تنظر في وجوه الملأ فلا ترى إلا وجوها كوجوه كفار قريش في مسلسلات رمضان وهم يضحكون حول المائدة ببلاهة وجشع وينادون: أين «النبيز» أيتها «القارية»!. تنظر للإعلام فلا ترى إلا وجه أبي دلامة مهرج البلاط، فيضيق بك المكان والزمان ذرعا فتهرب إلى الفضاء لتتلقفك «حبابة وسلامة» جاريتا يزيد بن عبدالملك وقد اندلقت لحومهن من ملابسهن يحدثنك عن الفن والتنوير والثقافة وحقوق الإنسان!. لم يتغير شيء يا صاحبي فكل الأدوار كما هي ولم يبق إلا دورك أيها الكاتب ناقصا لم تقم به بعد، لم تدفن كتاباتك كما دفن أبو حيان التوحيدي كتبه ولم تقتنع حتى الآن بما اقتنع به الكتَّاب القدماء قبلك حين قال الجاحظ وقد أصابه الشلل النصفي ردا على دعوة وصلته من بعض أعيان القوم: »وماذا يريدون بمثلي؟ شق مائل ولعاب سائل!»، فكان يعلم أن لا مكان له في نعيمهم طالما هو مجرد فكرة خالية من سفاسف المتعة!. هرب عبدالله بن المقفع من بشريته وتحول إلى كل حيوانات الغابة حين ترجم كليلة ودمنة لكي يستطيع أن يقول بألسنة الحيوانات ما لم يستطع قوله بألسنة البشر. وقد جاء في كليلة ودمنة النسخة المطورة أن الأسد دبشليم كان يغرد فرد عليه القرد بدعابة فقال دبشليم:»هه هه هه لقد منحتك قصراً». ذهب بعدها الثور شتربة خادم دبشليم وسأل الماعز الحكيم الذي كان مشغولا بتصوير حلقات المسلسل الكرتوني «سنان» لماذا يفعلون ذلك مع القرد ولا يفعلونه معنا؟ فرد الماعز الحكيم قائلا: سألت جدي نفس هذا السؤال فقال لي إنها عقوبة من الله لأننا نحن نأكل الأعشاب المسكينة فسكت الثور شتربة وعاد إلى الحظيرة مسرورا!. و استرسالا في عالم الحيوان فقد سألوا أحد العلماء كيف جمعت العلم فقال: ببكور كبكور الغراب وبحث كبحث الدجاجة وجمع كجمع النملة!، فقلت في نفسي: لله دره! ما وصف الكتّاب إلا هو، فكم فيهم من شمائل الغراب والدجاجة والنملة!.