طالب أكثر من 70 مثقفاً ومثقفة في السعودية بضرورة التنوع في الخطاب الثقافي، وكانت جلسات الحوار الوطني السادس الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، شهدت نقاشات ساخنة، دفعت الناقد عبدالله الغذامي إلى القول إن «من بين الحضور من يقول بتكفير أشخاص يجلسون إلى جانبهم هنا. كما أن هناك أشخاصاً لا يطرحون السلام على أشخاص في هذه الجلسة». وطالب الغذامي بالابتعاد عن العموميات و «أن يواجه بعضنا بعضاً، في المسائل التي نتشابك فيها». الجدل الحاد الذي صبغ بعض جلسات الحوار الأخير دفع بعضهم الى الحديث عن «أزمة حوار في لقاء الحوار»، رغم أن العكس هو الصحيح. فالجرأة في الطرح، وتعدد وجهات النظر، وتنوع مشارب المتحاورين وتناحرهم، كلها مؤشرات الى تجاوز مشروع الحوار الوطني بعض المخاوف، فضلاً عن أن حوار الاحساء تناول ما يسمى «الخصوصية السعودية»، وطالب المتحاورون بالاتفاق على تعريف هذه الخصوصية التي أصبحت جداراً، يصد الكثير من التطلعات والأفكار. لكن مشكلة مشروع الحوار الوطني في السعودية ليست في التكرار، ولا في هيمنة فكر على آخر، أو حدة النقاش والتناحر، بل في تحول المشروع العظيم من منهج حياة وعمل الى مناسبة نخبوية، وإن شئت فإن الحوار الوطني صار «صالوناً أدبياً»، يلتقي فيه المثقفون كل سنة، يتبادلون السجال والاتهامات، ويختلفون ويتفقون، ويلتقطون الصور، ثم ينفض السامر الى العام الآخر، ناهيك عن ان الحوار الأخير، أشار في إحدى توصياته الى ضرورة «أن يكون مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ضماناً لحوار متكافئ ومرجعية لكل التيارات والأطياف كي تعبّر عن ذاتها». وهذا يعني أن ثمة رغبة جامحة في تحويل مركز الحوار الى مؤسسة بيروقراطية، تنظم الكلام بين أطياف المجتمع. الحوار الوطني وقع في خطأ جسيم خلال السنوات الماضية، فهو اعتقد أن دعوة المثقفين كل عام وطرح قضية للنقاش بينهم، سيفضيان الى تطوير لغة الحوار والتفاعل في المجتمع السعودي. وعوضاً عن نشر ثقافة الحوار من خلال وضع مناهج عمل تنفذ في المدارس، ووسائل الإعلام، وبقية مؤسسات الدولة، وتُختَبر نتائجها كل عام، لعب المركز دور الأندية الثقافية، ما يعني أن الحوار الوطني بحاجة الى معاودة نظر في استراتيجية عمله، وكفاءة القائمين عليه.