«وبالوالدين إحساناً»، لعلمهما بما لهما من فضل عليهما منذ حملهما وولادتهما وتربيتهما، لم يجد رشيد خان وقاسم خان أعظم من أن يكافئا والديهما بحجة العمر. يقول رشيد خان: كانت حياتنا المادية صعبة وظروفنا المعيشية قاسية، ولم يتمكن والدنا من توفير الحياة الكريمة لنا، لذا اعتمدنا على أنفسنا أنا وأخي قاسم. وبعد أن أمضينا فترة من العمل هنا وهناك، ذهبنا للعمل خارج باكستان وذلك لرفع مستوى معيشتنا واحتضان والدينا في كبرهما. وبالفعل رغم معارضة الوالدين لسفرنا للعمل خارج باكستان، إلا أنهما في النهاية وافقا على مضض، حيث ذهبت أنا إلى الكويت وشقيقي إلى إيطاليا. وبعد سنتين اتفقت مع أخي قاسم أن نقدم هدية رمزية لوالدينا اللذين كانا يتمنيان الذهاب إلى مكةالمكرمة وأداء الركن الخامس، وبالفعل بعد أن جمعنا بعض المال أخذ كلٌّ منا إجازة وذهبنا إلى باكستان، وأخبرنا والدينا أننا سوف نذهب جميعاً لأداء مناسك الحج. وأضاف، بينما الدموع تغالبه، قائلاً: تلك الليلة لن ننساها، حيث كانت دموع أمي سيدة الموقف، ولم تنم من فرحتها. وتابع رشيد خان فرحاً: اليوم نحن جميعاً في هذه المشاعر المقدسة، ونتجه الآن لرمي الجمرات الثلاث في ثاني أيام التشريق، ونسأل الله أن يبارك حجنا ويرضي والدينا عنا. وفي تنقلاتهم شاهدنا رشيد وقاسم يقومان على رعاية والديهما الطاعنين في السن، ولم يتركاهما ينزلان من عربتَيْ تنقلاتهما، يقول الأب: الحمد لله الذي حفظ لي ابنيَّ إلى هذا اليوم. وقال: أنا راضٍ عنهما كل الرضا، وأضاف: إذا وصلنا إلى باكستان سوف أقوم بتزويجهما في ليلة واحدة رداً لهذا المعروف الجليل الذي كنت أتمناه وأمهما منذ زمن بعيد. ولم يخف رشيد وقاسم فرحتهما بهذا الخبر السعيد، وأخذا في تقبيل والديهما في وقفة مؤثرة جعلت العدسة صامتة.. في مشهد فاضت فيه الدموع أمام حشود حجاج بيت الله الحرام المتوجهين إلى جسر الجمرات.