تصعقك المأساة أحياناً بحالةٍ من «الصمت المخزي»! فحين تلتقط بسمة هانئة في موضع لا يحتمل الابتسام؛ برؤية وجهٍ بشري لفحته الشمس وبللته الأمطار -في الغياهب والدجون- طوال تسعين عاماً فيما هو ينضح بالوضاءة والرضا فاعلم أن هناك سراً دفيناً لن تستطيع بغرورك ككاتب – ناهيك عن مسؤول بليد- الوصول لكنْهِه وأسراره!؛ ولذا سأترك للمأساة التحدث عن نفسها من خلال سطور الزميل «عبدالله البارقي» بقصته عن «نساء الكهف»في «أودية الصهاليل بجازان» وهن (شريفة، وزرعة، وسعيدة؛ بجانب «شارة» و«زائدة» اللتين لم تستطع «الشرق» الوصول إليهما ل «دنو الظلام ووعورة الطريق» أولئك النسوة (أكبر صور معاناتهن ما يحيط بهن من فقر وحرمان من حقوقهن في الضمان الاجتماعي، والجمعيات الخيرية، والعلاج)؛ تقول شريفة:(إنها لا تعرف الضمان وتسمع به من الناس، ولا تصلها مساعدات الجمعيات الخيرية لعدم حمل الهوية الوطنية التي تعبت للحصول عليها)، أما «زرعة الصهلولي» فهي (تعيش في كوخ الجبل، وهي الأخرى رحل أهلها وتركوها لتكمل معاناة العصور السابقة، لا تعرف الكهرباء، ولا تصلها المياه إلا عبر بركة ماء تمتلئ من السيول)! تقول زرعة: (منزلي لا أبواب له وهو هذا الكوخ الذي يظلني من حرارة الشمس ويقيني من الأمطار، غادر أهلنا وها هم تحت التراب، وأصبحنا ننظر لقبورهم كل يوم، وسنغادر الدنيا ولم نحصل على بطاقات، ولا على ضمان، ولا مساعدات الجمعيات الخيرية)؛ وأخيراً: (غادرت «الشرق» قرى الأودية الوعرة بعد رحلة استمرت عشر ساعات، محملة بكثير من صور المعاناة والبؤس، وتسرد وعورةُ الطريق عديداً من قصص الألم)؛ فيا لهذا الألم الدفين الذي يتكاثف سنة بعد أخرى على ساكني القرى المنسيّة خصوصاً الجبلية منها شرق جازان دون أن يلتفت أحدٌ لمعاناتهم! فعذراً منكن يا «نساء الكهف»! وعذراً من الله حين ترفعن إليه أياديكن!