لكل جزء من أحسائنا الغالية تاريخ دفين وأسرار خفية تندر فيه المراجع والمصادر مما يجعل كتابة التاريخ أمراَ ليس بالسهل ولكن ما يعزينا ويسلينا هو خروج نخبة من أهل الأحساء حملوا على أكتافهم مهمة كتابة التاريخ والسعي الحثيث لتدوينه ومناقشته مع ضعف المصادر، ولعل من أشهر ألوية الأحساء في الفترة الأولى من الحكم العثماني هو لواء العيون الذي يسعدني أن أقدم لكم بعض المعلومات عن قلعته وحاميته العسكرية إبان الحكم العثماني للأحساء. أطلق العثمانيون اسم لواء العيون على واحة العيون التي تقع في الجزء الغربي لميناء العقير التاريخي والجزء الشمالي للأحساء ويندرج تحت لواء العيون عدد من القرى مثل القرين والجرن وغيرها (انظر واحة الأحساء – فيدال ترجمة د. عبدالله بن ناصر السبيعي)، ويذكر الدكتور عبدالكريم الوهبي في كتابه «العثمانيون وشرق شبه الجزيرة العربية» أن هذا اللواء تم تشكيله في وقت مبكر من حكم العثمانيين حيث تمت الإشارة إلى وجوده في ذي القعدة من سنة 961 ه / أكتوبر 1554م وكان يطلق عليه اسم عيون سنجاقي ويشير أيضاً إلى أهميته سواء من الناحية السكانية أو الناحية الزراعية وهناك وثائق عثمانية تسمى بالأحكام تذكر لواء العيون وما يتعلق به من منح التيمار – وهو منحة للقادة العسكريين لا تورث بحيث يكون على فلاح التيمار أن يزرع الأرض مع الوفاء ببعض الالتزامات في مقدمتها توريد عشر المحصول 10% لصاحب التيمار -والزعامة والترقيات وهذا يدل على أن لواء العيون ينتج قدراً ليس باليسير من المحاصيل الزراعية وكذلك لا ننسى الدور البارز للواء في الأوضاع العامة بالنسبة للأحساء عموماً حيث كان يتم تكليف أمير لواء العيون في إدارة شؤون الأيالة لحين عودة أمير أمراء أيالة الأحساء من حملاته العسكرية انظر: (العثمانيون وشرق شبه الجزيرة العربية) د. عبدالكريم بن عبدالله الوهبي). وتشير الوثائق العثمانية إلى وجود حامية عثمانية حيوية ترابط داخل قلعة حصينة تستخدم كمقر رسمي لأمير اللواء وهيئته الإدارية وتعتبر البلدة القديمة قلعة أكبر حجماً من قاعدة اللواء حيث كانت محاطة بسور محصن وبه عدد من أبراج الحراسة والمراقبة وكان السور مزوداً بعدد من المدافع وكذلك محاطًا بخندق يملأ بالماء عند الضرورة ويتم زيادة الجنود العثمانيين عند الأزمات. على ما يبدو من الدراسة أن نزوح أهل العيون من شمال شرق البلدة القديمة ( طليلة) إلى البلدة القديمة والتي تسمى الآن بالديرة كان قبل عام 963 ه فلا يوجد مكان في العيون أشبه بالقلعة سوى العيون القديمة أو ربما بعد مغادرة العثمانيين للأحساء في الوقت الذي ضعفت فيه الدولة العثمانية عن إدارة شؤون الأيالة وتركها لإدارة المنطقة للقوى المحلية سنة 1082 ه على وجه التقريب فنزح أهل ناحية العيون إلى الديرة القديمة ويعرف كبار السن أسماء بعض الأماكن التي استخدمها العثمانيون في الفترة الثانية مثل بيت الخيل وبيت العسكر وأيضاً يتذكرون جيداً بوابات الدخول والخروج والتي تسمى بالدراويز والممرات المسقوفة التي تسمى بالساباطات وكلها ذات مدلول قوي على وجود الحامية العثمانية داخل الديرة القديمة وأيضاً ذكرت الوثائق العثمانية أسماء بعض الضواحي لناحية العيون مثل ضاحية عجب (انظر الأرشيف العثماني – نظارة الداخلية dh.mkt ملف 655 وثيقة 82 تاريخ ا2 ذي القعدة 1320 ه)، وهذا يثبت أيضاً أن العيون القديمة كان لها ضواحي متصلة بها إلا أن البحث لم يصل إلى يقين عن مكان هذه الضاحية. جاءت هذه المقالة لتوضيح ملابسات تحديد مكان الحامية العثمانية في مدينة العيون وهناك معلومات قيمة جداً عن الآثار والأماكن والمناطق الزراعية في الأحساء وعلى وجه التحديد بمدينة العيون مستقاة من وثائق عثمانية مازالت تحت البحث والدراسة.