حُرم سكان ديار الصهاليل من مشروع السقيا على مدى عامين، وحفيت أقدام سكانها وهم يطاردون مشروع طريقهم، الذي وجد منفذاً في وزارة الطرق، فقرروا أن يأخذوا بعض المسكنات من مركزهم الصحي الذي يحتاج لإنعاش عاجل، كي يعيد الحياة له قبل أن يسهم في علاج حياة الآخرين. على الورق يشكو السكان عدم تعبيد الطريق الذي كان متوقعاً انتهاء العمل فيه قبل 6 أعوام، آملين من المشروع التخفيف من معاناتهم، وتسهيل توفير الخدمات الأخرى.فعلى بعد نحو 150 كيلو مترا من مدينة جازان، تقطن قبيلة الصهاليل في مرتفعات جبلية شاهقة الارتفاع، وكان حلمهم أن يشاهدوا طريقهم الذي أهلك أنفاسهم، وأسقط أجنة نسائهم، بسبب وعورته، كما أن دراسة الأبناء تتوقف بين الحين والآخر، حينما تسيل أوديتهم.يقول المواطن محمد حسن الصهلولي، أحد سكان الصهاليل، وخلال جولة “الشرق”، إنه تفاجأ عندما علم أن الطريق “نفذ قبل نحو 6 سنوات”، وأن الدولة صرفت ميزانية تقدر ب 80 مليون ريال، وأن الطريق تصرف له ميزانية صيانة سنوية”، مطالباً الجهات المختصة بالتقصي حول هذا الطريق.وأضاف الصهلولي، إن الأهالي يترددون إلى إدارة الطرق في المنطقة دون جدوى، مشيراً إلى أن الطريق غير المعبد جعل قرى الصهاليل التي يسكنها أكثر من 2000 نسمة يعيشون معزولين عن العالم، بسبب نقص جميع الخدمات الأساسية، من كهرباء وماء وشبكات الاتصالات “إنترنت”. والكهرباء وصلت لبعض السكان، بينما ينتظرها آخرون. طريق بلا سفلتة وأوضح حسن الصهلولي إن المواصلات قامت فقط بمسح الطريق بالآليات، دون سفلته، وتأتي هذه الآليات مرة أو مرتين في العام لتقوم بمسحه مرة أخرى، ودفن الحفر، وإزالة الكثبان والصخور، مشيراً إلى أن الأهالي يصلحون الطريق الرملي الممسوح بعد أن يتضرر بسبب هطول الأمطار على نفقتهم الخاصة، ويكلفهم ذلك آلاف الريالات في كل مرة، مبيناً بأن بلدية “هروب” قامت بإنشاء عبَّارة في التقاطع المؤدي إلى الصهاليل، الذي يعتبر منفذاً إلى قرى الصهاليل، وبقية محافظات منطقة جازان، ومع هطول أول الأمطار بعد تشييد العبارة، تهدمت أجزاء كبيرة منها، ما سبب الذعر لسائقي المركبات خلال تجاوزهم العبارة، مشيراً إلى أن تنفيذ المقاول كان غير متقن، والرقيب كان غائباً، كالعادة. عامان بلا سقيا ويقول المواطن جابر الصهلولي: إن جميع قرى الصهاليل، ومنها وساع، والجبرية العليا، والجبرية السفلى، وقليلة الجنوبية، والشمالية، وغيرها، محرومة من مشروع السقيا دون أية أسباب. ويضيف جابر الصهلولي إن الأهالي عجزوا من المطالبات، ولم يجدوا جواباً شافياً حول ذلك الحرمان من مشروع السقيا، الذي يأتي لكل القبائل المجاورة، إلا الصهاليل التي سقطت من أجندة مشروعات وزارة المياه. وأوضح الصهلولي بأن المواطنين عمدوا إلى مد أنابيب من بعض عيون المياه، التي قد تكون ملوثة، لإيصال المياه إلى منازلهم بطرق بدائية. مركز صحي متهالك ولم تتوقف شكاوى الصهاليل عند حد معين، فقصص الوفيات بسبب نقص الخدمات الصحية تتوالى، وكان آخرها وفاة طفلة بسبب ارتفاع درجة حرارتها، ووعورة الطريق، وبعدها عن مستشفى صبيا مسافة 10 كلم، فلفظت أنفاسها قبل وصولها إلى المستشفى.ويقول المواطن قاسم الصهلولي: إن مركز الرعاية الصحية في الصهاليل غائب، وكثير من المواطنين يعانون من سوء الخدمات، ومن مبناه الذي تهالك، والذي أصبح بحاجة إلى عملية جراحية تنقذه هو قبل البشر المفترض فيه أن ينقذهم. ومع نهاية دوام كل يوم، لا توجد خدمة صحية. وفي نهاية الأسبوع تكون الكارثة بالنسبة لتلك القرى، لأن المصير محدد بقطع الوقت حتى مستشفى صبيا (120 كلم)، ومن يصل ذلك المستشفى فقد كتب له عمر جديد. ويضيف قاسم إن كثيراً من حالات اللدغ، وحالات الولادة، وغيرها، كان لها مضاعفات بعد وصولها للمستشفى بفعل المسافة القاتلة، وربما تتجاوزها حالة المريض، أو يكون مصيرها العودة من منتصفها. مسؤول يتفاجأ “الشرق” أجرت اتصالاً مع مدير مياه جازان، المهندس حمزة القناعي، الذي تفاجأ بتوقف مشروع السقيا، قائلاً “السقيا متوقفة لسنتين في الصهاليل!”، مبيناً وجود مشروع معتمد لها، وأضاف “سأتأكد من ذلك”. كما حاولت “الشرق” الاتصال بمدير إدارة الطرق في جازان، المهندس ناصر الحازمي، الذي لم يجب على الاتصال، وتم إرسال رسالة نصية طلبنا فيها رداً حول مشروع طريق الصهاليل، لكنه لم يرد، وما زالت المحاولات مستمرة.