الدرباوية خطر أخلاقي. إنه كلام حقيقي، وليس مجازاً، ولا كناية، ولا مواربة. جوهر الخطر يكمن في استفحال مشكلة العبث بالمركبات، والتصرف بها على نحو تتساقط معه ضحايا، وتتكاثر الحوادث، وتتزايد الخسائر المادية. والموضوع متجه نحو الخروج عن السيطرة، السيطرة التي تعني ضمان أمن وسلامة الناس. وعلى امتداد خارطة الوطن، هناك سلوكيات «درباوية» مرعبة، تتداخل فيها المخالفات المرورية الخطرة بالجرائم الجنائية التي تمرّ بالمخدرات والشذوذ الأخلاقي، وقد تصل إلى حدّ إزهاق الأرواح عمداً أو خطأً. وما حدث في محافظة حفر الباطن يمثل نقطة من نقاط الذروة التي وصلت إليها مخالفات الدرباويين محترفي العنف المروري. ولم يتوقف الأمر عند عنف المركبات وفنون المخاطرة الشرسة والاستعراضات المميتة، بل تعقد الأمر وتخطى المناورات حتى وصل إلى استخدام السلاح وإسقاط ضحايا. ما حدث في حفر الباطن، وما يحدث في مناطق كثيرة من بلادنا، يدق جرس الإنذار، ويُعلن عن حالة خطرة علينا التعاطي معها بجدية وعمق ومعالجة، بدءاً من تجفيف منابع العنف المروري الذي يمثله التفحيط وتجمعاته وسلوكياته الشاذة. لا يمكن السكوت عن استمرار الظاهرة، والأجهزة الأمنية والمرورية تبذل جهدها، لكن الأمر لا يزال خارجاً عن السيطرة، لا يزال الضحايا يتساقطون والخسائر تتزايد. واللجان التي تعمل لمواجهة المشكلة سرعان ما تفتر وتعود إلى مكاتبها ليعود الدرباويون إلى «برحات التفحيط». الدرباوية خطر اجتماعي وأمني، ولا حرج من وصفه بأنه نوع من الإرهاب الاجتماعي الذي يهدِّد السلامة ويعرّض الشباب لانحرافات من الصعب علاجها. والمطلوب هو المواجهة على نحو أشدّ حزماً مما هو معمول به الآن. لابدّ من استقصاء الحالة على اعتبار أنها مشكل اجتماعي وأخلاقي ومروري يجب أن يُحلّ جذرياً، وتخطي الحلول الميدانية المؤقتة الحالية إلى البحث عن حلول مستقبلية تجنب شبابنا التورط في مثل هذه الممارسات المستفحلة.