يوميات بيت هاينريش بول نصوص تنشر أسبوعياً، من «يوميات بيت هاينريش بول»، التي كتبها الشاعر أثناء إقامته الأدبية، بمنحة من مؤسسة «هاينريش بول» بألمانيا - له فتحتُ باباً له شَرَّعتُ نافذةً له وله بسطتُ سجادةَ الدار كي يَلمَّ نثارَ صلواتٍ ثكلى ثنيتُ له الرُكبَ وأوشكتُ على السجود له هيأتُ الكتبَ والقراءات وقلتُ الكلامَ كلَّه لَه، لئلا يلتفتَ بغتةً فتنتابه الوحشة. وحين انعطفتُ نحو الكتابة، لم يبقَ نصٌ ولا كتابٌ إلا و أخذَ منه الصفاتِ والطبيعة . *** – مكان هذا المكانُ القصيُّ في خريطة الريح القصيُّ في الروح جئتُ أستعيدُه من ضَوارٍ انتهبتْ جنَّتَه ذاتَ ليل في بيتٍ يستعصي على المعنى قريبٌ من الغموض الأعلى شهقتُ به في هَدهَدةِ الحقل أكشفُ الوحشةَ عنه أُخفيه عن أعين الوحش أحداقٌ لها أظافرُ وأظلافٌ وحوافر ولها أخبارٌ داميةٌ تَجْهَرُ بالكوامن غيرَ أنَّ المكانَ الأقصى .. المكانَ الغريب يتماهى وينثالُ في ساعة الرّمْل. *** – البيت في البيت الذي من خشب الغابةِ وطينِ الأرض وذكرياتِ القاطنين أنالُ حصتي من شغف الكتابة قبل أنْ ينالني الوهنُ وعثراتُ الحواس نوافذه أكثر من أبواب الهواء في الغابة خشبُه أكثرُ من أحجارِه الصمتُ فيه ينقُضُ الكلامَ بيتٌ منسكبٌ على سجادة العشب مندفقٌ نحو الحديقة والغابة لتاريخه رحابةٌ واحتضانٌ للدفء فيه نكهةُ كائناتٍ تشردُ من العسف مستجيرةً بحنان الكون بيتٌ يسهرُ على أحلام الكتابة. *** – رعاة ليتَ الرعاةَ إذا مَرُّوا على بيتي يرون دمي وإنْ عبَرُوا خِفافَ الوقع أسمعُهم يُغنُّونَ النشيدَ ويُبطئونَ مسيرَهم ولعلهم قالوا لشخصٍ واقفٍ: يا طيفُ .. هل تأتي؟. سأجُنُّ بالمرعى إذا انطلقتْ قطعانُهم، يا ليتني خَففتُ من صوتي هذي السهوبُ تَضِيقُ بي ويَفِيضُ بي شجنُ الغريبِ مُضرّجُ القنديل والزيت. جاءَ الرعاةُ مشوا بطيئاً واستداروا يسألونَ عن الغريب ولم أكنْ في الشخص، هل عثروا على موتي؟