قتل في معارك السوم بين يوليو ونوفمبر من عام 1916 مليون و265 ألفاً، منهم 650 ألفاً من الألمان، و420 ألفاً من البريطانيين، و195 ألفاً من الفرنسيين، كل ذلك كان من أجل تحرير بضعة أميال مربعة من الأرض. تفانوا جميعاً فلا مخبر وماتوا جميعاً وهذا الخبر. فيا سائلي عن أناس مضوا أما لك فيمن مضى معتبر؟ ومازال سيل القرابين البشرية متدفقاً مستمراً، إلا أن التطور العالمي وصل إلى حقائق أساسية ثلاث تقول: الأولى: المضي في طريق القوة يُفضي إلى الانتحار الشامل للجنس البشري، وبذا بطلت مقولات الحر الرائجة في كل الكتب العسكرية بما فيها مسلمة (كلاوسفيتز) من أن الحرب هي استمرار للسياسة بطرق أخرى، حيث مع الجحيم النووي لن تبقى سياسة وسياسيون؟؟!! فليس أمام الجنس البشري اليوم سوى الانتحار أو الحوار. وتقول الثانية: من يملك العلم وبالتالي القوة بما فيها التكنولوجيا قد أدركت هذا التطور النوعي، وبالتالي تبنى عدم حل مشكلاته بالقوة، وهكذا ولأول مرة تتقارب فرنسا وألمانيا، بل وتفتح قناة تحت المانش لوصل الجزر البريطانية بالقارة الأوروبية في حدث لامع لافت للنظر في تطور علاقات التقارب. وتقول الثالثة: إن الحروب اليوم هي فقط حروب المتخلفين!! مع الانتباه إلى أن نهاية ومصير حروب المتخلفين هذه المرة ليست بيد المتخلفين فهم قد استحالوا إلى مسخرات في يد من يفهم سُنة التسخير، وهكذا تحكَّم في مصير الحرب العراقية الإيرانية مَنْ هم خارج اللعبة، فكان الطرفان يمولان بالسلاح من ثلاثين دولة!! بل إننا رأينا سقوط أعظم إمبراطورية عرفها التاريخ مدججة بالسلاح النووي ودون هجوم خارجي كما في الاتحاد السوفييتي، كما رأينا في نفس الوقت صعود دولة إلى قمة العالم دون أي سلاح على الرغم من مناشدة أمريكا المتواصلة لها في التسلح، وهي اليابان، وآيات عجيبة رأتها أعيننا في هذا العصر. الدرس البليغ الذي نأخذه من الحج هو أن السلام أحد أسماء الله الحسنى، وهو تحية أهل الجنة، وهو جوهر الإسلام الذي يريد تحقيق السلام في مستواه الداخلي على مستوى الفرد والخارجي على مستوى علاقات البشر بعضهم بعضاً. أما الأسلوب القديم في تقديم القرابين البشرية فقد ألغاه الإسلام وأكده تطور العلم الحالي.