كان من أبرز الخلافات التي حالت دون الوصول إلى صيغ متفق عليها في توصيات لقاءات الحوار الوطني، وكان آخرها لقاء حائل، الاتفاق على مفهوم الخصوصية ومصطلح الثوابت، في خطاب الثقافة السعودية. ولا تنكر الأطراف المتحاورة، وجود هذه الخلافات، وهي تعكس ما تعج به الساحة الثقافية وتذخر به من نقاشات محتدمة، ناتجة عن الحوارات التي أفرزت خلافات حادة بالفعل بين المتحاورين، في المواضيع المطروحة للنقاش في القضايا المحددة كعناوين لدورة كل حوار أو القضايا الفكرية والثقافية المختلفة. وهو مناخ طبيعي، بل وصحي أيضا، خاصة أننا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بعالمنا العربي، وتعصف بثوابته الثقافية والدينية، نعيش أزمات تزيدنا تفرقاً، واختلافاً في الرأي والرؤى. إلا أنه لُوحظ كثيراً ما يخرج النقاش بين الأطراف المتحاورة، بتهم متبادلة وانفعالات عنصرية، وبعضهم يستخدم مصطلح «الثوابت» كفزاعة للوقوف في وجه الذين يخالفونهم الرأي، وهذا ما جاء على لسان أحد الذين شاركوا في مختلف دورات حوارنا الوطني. واتهامهم بخرق الثوابت، ومساندة الأفكار الدخيلة، والإرهاب الفكري، ولفت بعض المتحاورين النظر، إلى أن من المفارقات العجيبة، في تلك الاتهامات، أنها تأتي، بدافع المحافظة على الثوابت الوطنية والحرص على وحدة النسيج الاجتماعي. بينما هي في الواقع تعمل على تأجيج حال التوتر الفكري، وتزيد من حدة الخلافات في وجهات النظر، وفي الاتفاق على المصطلح الحقيقي للثوابت في هذا المجتمع، وكان من أهم ما اُختلف عليه في الحوار الوطني الاختلاف على الثوابت، بما يمارسه بعض المثقفين والكُتّاب، على اختلاف توجهاتهم، من نفوذ وسلطوية لفرض توجهات معينة ومعوقات اعتراضية، للحيلولة دون الاتفاق على كلمة سواء، ورأي يوحد الخطاب الثقافي في القضايا المختلفة. وقد طالب وقتها المتحاورون بضرورة وقف هذه الممارسات التي لا تخدم الحوار الوطني، ولا تسهم في تجسيد معاني الثوابت الوطنية بمفهومها الصحيح. «الكلمة أشبه بحد السيف» هذا ما أكد عليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في معظم لقاءاته بالعلماء والمثقفين والأدباء العرب، وكان آخرها مهرجان الجنادرية العام الماضي، حيث أكد لهم، أنه لابد من توحيد الكلمة في كل حوار، وأوصاهم أن يتقوا الله فيما يكتبون ويفكرون، وعليهم ألا يكونوا عبئاً على الأمة، فهم جزء مهم منها، والأمة تعتمد عليهم في الدفاع عن حقوقهم، وما يخدم قضاياهم العربية وذكرهم بأن دعوته للحوار بين أصحاب الأديان والعقائد، وأتباع الثقافات المختلفة، إنما هي دعوة للسلام والتآخي بين الشعوب، ولقاء الثقافات، في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة. وتقوم المملكة بدور مهم، في الاهتمام بالدور الثقافي للمجتمعات المدنية الإسلامية، وتعزيز الحقوق الثقافية وأهمية الأدوار الثقافية لهيئات المجتمع المدني في الدول الإسلامية، وتحديد المؤشرات والمعايير التي يجب الاتفاق عليها ضمن نصوص الحقوق الثقافية العالمية. التي يتم التنسيق عليها بين منظمتي «اليونيسكو» و«الإيسيسكو».