشرق» إن أهل السنة والشيعة في الأحساء تجمعهم اتصالات قوية جداً، وتواصل في المناسبات سواء كانت أفراحاً أو أتراحاً، كما أن التجار بينهم تواصل قوي أيضاً حيث يجمعهم التعامل مع بعض، أي أن علاقاتاهم التجارية قوية، وحقيقة ما يحدث بين الأخوان السنة والشيعة هو مشرف ويكفي أنهم تجمعهم المحبة والوئام بين الطرفين، فالعلاقات الاجتماعية قوية ويربطهم التلاحم والمحبة. وقال: بالنسبة ليّ أتزاور مع الأخوان الشيعة في الحسينيات ومجالسهم والعكس. وأرجع الدكتور الهرفي هذه العلاقات الحميمة إلى تربية أهل الأحساء من سنة وشيعة وهم يحترمون بعضهم بعضاً كثيراً. وأضاف» هذا إن دل على شيء فإنه يدل على الترابط كما أسلفت. وقال: لقد سررت عندما قرأت على صدر الصفحة الأولى في» الشرق « أمس أن «أهل السُّنة يحترمون مشاعر أشقائهم الشيعة.. والقطيف في وئام تام»، وأنا قبل نشر الموضوع بيوم كان بيني وأخي الدكتور طاهر البحراني محادثة هاتفية وكان حديثنا حول هذا الجانب، من إغلاق للمحال في ذكرى يوم وفاة رسول الأمة، وحقيقة هذه المناسبة هي تأكيد للوحدة بين الشيعة والسنة، لكي تلتقي المشاعر، ولا بد أن نحزن ونفرح لوفاة وولادة الرسول، ونقف مع بعضنا البعض في المناسبة سواء كانت حزناً أو فرحاً. وأضاف: ما يحدث الآن من بين السنة والشيعة هو من قديم الزمان وقد تواصل الشيء لوقتنا الحاضر، وهناك بعض الشذّاذ الذين لا يودون التواصل، وأتمنى لهؤلاء التواصل بعضهم ببعض، وذلك مع مرور الوقت ليكون الجميع يداً واحدة. ومن جهة مقابلة أكد رجل الدين الشيعي الشيخ حسن بن محمد بو خمسين أن الأحساء منذ فجر الإسلام تمثل مدينة للمذاهب المتعددة، فهي المدينة الوحيدة في الجزيرة العربية التي تحتضن سبعة مذاهب إسلامية، فإلى جانب المذهب الحنبلي والمالكي والشافعي والحنفي يوجد المذهب الصوفي والجعفري والإسماعيلي. مضيفاً: لقرون طويلة كانت الأحساء تعيش حالة متقدمة من الوئام والتلاحم الشعبيين من الناحية الدينية، ولم يشكل الانتماء المذهبي يوماً عائقاً للتواصل والتلاحم الاجتماعيين، فالمواطنون في الأحساء بمختلف انتماءاتهم المذهبية وصلوا إلى تلاحم اجتماعي إلى حد التزاوج والتصاهر في النسب والقرابة. الشيخ حسن بو خمسين وأضاف: لم يكن هذا الوئام على صعيد القاعدة فقط بل كان يبدأ وينطلق من النقطة العلمية، فقد شهدت المدارس العلمية الدينية المتنوعة حضوراً مذهبياً متعدداً على صعيد الكوادر التعليمية «المدرسين» وفي صفوف الدارجين، وقد كان ذلك ظاهرة طبيعية مقبولة من الجميع، كما تؤكد ذلك مصادر التوثيق التاريخية. واسترسل بوخمسين قائلاً: لكن الواقع اليوم اختلف إلى حد كبير مع شديد الأسف، فالغُلاة والمتطرفون من أتباع السنة والشيعة استطاعوا أن يحدثوا شرخاً في جدار اللحمة الاجتماعية المذهبية التي عاشتها الأحساء طويلاً، فلم نعد نرى أو نشهد ظاهرة التزاوج الاجتماعي، فحتى الآن انعدمت تماماً وكذلك لم نعد نرى وجوداً للمعلم العالم الشيعي في إحدى المدارس الدينية السنية والعكس صحيح، كذلك على صحيح الدارسين. وقال: في رأيي إن السبب الأساسي في هذا الشرخ الاجتماعي المذهبي المستجد هو تقاعس علماء الطائفتين المعتدلين والوسطيين الذين يؤمنون بالوحدة والتلاحم وينبذون ويرفضون كل أفكار الغلو والتطرف وآراء التكفير وعدم تصديهم لهؤلاء المتطرفين من صغار طلاب العلم أو من الشباب حديثي الالتزام الديني.