على مدى أكثر من خمس سنوات، صور الفلسطيني عماد برناط المقاومة السلمية لبلدته في وجه إقامة الجدار الاسرائيلي فاتى بمشاهد قوية وحميمية جمعت في فيلم وثائقي عرض الجمعة في مهرجان ساندانس للسينما المستقلة. ويشارك فيلم “خمس كاميرات مكسورة” الذي ساهم في إخراجه السينمائي الاسرائيلي غاي دافيدي في المسابقة الرسمية لمهرجان السينما المستقلة الذي يستمر حتى 29 يناير في بارك سيتي في ولاية يوتاه (غرب الولاياتالمتحدة). وكانت بلدة بلعين في الضفة الغربية الواقعة على بعد عشرة كيلومترات تقريبا غرب رام الله استرعت انتباه المجتمع الدولي عندما بدأ سكانها يتظاهرون اعتبارا من العام 2005 احتجاجا على إقامة جدار الفصل على أراضيهم. وفي السنة ذاتها تلقى عماد برناط وهو قاطف زيتون كاميرا صغيرة بمناسبة ولادة طفله الرابع. وسريعا تجاوز استعمالها الإطار العائلي وراح عماد يصور مقاومة بلعين. ويقول غاي دافيدي المخرج والناشط الاسرائيلي الذي التقى عماد برناط للمرة الاولى العام 2005 عندما كان يعد فيلما عن مشاكل المياه في الضفة الغربية “كان يصور كل ما يحصل الا انه لم يكن يفكر بانجاز فيلم وثائقي”. في العام 2009، اتصل عماد بغاي ليعرب له عن رغبته في تحضير فيلم وثائي انطلاقا من المشاهد التي صورها. إلا أن أفلاما كثيرة كانت قد أنجزت حول الموضوع. ويوضح دافيدي “كان لدي شعور انه لا يمكننا ان ننجز فيلما من خلال وجهة نظره الا اذا استخدمنا المشاهد الاقرب اليه من الناحية الشخصية”. وافق عماد على ذلك وقد “خاطر كثيرا بالكشف عن مشاعره بهذه الطريقة” على ما يعتبر غاي دافيدي. ويتابع قائلا “فالبنسبة لفلسطيني يشكل انجاز فيلم حميمي وشخصي وتصوير زوجته وهو شخصيا في مواقف هشاشة وضعف (عندما يوقفه الجيش الاسرائيلي مثلا) امرا حساسا”. واتت النتيجة شحنة روائية وعاطفية قوية، إذ أن برناط لا يخفي شيئا عن التداخل الوثيق بين حياته الشخصية والأحداث في بلعين من توقيف أشقائه ومقتل أحد أصدقائه برصاص الجيش الاسرائيلي وعملية توقيفه والمخاطر اليومية التي تعرض لها بتصويره المتظاهرين. وخير دليل على هذه المخاطر عنوان الفيلم الوثائقي تحديداً، فقد احتاج إلى خمس كاميرات بعدما دمرت كلها خلال المسيرات أو المواجهات مع الجيش الاسرائيلي. ويواصل السينمائي قائلا “بالنسبة لعماد كان التصوير طريقة للاستمرار وعدم الاستسلام. وفي اللحظة التي بدأنا فيها العمل معاً أدركت أن الفيلم سيكون عن المثابرة”. ومع أن الفيلم يعكس بشكل واسع عنف الجيش الاسرائيلي في وجه التظاهر السلمي لسكان بلدة بلعين، إلا أن عماد وغاي رفضا “اعطاء صورة عن الواقع يتم التلاعب بها لأهداف إيديولوجية”. فيظهر الفيلم مثلا اجلاء الجنود لعماد بعد إصابته إصابة خطرة خلال إحدى التظاهرات، إلى مستشفى اسرائيلي. ويقول دافيدي “لقد أنقذ هؤلاء الجنود بهذه الطريقة حياته. وإذا سألت عماد يقول لك ان لا مآخذ شخصية له على الجنود”. وحول مستقبل عملية السلام بين اسرائيل والفلطسينيين يقول دافيدي ان ليس لديه “توقعات غير واقعية”. لكنه اضاف “أظن أن داخل المجتمع الاسرائيلي تيارات قد تفاجئ كثيرين وهي مهمة جدا. الكثير من الناس على الصعيد العاطفي، على وشك أن يغيروا رأيهم كليا”. ويختم قائلا “إنا على ثقة أنه ستتوافر نافذة سيكون خلالها التغيير متاحاً. والسؤال الأكبر سيكون عندها ماذا سيحصل في تلك المرحلة؟” عماد برناط | فلسطين | مهرجان السينما المستقلة