القصيم – خليفة الهاملي الدخيني: لن تُسقط الوزارة شروط وضوابط التثبيت. سعاد: تحمّس الوزير لمعاناتنا.. وتشددت «اللجنة» ضدنا. رحاب: أتمنى من الوزارة إلغاء شروطها وتثبيتنا دون قيد. نورة: الوزارة لم تُقدِّر خبراتنا ودورنا في خدمة التعليم. نادية: شروط اللجنة أعادتنا إلى دوامة الغربة والمعاناة. 29 شهراً مضت على صدور الأمر الملكي الكريم بتثبيت المعلمات البديلات ومعلمات محو الأمية، ومازالت تسعة آلاف معلمة محو أمية وبديلة خارج السياق الذي قضين فيها سنوات طويلة تحملن خلالها معاناة العقود المجحفة، وخدمن فيه العملية التعليمية بتعويض العجز في المعلمات في تخصصات معينة وأماكن نائية. وبعد مضي قرابة عام ونصف العام في دراسة أوضاع تلك المعلمات البديلات، توصلت اللجان المعنية بذلك إلى شروط بدت لهن مجحفة، إذ أهملت الاعتراف بسنوات الخبرة واشترطت أن يكن على رأس العمل، كما اشترطت اجتيازهن لاختبار «قياس» وحتى إذا تم التعيين فسيكون لثلاث سنوات، لتجعل من أحلامهن رماداً، وتخلف في قلوبهن غصة لم يبرأن منها. البديلات أصبحن يدركن جيداً أنهن لن يعملن في مجالهن، وأن الفرحة التي عاشوها بصدور الأمر الملكي بالتثبيت لم تكن من حقهن، بل استثنين منها بشروط اعتبرنها تعجيزية. فرحة لم تكتمل تقول المعلمة البديلة سعاد الحربي إن الشروط التي وضعتها اللجنة المعنية بالتثبيت تخالف الأمر الملكي، الذي ينص على التثبيت الشامل لجميع البديلات واستحداث وظائف لنا، حيث بدت الشروط التي وضعتها اللجنة تعجيزية وتحول دون التثبيت. وقالت نحن نطلب تثبيتنا دون شروط أو قيود مجحفة أدت إلى مماطلة وتهميش للمعلمات البديلات. وقالت إن القرار الملكي الأول تم بموجبه تثبيت 82 ألف متعاقد ومتعاقدة في شتى المجالات، وبالتالي فبقاء تسعة آلاف معلمة دون تثبيت ليس هو بالرقم المعجز لوزارة المالية للتثبيت. وتضيف أن القرار الملكي الأول الذي صدر بتثبيت العاملين على بند الأجور، استثنى المعلمات البديلات، ومن ثم صدر أمر ملكي آخر بتثبيت البديلات ومعلمات محو الأمية.. وفرحنا كثيراً بالقرار وعلقنا عليه كثيراً من الآمال والطموح، ولكن ما لبث أن صدر تعميم من وزارة التربية والتعليم وضع شرطاً لم يكن موجوداً في القرار الملكي، وهو أن التثبيت لمَنْ هن على رأس العمل. وتستطرد قائلة: إن هذا الشرط استثنى كثيراً من البديلات، فمعظمنا خريجات قديمات وتم اختيارنا بموجب مفاضلة لوزارة الخدمة المدنية وفق الأجدر والأعلى نقاطاً، وأرسلت أسماؤنا إلى وزارة التربية والتعليم للتعاقد معنا، وقبلنا بهذه العقود المجحفة التي تحمل عديداً من البنود الصعبة، ومنها عدم تمتعنا بأي إجازات رسمية وعدم قبول غيابنا سواء بعذر أو بغير عذر، مع خصم يومي الخميس والجمعة والعطلات من الراتب، فرواتبنا، تحتسب على قدر الساعات والأيام التي نعمل بها، بالإضافة إلى تحملنا ضغوط العمل وتكليفنا بمهام إدارية أخرى، فصبرنا لسد حاجة الناس وأملاً في التثبيت، ولكننا فوجئنا في سنة التثبيت بتعاقد الوزارة مع خريجات جديدات وتم تثبيتهن رغم أنهن أحدث من المعلمات البديلات اللاتي كان ينبغي أن تكون لهن الأولوية في التثبيت، رغم أنهن خدمن في وزارة التربية والتعليم وغطين العجز لديها في المعلمات، وانتهى بهن الحال إلى عدم تجديد عقودهن. تحمّس الوزير.. وتشددت اللجنة وتشير إلى أن وزير التربية والتعليم كان قد ذكر أن لنا الأحقية في التثبيت أكثر من غيرنا، ورفع بشأننا خطاباً للمقام السامي ذكر فيه أننا الأولى بالتوظيف، وأن تحديد مَنْ كن على رأس العمل لا يحقق انتظام العملية التعليمية نظراً لارتباط المعلمة البديلة بإجازة المعلمة الرسمية، وبموجب هذا الخطاب أصدر الديوان الملكي توجيهاً بتشكيل لجنة من وزارات التربية والتعليم والخدمة المدنية والمالية، أمضت عامين ونصف العام إلى الآن وهي تتدارس قضيتنا دون أن تبدي أي حلول ودون إخبار المعلمات البديلات بشفافية بما يدور داخل اللجنة بصفتنا أصحاب القضية والمعنيين بها. قرارات تعسفية وتحكي المعلمة البديلة ندى الأنصاري، خريجة عام 1425ه تخصص تاريخ، معاناتها، فتقول جاءني العقد الرابع واستبشرت خيراً كالعادة، وذهبت لمدرستي فإذا بالمديرة تقول لي لا أحتاج لمعلمة تاريخ، بل أحتاج لمعلمة رياضيات أو لغة عربية. فقلت لها ما ذنبي إن تم توجيهي للعمل محل معلمة تخصصها لغة عربية، ما يعني أن ثمة خطأ في عقدي. وتقول ذهبت إلى إدارة التربية والتعليم، وبقيت حائرة بين مشرفة وأخرى، كل منهن ترسلني إلى الأخرى، وكأنهن يواجهن مثل هذا الخطأ لأول مرة. وتستطرد قائلة أفهمتهم الموضوع في اتصال لهن بي، فإذا بالمسؤولة تخبرني بأني إما أن أقبل بالعمل كمعلمة لغة عربية أو لا أقبل وهذا حال التعليم. وتقول لأمانتي استخرت الله فلا أستطيع تدريس تخصص مختلف تماماً عن تخصصي وفي المرحلة الإبتدائيه التي تعد مرحلة تأسيس، حتى فوجئت بعد ذلك بأسبوع بصدور القرار الملكي بالتثبيت، ولكن حتى الآن مازلنا نواجه قرارات تعسفية لا تعطينا حقنا رغم أننا خدمنا الوطن وبأداء وظيفي ممتاز، ومدارسنا ومديراتنا وشهاداتنا تثبت ذلك. تعنت غير مبرر وتقول المعلمة البديلة رحاب محمد الحربي إن مسمى البديلة استحدث عام 1426ه باعتبارها بديلة للمعلمة الأساسية التي تتمتع بإجازتها لأي سبب كان. ولا تحسب للبديلة سنوات خدمة، ولا تقاعد، ولا علاوات، والتعاقد معهن يكون بعدد الساعات بمقابل 44 ريالاً للساعة، ولا يتمتعن بإجازة وينتهي عملها برجوع الأساسية. وتقول الحربي حين صدر الأمر الملكي الكريم رقم 91/1 في 18 جمادى الأولى عام 1432ه بتثبيت المعينين على البنود استبشرنا خيراً حيث نص القرار على أن التثبيت يشمل جميع العاملين ببرنامج محو الأمية رجالاً ونساءً بالمسائي والصباحي، كذلك تثبيت المتعاقد معهم كمعلمين بدلاء على وظائف جديدة تحدث لهم. إلا أن وزارة التربية والتعليم خصصت التثبيت لمَنْ كنَّ على رأس العمل فقط، حيث تم تحديد سنوات من 1429 إلى 1432ه بينما همشت المعلمات البديلات ممن عملن في عام 1428ه وما قبله، رغم أحقيتهن في التثبيت. وتقول جميعنا انتظر التثبيت، خاصة بعد أن أفادت الوزارة بأنها ستعالج موضوعنا، وأن هناك قراراً سيصدر قريباً بهذا الصدد، ولكن مع الأسف جاء قرار اللجنة المكلفة بمعالجة وضع البديلات مجحفاً في حقنا، حيث تم وضع شروط لا مبرر لها شملت ضرورة اجتياز اختبار كفايات المعلمين «قياس»، الذي يستثني خبرتنا السابقة. كما تقرر تأخير التعيين ليبدأ بعد مضي سنة كاملة، وكان من المفترض أن نثبت مباشرة. كما اشترطت اللجنة أن مَنْ لم يعالج وضعها خلال ثلاث سنوات لعدم اجتيازها اختبار القياس يتم تعيينها على وظائف إدارية تتناسب والتخصص. وتضيف معنى ذلك أن على البديلة أن تنتظر ثلاث سنوات حتى يتم تعيينها على وظيفة تعليمية أو إدارية في حين أن عدداً كبيراً من البديلات تخرجن منذ أكثر من عشر سنوات، وهذا يخالف اهتمامات وتطلعات ولاة أمرنا وحرصهم على مصلحة المواطن. وتقول أتمنى من الوزارة إلغاء كل هذه الشروط، على أن يتم تثبيت البديلات دون قيد أو شرط، وفق مؤهلاتهن والأقدمية، هذا بالإضافة إلى معالجة أوضاعهن خلال السنوات الماضية، وأن تكون لهن الأفضلية من حيث العلاوة ومن حيث أماكن العمل. وتضيف لقد تشرفت بأن أكون ضمن الفريق الذي قام بحصر البديلات وبجهود من إدارة تعليم جدة ومتابعة من الوزير، حيث تم حصر كل البديلات ومعلمات محو الأمية على أمل أن تتحقق أمانينا وطموحاتنا التي انتظرناها منذ سنوات، وأملنا في الله ثم في ولاة أمرنا كبير. خيبوا آمالنا وتقول المعلمة البديلة نورة العتيبي إن قضيتنا التى امتدت لثلاث سنوات دون حل جذري أو مُرْضٍ لجميع البديلات. وقد شكلت لجان لحل هذه القضية ونالت فرصتها من الدراسة والاجتماع، وكان أملنا وطموحنا أن يصلوا إلى حل ينهي معاناتنا، لكن الصدمة التي منينا بها خيبت آمالنا في الحصول على التثبيت، حيث وضعت شروط تعجيزية منها اجتياز اختبار «قياس» والتعيين على ثلاث دفعات وحسب الاحتياج. وتتساءل: لماذا لم تقدر وزارة التربية والتعليم ما قطعناه من مسافات طويلة في العمل مخاطرات بأنفسنا لسد حاجة الوزارة ووفق عقود ظالمة، لنحرم من التثبيت بسبب تلك الشروط. وتقول لن نرضى بغير التثبيت ودون شروط أسوة بمَنْ سبقننا بالتثبيت. وتمضي قائلة نريد مَنْ يتبنى قضيتنا ويكتب عنا. فنحن المعلمات البديلات المستثنيات نعيش معاناة حقيقية في ظل مماطلة وتهميش المسؤولين لنا لأكثر من عامين. تفسير خاطئ وتحكي المعلمة البديلة نادية الشهري عن تجربتها، فتقول أنا معلمة بديلة محو أمية تخرجت في كليتي وكلي أمل أن أخدم بلدي حتى الممات، وتم التعاقد معي كمعلمة محو أمية للكبيرات. وعلمتهن ولله الحمد حتى أصبحن يعرفن القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكريم، وكنت أبتغي الأجر فيهن، وأعلم أن الله لن يضيع تعبي وسيتككل نجاحي بالتثبيت. وفعلاً صدر مرسوم ملكي بتاريخ 1426/6/25 يقضي بتثبيتنا، ولكن للأسف حرمنا من التثبيت وانقلبت فرحتنا إلى أحزان، ومع ذلك ظللنا نعمل بجد واجتهاد في مدارسنا مغتربات عن مدننا وأسرنا، بل إن بعضنا تم التعاقد معها في قرى نائية لا يوجد بها حتى الكهرباء. وبعد فترة صدر مرسوم ملكي جديد يفتح باب الأمل أمامنا للتثبيت، وكان ذلك عام 1432/3/23ه، ولكن أيضاً ابتلينا بمَنْ اغتال فرحتنا وتم استثناؤنا للمرة الثانية دون أي سبب سوى أننا لسنا على رأس العمل. وتتساءل أي منطق هذا؟ أيعقل أن يتم تثبيت مَنْ لم يمض على عملها كمعلمة سوى شهر أو أسبوع، في حين تستثنى مَنْ عملت وخدمت بلدها لسنوات طويلة لمجرد أنها ليست على رأس العمل؟ ورغم صدور أمر ملكي إلحاقي بخصوص تثبيت المعلمات البديلات ومعلمات محو الامية، بقي هناك مَنْ ينغص فرحتنا ويلون لوحة أحلامنا بالسواد، ويتعب قلوبنا العطشى للوظيفة. فقد فسرت الوزارة مقصود الأمر الملكي بطريقة وضعت في طريق تثبيتنا العقبات، بشروط تعجيزية. وتتساءل لماذا يشترط اجتيازنا لاختبار «قياس» ونحن معلمات ولسنا حديثات عهد بالتخرج حتى تجرى لنا اختبارات قدرات، ولماذا يكون التثبيت حسب الاحتياج المكاني؟ وتقول إن هذا تعيين وليس تثبيت. وتستطرد قائلة لقد عشنا مغتربات في صحاري وقفار وقرى تكاد تكون خالية حتى من البشر، واليوم نكافأ باشتراط تثبيتنا حسب الاحتياج المكاني، لنعود مجدداً إلى دوامة الغربة والتشتيت، وتضيع فرحتنا بهذا التثبيت، وحاجتنا إلى الأمان الوظيفي والمكاني بجانب أسرنا أسوة بمَنْ سبقننا من أخواتنا المثبتات. لا تنازل عن الضوابط من جانبه، يؤكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم محمد الدخيني ل «الشرق» أنه لن يتم إسقاط شرط اجتياز اختبار كفايات المعلمين «قياس» وسائر شروط وضوابط التوظيف لتعيين المعلمات البديلات التي أعلن عنها سابقاً. وأوضح أنه سيتم تعيين المعلمات البديلات اللاتي تم التعاقد معهن لسد العجز ومحو الأمية على وظائف تعليمية وإدارية في الوزارة حسب المؤهل التعليمي من بداية العام المالي المقبل على مدى ثلاث سنوات مقبلة، ولن يتم توجيههن للقطاع الخاص أو المدارس الأهلية. وأكد أن المقياس في الوظيفة الإدارية والتعليمية سيكون حسب استيفاء المعلمة لشروط الوظيفة التعليمية أو تحويلها لوظيفة إدارية. وأشار الدخيني إلى عدم وجود رقم محدد يستطيع الإعلان عنه بأعداد المعلمات البديلات، مبيناً أن جميع ما يتداول عن أعدادهن غير دقيق وستتضح الأرقام الصحيحة لهن بعد انتهاء الحصر الحالي في الخامس من ذي الحجة المقبل، مضيفاً أن الإجراءات جارية لحصرهن بشكل عام، ومن ثم السعي في الإجراءات التي أصدرها المقام السامي. ** وتبقى القضية معلقة.. فالشروط التي وضعت لتثبيت البديلات لم تحل الأزمة، بل زادتها تعقيداً.. فلم تأت على الخبرة التي نالتها تلك المعلمات، ولم تلتفت إلى الظروف القاسية التي عاشوها من قبل.. بل هي باختصار تقود نحو إقصائهن ولكن بصورة نظامية. تُرى.. هل تعيد الوزارة التفكير في تلك الشروط وتثبّت المعلمات البديلات إعمالاً للأمر الملكي دون قيود أو شروط تعجيزية.. أم أن أوان العلاج فات ولن تلتفت الوزارة إلى تلك المعاناة؟